الجمعة 18 آذار (مارس) 2016

​لقاء القاهرة، نجاح بلا بشاير حقيقيّة !

الجمعة 18 آذار (مارس) 2016 par د.عادل محمد عايش الأسطل

صدر عن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “موسى أبومرزوق” بأن اللقاء الذي جمع وفد الحركة بغرفة المخابرات المصريّة خلال اليومين الفائتين في القاهرة، قد فتح صفحة جديدة بالنسبة لعلاقات الحركة مع مصر، وأن اللقاء له ما بعده، حيث أراد بذلك وقف التكهّنات التي تميل إلى أن اللقاء كان فاشلاً، وكان ارتكز “أبومرزوق” على ما لقيهُ الوفد من المصريين بأنهم يحملون لفلسطين كل مودّة وتقدير، وعلى أن دورهم في القضية الفلسطينية لا يزال في الطليعة، في مقابل تعبير الوفد عن الحرص الشديد على أمن مصر، وعدم التدخّل أو السماح للعبث بأمنها واستقرارها، باعتبارها بلاد الأمة العربية والأمينة على قضاياها.
ما سبق هو بلا ريب في عِداد الصحيح، لكنه لا يُعتبر عن إنجاز، بسبب أن تبادل الأحاديث الوردية، والتعبير عن الشعور والأحاسيس، ليس كافياً عن وجود نتائج ملموسة يشعر بها العامة من الناس والتي يُمكن البناء عليها منذ الآن فصاعداً.
بمعنى، هل وصل المصريون إلى مرحلة الإعجاب بحماس كحركة فلسطينية مُقاوِمة، وهل وصلوا إلى قناعة بأنها ستكون متعاونة - أمنيّاً- بالنسبة لرغباتهم، وهل استطاعوا إثبات التّهم الموجهة إليها في شأن مساسها بالأمن القومي المصري؟ وأخذوا وعداً منها بعدم تكرار أخطاءها، والتكفير عنها بواسطة تسليم مطلوبين حتى ولو لم يكونوا تحت السيطرة؟
ومن الجهة الثانية، هل ضمنت حماس المكانة السياسية، التي تطمح إليها وسواء لدى السياسيين والعسكريين المصريين، وهل تم تلبية مطالبها، بفك عزلتها، بواسطة فتح معبر رفح؟ وهل تمّت الموافقة على إنشاء المطار والميناء؟ وهل اقتنع المصريّون برؤية حماس بشأن المصالحة مع حركة فتح وإنهاء الانقسام؟ ربّما أن كل ما سبق لم يحصل، أو لم نستطع سماع أي شيء منه على الأقل.
لا يصعب أبداً، أن نفهم ما الذي جعل المخابرات المصريّة أن يستقر رأيها، على أنّه يجب عليها أن تغمض عينها قليلاً، وتقوم باستقبال وفد حماس؟ بغض النظر عن وجود اتصالات هزيلة، خلال الفترات الماضية، وفي ضوء قيام الداخليّة المصرية بنسبها أي حوادث أمنيّة داخليّة إلى حماس مُباشرةً أو بأنها مُشارِكة بها، وصلت إلى غمسِها في بحر من الجريمة والإرهاب.
إن الحقيقة، تتحدث من تلقاء نفسها، بأن اللّقاء أمني بالدرجة الأولى، حيث علّق المصريّون أمالهم في كسب المعركة ضد التنظيمات المسلحة في سيناء من خلال تعاون حماس، وبأن الضغط السعودي على مصر بضرورة استقبال وفدها بالدرجة الثانية، في مسعىً ذكي للمحافظة على بقائها في المعسكر السنّي الذي تقوده السعوديّة في مواجهة إيران، إضافةً إلى التوصية (المُحددة) من السلطة الفلسطينية وحركة فتح تحديداً، رغبةً في ممارسة المصريين ضغوطاتهم من أجل انتزاع مواقف أقل تشدداً بشأن إتمام المصالحة.
