الأحد 26 حزيران (يونيو) 2016

هل ندعم الصهيوني المحتل ونشاركه القتل ؟

الأحد 26 حزيران (يونيو) 2016 par جمال أيوب

أصبحت السمة الرائجة في مجتمعات باتت ركائزها الأولى تعيش حالة المادة , لذا كان من اللازم أن نحتــاج إلى تعريف هذه المفردة حتى لانتجادل في بيئة خطابية غير قابلة للتداول , وخاصة ونحن في زمن تبدلت فيه الأدوار وانقلبت فيه المعادلات ,وتجاوزت المتغيرات الطارئة كل التوقعات ,حتى أصبح التناقض ترادفاً والأضداد تطابقاً ,وسقطت فيه القيم وانهارت فيه المنظومة الأخلاقية,واصبحنا نحتاج فيه أن نعرف المعرّف ونشرح المسلّم به، وذلك بسبب غسيل المخ والدماغ الذي يحاول أن يمارسه البعض علينا ، في ظل النفاق الاجتماعي والسياسي الذي يطفو على السطح في حياتنا اليومية .
يبدو أن ذاكرة الامة أصيبت بالعطب فأصبحت غير قادرة على العمل فهي من جهة ترفض ما يرتكبه الصهيوني من جرائم بحقها وبذات الوقت تنسى وتساهم طوعاً أو كرهاً في ارتكاب الجريمة ، تلك أمة لا تصنع الحدث بل تنفعل معه كما في مقاطعة البضائع الامريكية ولو نسبياً رداً على احتلال العراق ودعمه لارتكاب المجازر في فلسطين أو مقاطعة بعض الدول الاوروبيه لمساندتها مواطنيها في قضية الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم والاساءات المتكررة لديننا، فأحيانا تصحو من غفوتها لتثور على الحدث ، تنفعل ، تملأ الدنيا ضجيجاً ثم تدخل للغيبوبة وكأنها حققت ما ثارت لأجله وانتهت كل الاخطار التي تهددها ، هذه الأمة لو كانت واعية فعلاً ومدركة لما يدور حولها لجعلت مقاطعتها لقاتليها مشروع حياة تمارسه بشكل يومي لتشارك في المعركة المحتدمة ولا تتخلى عن مسؤولياتها وواجبها تجاه ما يجري ولا تختصره برد فعل على مجزرة أو إساءة ثم تعود بعدها لتساهم بالجريمة سواء بصمتها أو بدعمها المادي للمجرم بشراء منتجاته التي تصب في النهاية باتجاه قتلنا ، وبهذا ليس لأحد أن ينكر أن ابناء هذه الأمة يشاركون المجرم الصهيوني بقتل اخوانهم في فلسطين وضعاف النفوس منهم يعملون معه في معسكراته وقواعدة بمهن وضيعة مقابل راتب مجزي مخزي ، ولا ننسى الصهيوني بحصار وقتل أهلنا في فلسطين .
لا شك أن الأنظمة قد اتخذت “السلام” مع المحتل كخيار استراتيجي لا تراجع عنه فارتهنت كل مقدرات الامة خدمة لمصالح شخصية ، وعلى الشعوب إن لم تكن تؤمن بهذا الاعتقاد أن تضطلع بمسؤوليتها وتمارس حقها بالدفاع المستمر عن وجودها ومستقبل ابناءها بمقاطعة فاعلة نتائجها ايجابية ملموسة وتجنبها قمع وسجون الانظمة إن كانت تعاني من عقدة الخوف والاستسلام ، فهي من ناحية ستؤلم الدول التي تقوم على مبدأ النفعية وسيطرة رأس المال المستثمر بشركات لها قوة التأثير على صانع القرار الذي سيرضخ لسطوة رجال المال الباحيثن عن مصالحهم ولن يقف هؤلاء مكتوفي الايدي في حين شركاتهم تنهار تحت وطأة خسائر فادحة ، ومن ناحية أخرى لن تكلفها شيء بل ستشجع الصناعة المحلية وستكون حافزاً لها لتقدم البديل المحلي ولن يكون بمقدور الانظمة مهما امتلكت من بطش وقوة أجبار مواطنيها على استهلاك سلعة لا يرغبونها ، وستكون المقاطعة التي يستيهن بها البعض سلاحاً مؤثراً على القرار الخارجي والداخلي بما يخدم قضايانا ، وهذا سلاح مجرّب لا ينكر فعاليته إلا أصحاب المصالح والامتيازات الذين يعتبرون الاوطان أرصدة وأعطيات وأولئك الذين يسيّرهم جشعهم الباحثين عن مصلحتهم ولو كانت لدى الصهيوني.
كثيراً ما نغضب ونثور عندما نسمع أو نقرأ عن احد المطبعين مع المحتل الصهيوني - التطبيع عند البعض ليس إنشاء علاقة بل إعلان علاقة قائمة سراً - والامة بغالبيتها ترفض هذا العمل عندما يمارسة البعض تحت ذريعة “مفاوضات السلام” فيما تباركه عندما يلبس قناع الثقافة أو الفن أو الرياضة أو الاقتصاد وكأنها مصابة بانفصام ولا تعلم أن العبور لفلسطين المحتلة في جميع الحالات لا يكون إلا من تحت ظلال الاسلحه وبالنجمه الزرقاء ، فإن كنا فعلاً لا نعترف بوجوده إلا محتلاً لأرضنا فكيف نسمح لأنفسنا أن ندخلها بأمره ومن خلاله !!!،
لماذا لا نغضب عندما يطبّع احدهم مع المحتل من خلال أمسية ثقافية ولماذا لا نغضب عندما يطبّع أحدهم مع المحتل ، ففي الوقت الذي يقتلنا وينتهك كل حرماتنا ويستبيح مقدساتنا نواجهه بمهرجانات التطبيع وبدلاً من مواجهته بالمدفع .
مخطيء من يظن أن فلسطين وحدها في بؤرة الصراع لأنها مقدمة الصراع والجميع في بؤرة الاستهداف ومعني بالصراع ومغفل من يظن أنه خارج دائرة الخطر لينخرط في مشروع الاستسلام والتطبيع ليس بقيامة به بشكل مباشر كما يحدث بالمؤتمرات بل بمجرد عدم اعتراضه على من يمارسه بشكل عملي او تحت شعارات زائفة ويضع له اسبابه ومبرراته التي لا تخرج أبداً عن دائرة التطبيع . ويندرج تحت هذا المفهوم ما يمارسه الاعلام العربي من إعادة صياغة عقلنا وتشكيله بطريقة ليتقبّل ما يُفرض عليه من تطبيع بكذبة كبيرة يسمونها الرأي الآخر وكأننا بعد كل هذه المآسي والجرائم لازلنا نجهل قاتلنا ونحتاج لاستضافته في مؤتمراتنا وعلى شاشاتنا ليُعرّفنا بنفسه ويُحاضر فينا بالأخلاق وحق الانسان بالحياة ونُظهره بمظهر الحمل الوديع الذي يتربص به الذئب ليقتله ، أوليس ذلك تطبيعاً وقحاً ومحاولات مستميتة لفرض القاتل بوجهه القبيح باعتباره أمر واقع لا مفر لنا إلا أن نتقبله. لنزيل الاقنعة عن وجوهنا كأمة وشعوب وأفراد ونسأل بصدق هل ندعم الصهيوني المحتل ونشاركه القتل ؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2165964

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع جمال أيوب   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165964 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010