الجمعة 18 آذار (مارس) 2016

بايدن والانتفاضة

الجمعة 18 آذار (مارس) 2016 par عبداللطيف مهنا

دوم بايدن هو أساسًا لمهمة معلنة أميركيا وطالت الثرثرة حولها صهيونيًّا، وهي محاولة إنجاز مذكَّرة التفاهم حول المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني للعقد القادم، أو تسوية ما بقي من خلافات حول مدى رفع رقم ملياراتها. يليه التركيز على “التعاون الأميركي الإسرائيلي في جملة مسائل من بينها سوريا وإيران وتنظيم داعش”.
جاء نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى فلسطين المحتلة. قدومه في هذه المرة حِلًّا وترحالًا، وحتى أهدافًا، لا يختلف كثيرًا عن غالب الجولات الأميركية على هذا المستوى الرسمي في المنطقة. القبلة والغاية والمرتكز لهذه الجولة لا تشذ كثيرًا عن غالب ومعتاد المقصد والمقاصد للحجيج الأميركي إليها، أي القدس المحتلة. وكالعادة أيضًا لا بأس قبلها من الحلول في عاصمة عربية، وأحيانا أكثر، وكذا التعريج خلالها من القدس على رام الله، واختتام الترحال لا الرحلة في عمَّان، إذ لا بد من العودة، إن لزم الأمر، وكثيرًا ما يلزم، إلى القدس المحتلة قبل العودة الميمونة إلى واشنطن. في ذلك، ودائمًا، حرص أميركي على تأكيد المؤكد، أو اتساقًا مع اللازمة الأميركية التليدة، ومفادها الكيان الصهيوني أولًا وأخيرًا، أو النظر إليه كمصلحة أميركية لدى غالبية الأميركان، وقد تليها في أحيان نادرة بالنسبة لبعض النخب السياسية.
كلما يهل جائل أميركي على المنطقة تسبقه في بلاد العرب عادةً رياح التحليلات والتأويلات، وتتلاطم في استقباله أمواج متناقض التوقُّعات والتخرُّصات، كما تثار على هوامش قدومه زوابع من الأوهام الأوسلوية المزمنة والأبية على الانقشاع، ولعل هذا الذي يسبقه بالذات هو واحد مما يأتي عادةً على رأس قائمة استهدافات جولانه. بيد أنه في هذه المرة هناك بعض من قليل المختلف، إذ سبق الأميركان فوفَّروا على المحللين والمتوقِّعين والمتخرِّصين والواهمين عناء الغلو، أو الذهاب بعيدًا فيما درجوا عليه. بدأ هذا مصدر أميركي قال: إن بايدن “لن يطرح أية مبادرة كبيرة”، معللًا ذلك بانتفاء الإرادة السياسية لدى “أطراف النزاع” لإجراء مفاوضات حقيقية”، وواقعًا تعني الأطراف هنا نتنياهو. كما وضع سقفًا لأي مبادرة صغرى إن وجدت، أو انتظرها الواهمون، بأنها لن تتعدى محاولة “إيجاد السبل لخفض التوتر وترك الباب مفتوحًا أمام حل الدولتين”… خفض التوتر هنا يعني أميركيا ما يعنيه صهيونيًّا، وهو معلن وليس سوى وأد الانتفاضة. أما الباب الذي يريدون تركه مفتوحًا فغاية تظل على الدوام منشودة ًعندهم كمتنفس لإنعاش الأوهام الأوسلوية وإتاحة اجترارها ومواصلة لوكها في رام الله.
قدوم بايدن هو أساسًا لمهمة معلنة أميركيا وطالت الثرثرة حولها صهيونيًّا، وهي محاولة إنجاز مذكَّرة التفاهم حول المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني للعقد القادم، أو تسوية ما بقي من خلافات حول مدى رفع رقم ملياراتها. يليه التركيز على “التعاون الأميركي الإسرائيلي في جملة مسائل من بينها سوريا وإيران وتنظيم داعش”. بعدها وحيث إن البيت الأبيض “لا يتوقَّع اختراقًا” تسوويًّا فجل المراد هو “تحريك” المسألة الفلسطينية بما يضمن “ضبط النفس”، بمعنى ما أشرنا إليه آنفًا، وهو كبح الانتفاضة وبعث كوامن الأوهام التسووية التي أنعشتها فكرة “المبادرة الفرنسية”، التي، وعلى الرغم من خلبيتها، وئدها نتنياهو من حينها وفي قدوم بايدن ما يهيل التراب عليها، أما أصحابها فتراجعوا عن تهديد سابق فأعلنوا لاحقًا من القاهرة أنهم لن يعترفوا بدولة فلسطين إن فشلت مبادرتهم الموءودة، وسيرسلون موفدًا لمتابعتها. وعليه، فتعريجة بايدن على رام الله تحريكية لـ”منع الانفجار”… وكيف؟! بإثارة “تسهيلات اقتصادية”، ورفع بعض حواجز الاحتلال العسكرية، أو ما ليس بوسع رام الله حتى وإن قبلته إعلان قبوله… تزامنًا، مهَّدت للنفخ في سور الأوهام الأوسلوية صحيفة “وول ستريت جورنال” بالقول إن “البيت الأبيض يعمل على خطة لإحياء المفاوضات في الشرق الأوسط قبل انتهاء ولاية الرئيس أوباما”!!!
ما يسمى الخلاف بين الحليفين حول مدى زيادة المساعدات العسكرية، والذي كان مثار التجاذب والمبالغة فيه صهيونيًّا، يدور، كما أشرنا، حول نسبة الزيادة المطلوبة لهذه المساعدات التي يصر الصهاينة عليها ويحاول الأميركان الحد من غلوائهم فيما يتعلق بها. يطالب الصهاينة بجعلها خمسة مليارات سنويًّا، بدلًا من 3,1 مليار حاليًّا، والأميركان وافقوا على رفعها إلى 3,8 مليار في السنوات الثلاثة الأول ثم الزيادة تدرجًا في السنوات التالية لتصل ما مقداره 40 مليارًا نهاية العقد، علمًا أن هناك إضافات هي عبارة عن مساعدات عسكرية سنوية أخرى يقرها الكونجرس لا تحتسب هنا، كتلك المتصلة بتطوير منظومات اعتراض الصواريخ، من مثل “حيتس”، و”عصا الساحر”، و”القبة الحديدية” والبالغة 487 مليونًا، إلى جانب ما تسمى أبحاث مكافحة الأنفاق الفلسطينية والبالغة 40 مليونًا. وعلى أي حال فهو تجاذب في سياق علاقة عضوية سيرسو في نهاية المطاف لصالح الكيان الصهيوني لجهة رفع رقم المساعدات العسكرية، أو غير العسكرية التي نحن هنا لسنا بصددها، رفعها حتى وإن لم تصل إلى السقف المطلوب فهي سوف لن تقل عنه إلا قليلًا. هذا ما أشارت إليه صحيفة “ديفنس نيوز”، إذ تخبرنا بأن البيت الأبيض قد وافق مؤخرًا على زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيله والمرونه أكثر حيال استخدام أموالها… بالمناسبة، وإلى ما تقدم، علينا إضافة صفقة طائرات “f35″ الأحدث المفروغ من إقرارها حتى قبل الفروغ من تطويرها، وأن لا ننسى أن ربع ميزانية الحرب الصهيونية هي من الجيب الأميركي.
حول “التعاون”، وما “سيتم التركيز عليه”. استبق نتنياهو ضيفه مشيدًا بـ”العلاقات المتينة” بين واشنطن وإسرائيلها وشمولها “المستويات كلها”، منوهًا بأنها الآن تُشكِّل” ذراعًا أميركيًّا في محاربة الإسلام المتطرِّف”… للدلالة على هذه المتانة يستقبل الصهاينة بايدن كما استقبلوه قبل 16 عامًا، أي بخطوات تهويدية تطرح لاستكمال الفصل نهائيًّا بين شمال الضفة وجنوبها، ومعازل مسوَّرة للفلسطينيين المقدسيين. أما بايدن فحيَّاهم بإدانة العمليات البطولية لشهداء انتفاضة الفدائيين وفشل الأوسلويين في إدانتها!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2165371

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165371 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010