الجمعة 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2015

مقالات جول راهن الانتفاضة 3

الجمعة 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2015 par د. فايز أبو شمالة

- لا لقيادة استئناف المفاوضات

بعض الفلسطينيين يصف ما يجري على أرض فلسطين بأنه انتفاضة شعب يرفض المذلة، وقرر أن يتحدى المحتلين، وأن يقاوم قطعان المستوطنين، وأن يتمرد على الواقع البائس، هؤلاء الفلسطينيون حريصون على تصعيد المواجهات مع العدو، وتوحيد طاقة الشعب ومقدراته، وهم يطمحون في الانتقال بالانتفاضة من مرحلة إلى مرحلة أخرى، حتى تحقيق حلم الشعب الفلسطيني بتحرير وطنه كاملاً، والعودة إلى أرضه التي اغتصبها الصهاينة.
وبعض الفلسطينيين يصف ما يجري على أرض فلسطين بأنه هبه شعبية، أو حراك يهدف إلى لفت أنظار العالم إلى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، وهؤلاء حريصون على عدم تصعيد المواجهات إلى حد استفزاز المستوطنين، وإثارة غضب الإسرائيليين، وأقصى ما يطمحون إليه هو تكاثف الضغط الدولي على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات.
الخلاف في تسمية ما يجري على أرض فلسطين يعكس الاختلاف في الرؤية السياسية، والاختلاف في المواقف من تطورات الأحداث، والتي لن يكون آخرها الغضب الفلسطيني الرسمي من إلغاء زيارة وفد الرباعية الدولية بناء على طلب نتانياهو، ومن ثم الترحيب بما أعلنه وزير الخارجية الأمريكية جون كيري عن نيته التوجه إلى تل أبيب ورام الله في القريب العاجل، في محاولة لتهدئة الأوضاع، وإخماد فتيل الاشتعال بين إسرائيل والفلسطينيين.
فهل كان إخماد فتيل الاشتعال، واستئناف المفاوضات هو الهدف الذي من أجله قدم الشاب الفلسطيني التضحيات، ويقتحم لتحقيق المعجزات؟
وهل كان نزف الدماء الفلسطينية في القدس ورام الله وبيت لحم ونابلس وغزة يهدف إلى استئناف المفاوضات التي جربها الشعب الفلسطيني لأكثر من 22 عاماً متواصلاً؟
وإلى متى سيظل الدم الفلسطيني حقل تجارب لبعض السياسيين، الذين داسوا على إرادة الشعب سنوات، واستخفوا بدم الشهداء، وافرغوا مسيرة شعب من عنفوانها؟
إن الانتفاضة التي اشتعلت على أرض فلسطين لتؤكد بدليل الدم والجراح أن لا مشكلة لنا في فلسطين مع قلة الموارد، ولا كان مصدر ضعف الشعب الفلسطنيي هو قلة الامكانيات، ولا كان السبب في ضياع أرضنا في فلسطين هو بطش اليهود، وغطرسة المستوطنين، وخفة يد جيشهم على الزناد، بل كانت مصيبتنا في فلسطين، وما زالت مصيبتنا محصورة في البون الشاسع بين حلم الشعب وقرارات قيادته، وبين طاقة الشعب واندفاعه وعجز قيادته، بين إقدام الشعب الفلسطيني وتحجر قيادته التي احتكرت القرار السياسي الفلسطيني منذ خمسين سنة حتى يومنا هذا، قتلت خلالها الأمل بتحرير فلسطين، وحاصرت إرادة الشعب العملاق بسياسة (ما لنا طاقة بإسرائيل، ويجب الاعتراف بتفوقها، والقبول بمفردات السياسة الدولية، التي قضت بأن كل أوراق الحل بيد أمريكا)، هذه السياسة التي انتهجتها القيادة الفلسطينية كانت وما زالت السبب الرئيس في حرمان الشعب الفلسطيني من تذوق لذة الانتصار، وحرمته من قطف الثمار.
زيارة جون كيري إلى المنطقة تجيء من أجل سلامة إسرائيل، ومحاصرة إرادة الشباب الفلسطيني، وهذا لا ينسجم مع روح انتفاضة القدس التي يخوضها شعب يعشق الكرامة، والتي ارتقت بجرأة شبابها في مواجهة العدو الإسرائيلي بالسكاكين إلى نقطة الصفر، وهذا يفرض على كل وطني شريف أن يدفع في اتجاه تصحيح المسار السياسي إلى نقطة الصفر، والتي تتمثل في تحرير القرار الفلسطيني من قبضة المفاوضين، والتخلص من الزعامات والشخصيات التي قادت العمل السياسي طوال المراحل السابقة، وأثبتت فشلها، وممارساتها الماحقة.
الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة شابة، واثقة من نفسها، ومن قدرات شعبها، قيادة جديدة لها روعة الحاضر وعبق التاريخ، قيادة جديدة تتميز بشجاعة الشباب وإقدامهم ووفائهم لعهدهم، وإخلاصهم لوطنهم الذي يحاكي عطاء الشعب الفلسطيني غير المحدود لوطنه.
ودون فرز قيادة فلسطينية جديدة، تأخذ على عاتقها تحقيق طموحات الشباب، وتحلم بالمستقبل الحر، دون ذلك، سيظل الشعب الفلسطيني العملاق يقدم عشرات ألاف الشهداء والجرحى والأسرى، ليأتي جون كيري فيقطف ثمرة تضحياته.

