الجمعة 8 نيسان (أبريل) 2016

الأمن.. حجة «إسرائيل» الأبدية

الجمعة 8 نيسان (أبريل) 2016 par عوني صادق

كل ما ارتكبه ويرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم يجد تبريره في حجة واحدة ساقطة سلفاً وقبل الدخول إلى الموضوع، وهي «أمن «إسرائيل»! كبار قادة الصهاينة، من عسكريين وسياسيين، لا ينكرون ذلك. المفارقة أن كل ما يمتلكه الكيان من إمكانات وقدرات، وفي مقدمتها القدرات العسكرية التي تقف على رأسها ترسانته النووية، لم توفر له يوماً ما يحتاجه من أمن.
الأمن هو المطلب الأول للتجمع الصهيوني في فلسطين، مثلما أنه هو الأساس الذي تقوم عليه السلطة في الكيان ماضياً، وحاضراً ومستقبلا.ً وقد سبق أن قيل الكثير في مجال «أمن «إسرائيل»، وأهمية أداته وهو الجيش. فاعتبر الكيان «كياناً ثكنة»، و«جيشاً له دولة»، وغير ذلك كثير. وقد جاء في مقال لوزير الحرب «الإسرائيلي» الأسبق، موشيه أرينز، نشرته قبل أسبوعين صحيفة (هآرتس- 22 /‏ 3 /‏ 2016): «الأمن هو جوهر السياسة «الإسرائيلية»، ويوضح بالقول: «لقد نجح حزب العمل في الفوز مرة تلو أخرى لأن الجمهور كان يعتبره قادراً على توفير الشيء الأهم، وهو الأمن»! ويضيف أرينز مؤكداً رأيه: «في العام 1977 وصل «الليكود» إلى السلطة، وكان الأمن على رأس أولويات الجمهور الذي اعتبر أن حزب العمل فشل في توفيره، وهو ما أدى إلى سقوطه»!
وفي مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء نتنياهو، بعد تفجيرات بروكسل، حاول الربط بين إرهاب «داعش» والعمليات التي ينفذها الشبان الفلسطينيون، نافياً علاقة سياساته بهذه العمليات، فقال: «الإرهاب ينبع من إيديولوجية دموية وليس من الاحتلال» (صحف 23 /‏ 3 /‏ 2016). في نفس الوقت، يرى البروفيسور دانيال بلتمان، الأستاذ في الجامعة العبرية، أن «من بات يسيطر على مراكز القوة في «إسرائيل» هو معسكر المستوطنين الذي يعود أقطابه إلى الإيديولوجيا العنصرية الكولونيالية التي اختفت منذ زمن من العالم»! (هآرتس10/‏ 3 /‏ 2016). ويتفق كثير من السياسيين وأصحاب الرأي «الإسرائيليين» على أن الاستيطان سبب العنف الذي تشهده الأراضي المحتلة، وهو لا يعزز الأمن بأي حال.
وإلى جانب أن أي استيلاء بالقوة على أرض الغير يخلق تهديداً دائماً من جانب أصحاب الأرض، وبالتالي يكون المعتدون في حاجة دائمة لتوفير الأمن لهم، ما يجعل الأمن مشكلة وجودية دائمة ما دام السبب قائماً، إلا أن الظروف العربية والإقليمية والدولية التي أحاطت بقيام «دولة «إسرائيل»، وفرت لها ذلك الأمن إلى حد بعيد. لكن «الدولة» التي قامت أساساً كمستوطنة تتطلع إلى التوسع، وجدت في الأمن حجة لهذا التوسع! وهكذا كان التوسع نفسه يزيد من حاجتها إلى الأمن! لذلك ظلت السياسات الأمنية «الإسرائيلية» تدور في حلقة مفرغة تبعدها عن توفير الأمن. وفي مقالة له في (هآرتس- 21 /‏ 3 /‏ 2016)، كتب كوبي نيف: «في كل مرة تكون هناك أزمة أمنية، ودائماً هناك أزمة أمنية، تمتلئ الاستوديوهات بالمحللين، وفي كل مرة يقترحون الشيء ذاته الذي يقترحونه خلال الأزمات الـ 1228 السابقة»! ويضيف: «لكن الحقيقة هي أنهم ونحن والحكومة وجميعنا، لا حيلة لنا منذ عشرات السنين في وجه المقاومة الفلسطينية المصممة، التي تلبس في كل مرة شكلاً جديداً، على مواجهة سيطرتنا التي تزداد بشاعة! ولأننا لا نريد الحل السياسي، ولأن الحل العسكري لا ينجح ولن ينجح، ولا يمكن أن يأتي بالحل»، ستتكرر الأزمات دونما حل!
الدول الاستعمارية التي وفرت الظروف والأدوات لإقامة «دولة «إسرائيل» في العام 1948 أمنت لها «الشرعية الدولية» للاغتصاب، لكنها نفسها لم تستطع أن تؤمن لها هذه الشرعية لاحتلال ما تبقى من الأرض بعد عدوان 1967، وهي كلها بما في ذلك حليفها الاستراتيجي الأول، الولايات المتحدة الأمريكية، ما زالت حتى الآن ترى هذا الاحتلال غير شرعي، ولكن دون اتخاذ أية خطوة عملية لإجبار «إسرائيل» على الانسحاب! لذلك، فإن الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة تمسكت بالاحتلال باسم الأمن، وباسم «الوقائع الجديدة غير القابلة للتفكيك»! فالمستوطنات كانت في البداية «أمنية» لحماية «الدولة»، ثم أصبحت هذه المستوطنات بحاجة إلى «مستوطنات أمنية» جديدة لحماية أمن المستوطنات القديمة ! لعبة سخيفة وذريعة أسخف ! وسياسات نتنياهو كسرت الأرقام القياسية في هذا المجال، فكشفت سخف اللعبة والذريعة معاً. يقول كبير المعلقين في (يديعوت)، ناحوم برنياع، عن هذه السياسات: إجراءات نتنياهو الأمنية «تكشف عريه وخوفه وضعف شخصيته»! ولكن ليس في الكيان معارض واحد ذو أهمية ينازعه أو يهدد سلطته!!
«أمن «إسرائيل» ذريعة ساقطة ستورد أصحابها الهلاك المؤكد، في نهاية الأمر!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165863

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165863 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010