صحيح أن حماس توّاقة لأن تفتح صفحة جديدة مع مصر، وفقاً لطموحاتها كأي حركة مُقاوِمة، تماماً كما أن مصر لا تقلّ عنها توقاً في أن تراها مُتعاونة بشكلٍ عاجل ومن غير إبطاء، لكن يظل توقهما مجرّد تمنيات وحسب، إذ اصطدما بعقبات تحتاج ليس إلى معجزة واحدة، بل إلى عدّة معجزات لتجاوزها، حيث كان يتعيّن على حماس الاعتراف بتورطها في أحداث داخلية مصرية، وفي ظل عرض المصريين بعد كل حادثة، لأدلة دامغة حول تورط عناصر تابعة لها بتنفيذها، والتي كان آخرها أدلّة الداخلية المصرية، بشأن مقتل النائب العام المصري “هشام بركات”، برغم إدانة حماس للحادثة، باعتبارها إدانة لا قيمة لها.
وبالنسبة لتفعيل ملف المصالحة حسب رغبة السلطة الفلسطينية وحركة فتح، فإن حماس فضّلت الإبطاء في تسليم إجابات واضحة بشأنها، غير التي كانت أفرجت عنها في السابق ونشرت موافقتها عليها، بل وطالبت في نفس الوقت حركة فتح، بأن تقوم بتنفيذ النقاط التي تم التوافق عليها مُسبقاً.
لا رِهان، بأن يُفصح اللّقاء عن نتائج فوريّة أو حتى فيما بعد، أو حدوث أي أشياء مُبهرة، باعتبار أن هناك أشياء مُتواجدة، لا تستطيع أي من الجهتين قبولها أو فرضها، حتى لو كانتا غير متقابلتين في القوّة، ولا متوازنتين في النفوذ، وفي ظل أن كلاً منهما تتميزان بتفكيرٍ خاصٍ بها تأمل من خلاله تحقيق مكاسب.
فالتفكير المصري باتجاه حماس، يكمن في أن من المحتوم عليها، الاستماع إلى النواهي المصرية، والانصياع لاشتراطاتها، وأن استعدادها في التعاون من أجهزتها، يكون بالفعل والعمل على الواقع، وليس بالقول في الهواء، وعلى أن يتم كل ذلك من دون مُقابل، وحتى إن اقتصر على الشق المتعلّق بمعبر رفح، باعتبار أن السلطة الفلسطينية هي فقط المخولة الوحيدة بالمناقشة بشأنه.
ويجيئ تفكير حماس بالنسبة إلى مصر، من خلال أنها حركة فلسطينية مُقاوِمة، وبأن في استطاعتها تكبيل أيدي الجهاديين والسلفيين المتواجدين لديها، من أن يقوموا بنشاطات عدوانية ضد الأراضي المصريّة، وبأن أعمالها جادّة باتجاه الدفع عن نفسها من أن تتبوّأ مكانة المُتّهمة في كل شيء وعلى مدار الوقت، كما أن لديها من الأوراق المُدوّية، باتجاه إنشاء مصالحة ما، مع حركة فتح، والأهم هو تسلّحها بالتوصية السعودية، التي كانت بمثابة صك المرور لدى المصرييّن برغم الغيظ الكبير المخفي بين جوانحهم.
ولمّا سار اللقاء- ككل-على هذا النحو، فليس هناك من حيلة لإدراجه على القوائم الناجحة،- وإن كان لا يرقى إلى الفشل، باعتباره بلا نتائج حقيقية، ومن المؤكّد في حال الاستمرار على النحو نفسه، فإن أي لقاءات أخرى مُشابهة، ستظل حتماً على هذه الشاكلة، حتى برغم تكرار الأحاديث الجيّدة والأحاسيس الرقيقة، التي سيتم تبادلها بين الفينة والأخرى تبعاً للضرورة والحاجة إليها.

