الجمعة 25 آذار (مارس) 2016

ما الذي تنتظره السلطة لحل نفسها؟

الجمعة 25 آذار (مارس) 2016 par د. فايز رشيد

منعت سلطات الكيان الصهيوني وزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مارسودي من القيام بزيارة رسمية لرام الله، حيث كان من المقرر أن تلتقي رئيس السلطة محمود عباس ومسؤول خارجيته، وافتتاحها قنصلية فخرية لجمهورية إندونيسيا في الضفة الغربية. ويبدو أن قرار المنع الصهيوني هذا، جاء رداً على دعوة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الكيان، إلى إنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية، إذ أعلن ويدودو خلال كلمة ألقاها في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي الأخيرة في جاكرتا: أن على «إسرائيل»، كجزء من المجتمع الدولي، إيقاف أنشطتها وسياساتها غير القانونية في الأراضي المحتلة فوراً، وإنهاء إجراءاتها التعسفية في القدس الشريف».
على صعيد آخر، أعلن مسؤول فلسطيني أن «مصادرة الاحتلال لزهاء ألفي دونم من الأراضي المحتلة في أريحا، يشكل خطوة تعد الأكبر والأوسع مؤخراً، وتهدف إلى تشكيل حزام استيطاني عريض، يقطع التواصل نهائياً بين الأردن والدولة الفلسطينية المنشودة». وأوضح مدير دائرة الخرائط والمساحة في بيت الشرق بالقدس المحتلة، خليل التفكجي: «إن هذا المخطط» يضمن السيطرة «الإسرائيلية» الكاملة على منطقة الأغوار، ويقطع صلة السلطة الفلسطينية بمدينة أريحا عن البحر الميت نهائياً. واستطرد: إن «سلطات الاحتلال تستهدف من هذا القرار الاستيطاني الجديد، السيطرة على المنطقة الممتدة من المنطقة الساحلية، تل الربيع «تل أبيب»، حتى جسر الملك عبد الله، الذي تم هدمه في العام 1967، بحيث يكون الدخول والخروج منها بأمر وإشراف إسرائيليين».
كما لفت إلى الجانب الاقتصادي الاستثماري من المخطط الاستيطاني، لاسيما «الاستفادة «الإسرائيلية» من المواد الخام الكائنة في باطن البحر الميت، كالبوتاس والفوسفات، والاستيلاء على المياه المحلاة من قناة البحرين، الممتدة من البحر الأحمر حتى البحر الميت». وبين أن السيطرة «الإسرائيلية» على المنطقة يجعل يدها المحتلة، قابضة على مواردها الطبيعية الغنية. لافتاً إلى دراسة «إسرائيلية» صدرت مؤخراً تفيد، بأن حجم الاستفادة الاقتصادية المتأتية من تلك المنطقة تزيد على 700 مليون دولار سنوياً، أقلها عن طريق الخضراوات والتمر، إضافة إلى إنشاء شبكة كبيرة وجديدة من المواصلات ستقتطع آلاف الدونمات الأخرى من أراضي الضفة الغربية.
للعلم فإن إحدى الوقائع الجديدة، التي فرضها الكيان الصهيوني مؤخراً تتمثل بقرار مصادرة أراضي منطقة الغور لما سماه أسباباً أمنية. فالكيان كان ينادي قبلاً، بتواجد عسكري في هذه المنطقة، في حالة قيام دولة فلسطينية، وجعلَ من القبول الفلسطيني بهذا التواجد، شرطاً لإجراء التسوية معهم، إضافة إلى شروط أخرى. لكننا أصبحنا الآن أمام خطوة يصادر فيها العدو، كل المناطق الفلسطينية المحاذية للأردن من المناطق المحتلة عام 1967.
لقد أثبتت دراسة فلسطينية معنية أن الاحتلال قام حتى الآن بمصادرة 34 ألف دونم منذ بداية الاستيطان عام 1968. معروف بأن الاستيطان تزايدت وتائره وتضاعف ثلاث مرات بعد اتفاقيات أوسلو المشؤومة. من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، سلطات الاحتلال إلى «التراجع» عن خطوة المصادرة، والتي من شأنها «عرقلة التوصل إلى حل الدولتين».
من جانب آخر، قال موشيه يعالون وزير الحرب الصهيوني، الذي زار واشنطن مؤخراً، وتحدث في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، قائلاً: «لن تقوم دولة فلسطينية في حياتي»، مكرراً بذلك ما سبق وأن قاله العديدون من القادة الصهاينة. أيضاً، أصدر الحاخام الأكبر في الكيان مؤخراً (منذ أسبوع) «فتوى دينية» بجواز قتل الأطفال الفلسطينيين، لمجرد الشك في أنهم سيقومون بطعن يهودي.
ودون تفاصيل واستشهادات، فإن برامج 95% من الأحزاب في الكيان الصهيوني: الليكود، البيت اليهودي بزعامة نفتالي بنيت، «يسرائيل بيتينيو» بزعامة ليبرمان وغيرها، إضافة إلى «الأحزاب اليمينية الدينية» الفاشية الأخرى بلا استثناء، كلها ترفض إقامة دولة فلسطينية. وتجمع المعسكر الصهيوني بزعامة هيرتزوغ، ينادي بانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين مثل الذي يجري تطبيقه في غزة، وذلك بحشر الفلسطينيين في مناطق مقطعة الأوصال (غيتوات) محاطة بجدران عالية في الضفة الغربية، وبأسوار وحصار على التجمع البشري الكبير في قطاع غزة، وبإشراف مباشر على المعابر. فضلاً عن الإعدامات الجماعية الميدانية، واعتقال الفلسطينيين واغتيالهم جماعياً وبشكل فردي، وتعذيب في المعتقلات، وقتل فوري لمجرد الشك، والمضي قدماً في الاستيطان، وهدم البيوت، واقتلاع الأشجار وبناء طرق المواصلات. ولن يتسع مجلد للمذابح والموبقات الصهيونية التي يرتكبها الكيان يومياً بحق شعبنا.
للعلم أصدر المركز الأمريكي «بيو» نتائج استطلاع أجراه بين يهود الكيان بيّن فيه: أن 56% منهم ينادون بطرد الفلسطينيين، وأن 74% ينادون بتطبيق العنصرية على فلسطينيي منطقة 48، وأن 93% منهم يفتخرون بصهيونيتهم.
بالمقابل، رغم كل محاولات السلطة الفلسطينية إثبات «حسن نواياها» للكيان الصهيوني، حتى ولو من خلال التباهي بمنع أكثر من 200 عملية مقاومة ضد قوات الاحتلال الفاشي، ورغم منعها التظاهرات المُستنكرة للاحتلال، وصولاً إلى اعتقال العديد من المتظاهرين وتعذيبهم، فإن الكيان وعلى الطريقة الشايلوكية، يطالبها الآن بوقف «التحريض السياسي» في وسائل الإعلام التابعة لها. أيضاً فإن تحرك قادة السلطة من مناطق 67، مرهون بتصاريح من قادة الكيان، في ظل منعهم جميعاً من دخول القدس والسفر إلى قطاع غزة. نسأل: ماذا تنتظر السلطة لتقوم بخطوة جريئة: حل نفسها، ليباشر العدو مباشرة مسؤولياته الاحتلالية؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2180635

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2180635 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40