- زعزعة أمن المستوطنين شرط الانتصار

كل عمل لا يزعزع أمن مئات ألاف المستوطنين اليهود المغتصبين لأرض الضفة الغربية هو قفزة في الهواء، سيظل معها مصير الشعب الفلسطيني معلقاً، حتى يئن المستوطنون من وجع الضربات، وقتها يبدأ الاهتمام الدولي، والحراك السياسي الهادف إلى فك حبل الخوف عن عنق المستوطنين، وليس فك الطوق الأمني والاقتصادي والسياسي عن الفلسطينيين.
دون زعزعة أمن المستوطنين فإن حديث البعض عن واقع الدول العربية الممزق، وعن المصائب التي حلت بالأمة، وعن الانشغالات التي استبدت بالرأي العام، وعن تحول الإعلام العربي والغربي عن الاهتمام الكامل بالقضية الفلسطينية، وعدم تغطيته الكافية للانتفاضة، فكل ذلك من نوافل العمل السياسي الفلسطيني، طالما كان الفرض هو حجم الوجع الواقع على رأس المستوطنين بفعل قبضات المقاومين.
وقد دللت التجربة الفلسطينية والعربية على مدار عشرات السنين أن الاستقرار العربي على أهميته لم يسهم في حماية الأرض الفلسطينية من الاغتصاب، ولم تحرر الجيوش العربية شبراً من أرض فلسطين، ولم يمنع النظام العربي المستقر من احتلال الأرض، ولم يغير واقع الاحتلال الإسرائيلي التعيس للأرض الفلسطينية وشعبها.
وقد أكدت الوقائع على الأرض أن وسائل الإعلام وحدها، وعلى أهميتها لا تحقق نصراً للشعوب، ولا تعطي بريقاً للألوان السياسية القاتمة، فوسائل الاعلام لا تلاحق إلا الأحداث التي تبسط ذراعيها على الأرض، ومهما كان الرقص السياسي على المسرح الدولي بارعاً، إلا أنه سيعجز عن إدخال البهجة إلى القلوب المنكسرة، لأن الأصل هو نضوج العامل الذاتي القوي المتماسك القادر على شحذ الهمم، وفرض إرادة الشعب على الأرض.
إن المطلب الرئيس في هذه المرحلة هو توافق الشباب الفلسطيني المنتفض في الضفة الغربية على آلية العمل الهادف إلى إيذاء المستوطنين مادياً ومعنوياً، وبغض النظر عن توافق واختلاف الفقهاء السياسيين في مرجعية الانتفاضة، وحاضنتها العربية، والشروط الواجب توفرها في قيادتها، ومدى الاهتمام الإعلامي بها، كل ذلك لا يؤثر كثيراً على مسيرة شعب، ولا يعيق قوة الاندفاع الذاتي التي تكتسبها الانتفاضة من المواجهة اليومية، والتي ستنجح سريعاً في فرض اسمها الذي تختاره على الجميع، وستنجح في فرز قيادتها الشرعية، وستحدد مرجعيتها القانونية والدولية، والانتفاضة هي التي تستنهض حاضنتها العربية والإسلامية، ولاسيما أن شعوب الأرض قاطبة لا تصفق إلا للقوي الأمين، وهي جاهزة لأن تؤازره، وتسانده، وتهتف له بالنصر.