- ​إيباك، ودورها في إلغاء اجتماع نتانياهو- أوباما !

يوافق يوم 20 من مارس/آذار الجاري موعد الاحتفاليّة السنويّة، للجنة الشؤون العامة الاميركية- الاسرائيلية (ايباك)، والتي تضم مؤسسات اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة، والتي تعمل من أجل اسرائيل، باعتبارها جماعة ضغط مؤثّرة على السياسة الأمريكية، ولها القدرة على تغيير المزاج لدى الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب، من خلال احتياطات نفوذ مهولة وفاعلة، قامت بجمعها على مدار عقودٍ فائتة.
وكما ارتكن قادة إسرائيل (يمينيين ويساريين) دائماً وأبداً على تلك المنظمة، في شأن خلق وتوجيه السياسات الأمريكية الداعمة للدولة والمساندة لها، وسواء في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية، فإن القادة الأمريكيين أيضاً (ديمقراطيين وجمهوريين) أوضحوا مدى اهتمامهم بها، وأبدوا مُراعاتهم لأهدافها وخططها وخاصة المتجهة لإسرائيل، وسواء بما يتعلّق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية، أو لرغبة الفوز بأصواتهم في الانتخابات الأمريكية، وفي ضوء تميّزها– كأكبر منظمة فاعلة- بنجاحات خارقة للمألوف في كل ما يتعلق ببرامجها وتطلعاتها، وسواء التي تأتي فجأة أو بناءً على تراكمات.
ليس معنى ذلك أنها مُلتصقة بالنجاح دائماً، فقد احتفلت مرّات عديدة بفشلها، بشأن تمرير ضغوطات عدة كانت مهمّة بالنسبة لها، وسواء كانت على النطاق الخارجي أو الداخلي، والحديث هنا بالنسبة للإسرائيليين، فقد قامت بالاعتراف بفشلها في تمرير ضغوطاتها على سياسة البيت الأبيض، بشأن ملفات مهمة ومنها مسألة الربيع العربي، التي طافت بعددٍ من الدول العربية، باعتبار أن واشنطن لم تقم بدعم الأنظمة الموالية بصورة كافية، والخاصة بمصر على سبيل المثال، أو بالنسبة للملف النووي الإيراني، أو الأزمة السورية.
وحتى فيما يتصل بسياسة واشنطن باتجاه القضية الفلسطينية، لم تستطع تغيير سياسة الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” ولا إثنائه عن بعض الخطوات السياسية التي تعتبرها شاقّة، بل وانصاعت إلى مشروع حل الدولتين، وبالنسبة إلى الداخل، فقد أخفقت وبجدارة في معركتها بشأن مشروع (إلغاء التأشيرة) بالنسبة لدخول الإسرائيليين للبلاد.
لكن وبرغم ذلك، فإن لا أحد يمكنه التنبؤ بانهيار “إيباك” أو اهتزازها على الأقل، بسبب أنها لا تزال تحتفل بمخزونات هائلة من القوّة والنفوذ، فهي بالإضافة إلى تمكنها من التغلب على واشنطن بشأن تغيير مزاجها بشأن حدود عام 1067، التي كانت واشنطن ترغب في تطبيقها.
فهي الآن تقوم بلعب دورٍ أكبر، باتجاه تعميق الخلاف مع “أوباما”، إلى أكثر ممّا هي عليه، ولتخريب برنامج البيت الأبيض من جذوره، وقد بدأت بالفعل من تقديم توصية عاجلة لـ“نتانياهو” تحثّه على إلغاء لقائه بـ“أوباما” على هامش المشاركة في احتفاليتها السنويّة.
وبرغم أن مشاركته في الاحتفالية وتحقيق جلسة إلى جانب “أوباما” تُعتبران لديه على رأس أولوياته، لكنه اضطر إلى الانصياع لتلك التوصية، كي لا يُكرر خطأه أمامها مرّة أخرى، عندما خالف تحذيرها التي قامت بنشره أمامه خلال العام الماضي، والذي تضمّن عدم إلقاء خطابه الشهير أمام الكونجرس الأمريكي، والمتعلق بمهاجمة الاتفاق النووي الإيراني، وفي ضوء أن الخطاب أثّر سلباً على الأطياف الأمريكية المُعارِضة للاتفاق، وكان له الفضل في إضعافها.
تأتي توصية (إيباك)،- وبغض النظر عن أن إسرائيل تعيش مرحلة حرب بواسطة الهبّة الفلسطينية الدائرة- تحت مبررات، توضح بأن لا حاجة لتواجد “نتانياهو” في احتفاليّتها المقررة، حتى برغم تواجد فرصة للاستماع إلى خطابات العديد من المرشحين الأمريكيين للرئاسة، أو حتى فرصة الالتقاء بهم وجهاً لوجه وخاصة اولئك الديمقراطيين ألذين يتنافسون على حيازة الرضا الإسرائيلي، أو الجمهوريين الذين يتنازعون على حبّهم لإسرائيل.
كما تتعذّر بحجّة عدم تواجد “أوباما” داخل البلاد وقتها، حيث سيكون في زيارة تاريخية إلى كوبا، إضافة إلى أن تواجد نائب الرئيس الاميركي “جو بايدن” في إسرائيل، يُعتبر كافياً، لمناقشة جميع المسائل الخاصّة بالبلدين، وعلى رأسها المساعدات الأمنيّة الأمريكية، كما تأتي بحجة أن ليس من اللائق أن تحصل زيارة كهذه وفي هذا التوقيت، كي لا يبدو وكأنه يتدخل في الانتخابات التمهيدية الاميركية، وفي ضوء أن شكوكاً كانت طافت حول الانتخابات الفائتة.
لكن الأسباب الأهم تكمن، في عدّة أمور: فعلاوةً على أن هناك احتمالية لاستعادة مكانة إسرائيل بواسطة الجمهوريين الذين تدل المؤشرات – لدى إيباك على الأقل- بأنهم يقتربون من البيت الأبيض، وفي ضوء أن مرشحيهم للرئاسة يعلنون صراحة عن نوايا تتصل بقلب السياسة الأمريكية لصالح إسرائيل، فإن لا جدوى ذات معنى، يمكن أن تنتج عن لقاء راحلٍ عن منصبه بعد وقتٍ قصير، بل هناك ضرورة في رد الدينْ الذي حصل سابقاً، عندما رفض “أوباما” التلاقي مع “نتانياهو” احتجاجاً على إصرار الأخير، إلقاء خطابه في الكونغرس.
كما تأتي انسجاماً، مع أن الوقت مناسب جداً لإعطاء “أوباما” صدمة في الرأس، لوقف مساعيه، والخاصة بالقضية الفلسطينية، التي من المفترض أن يقوم بها بها قبل انتهاء المدة المتبقية له في الرئاسة، باعتبارها لا تتناسب مع النوايا الإسرائيلية، وفي نفس الوقت تُشكّل تهديداً لمصير الدولة، وهي التي تتمحور حول نيّة قيامه بدعم التصويت في مجلس الأمن على أي قرار، يدعو إلى التقدم في خطوات محددة للتوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني - إسرائيلي، ما يعني مُطالبة إسرائيل بشكل واضح، تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والاعتراف بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2182207

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع عادل الاسطل   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2182207 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40