- نفي رئاسي يناقض نفي تنظيمي

نفت حركة فتح ما ورد في بيان باسم القيادة العامة للانتفاضة الفلسطينية الثالثة، سواء من حيث مشاركتها في هذا البيان، أو من خلال وجود اطار تشارك فيه حركة فتح باسم القيادة العامة للانتفاضة الفلسطينية الثالثة، مؤكدة ان هذا البيان مزور، وحذرت الشعب الفلسطيني بضرورة عدم التعاطي مع هذه البيانات المشبوهة التي يقف خلفها اشخاص او جهات لها اجندات غير وطنية.
فما عيوب البيان الذي وزع في مدن الضفة الغربية، وفي وسط التجمعات العربية في فلسطين المحتلة سنة 48، ولماذا حذرت منه حركة فتح، وأدارت له الظهر، واعتبرته مشبوهاً، ما البنود التي تشين حركة فتح، والتي وردت بالصيغة التالية:
1ـ نزول الكتائب المسلحة إلى الشوارع لمساندة إخواننا أبطال الحجارة والسكاكين.
2ـ التجهيز لعمليات نوعية داخل الخط الأخضر، وأماكن تجمع المستوطنين والجنود.
3ـ تكثيف عمليات الطعن المخطط لها جيداً.
4ـ استهداف الحواجز الإسرائيلية بالرصاص والقنابل اليدوية.
5ـ استهداف المناطق الحيوية والاقتصادية الإسرائيلية.
6ـ دعوة الشعب لهدم الجدار الفاصل في الأماكن الحساسة
7ـ عمل فرق ولجان حراسة لابطال الحجارة وظيفتها كشف العملاء.
8ـ اعتبار يوم السبت 10/10 يوم غضب في شتى شوارع فلسطين من البحر إلى النهر.
وختم البيان بالقول: العين بالعين والسن بالسن والرصاص بالرصاص.
فما هي عيوب هذا البيان الذي تداوله شباب حركة فتح بافتخار، وفرحوا فيه، وتباهوا فيه على شباب حركة حماس، التي لم توقع على البيان؟ ولماذا يصير التنكر له، ولاسيما أنه حمل توقيع حركة فتح، وحركة الجهاد الإسلامي، ولجان المقاومة، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟.
ولماذا تنفي حركة فتح مشاركتها في مثل هذا البيان الذي يعبر عن نبض الشارع الفلسطيني؟.
إن التنظيم الذي ينفي اللغة القتالية الواردة في البيان السابق لا يمكنه أن ينفي لقاء السيد محمود عباس مساء الجمعة، مع المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية يستحاق مولخو، ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، يؤاف مردخاي.

إن الذي ينفي علاقته ببيان التصعيد والاشتباك المسلح والمواجهة لا يمكنه أن ينفي استعداده للتهدئة، ولا يمكنه أن ينفي انتظاره لزيارة وفد الرباعية الذي يطالب بوقف الانتفاضة، وعدم تطوير ادواتها إلى حد الاشتباك المسلح، مقابل استئناف المفاوضات.

إن التنصل من لغة البيان السابق، لغة القتال لتشجعنا على الظن بأن هنالك حركة فتح أخرى غير حركة فتح التي تلتزم بتعليمات السيد محمود عباس، حركة فتح أصيلة، قررت أن تحرر حركة فتح الهزيلة من الأسر، وأن تعيد لها بريقها المقاوم الذي بهتت طوال فترة المفاوضات مع إسرائيل، والذي يؤكد هذا الاستنتاج هو استجابة الجماهير الفلسطينية للبيان الذي دعى لأن يكون يوم السبت 10/10 يوم غضب، وقد تحقق لها ذلك، وغضبت الجماهير الفلسطينية، استجابة لبيان القيادة العامة للانتفاضة الفلسطينية، والتي تحاكي لغتها وجدان الشعب الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2181157

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز ابو شمالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2181157 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40