الثلاثاء 4 آب (أغسطس) 2015

مؤتمر “دوابشة” الدولي للسلام من دون القتلة

الثلاثاء 4 آب (أغسطس) 2015 par د.احمد جميل عزم

يعدّ الحديث عن الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل القيادة الفلسطينية، لمعالجة جريمة قتل مستوطنين لفلسطينيين، منهم رضيع صغير في قرية دوما قرب نابلس، بمثابة طرق لباب لا يفتح، أو لن يفتح سريعاً؛ بمعنى أنّه لن يوقف القتل الإسرائيلي. والحديث عن أنّ الجانبين الأردني والفلسطيني اتفقا على رفع مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة “بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي”، رداً على جريمة إحراق الرضيع علي دوابشة، هو دخول من الباب ذاته الذي لا يؤدي إلى المكان المطلوب، بفضل “الفيتو” الأميركي، ما يتطلب نهج تدويل مختلفا.
إذا كان الشعب الفلسطيني قد أضاع أكثر من عقدين من الزمن في المفاوضات الخاسرة (وليس العبثية فقط)، فإنّ الأمور تتجه للحديث عن “تدويل عبثي”، لا طائل منه إلا الحديث عن المفاوضات بالجوهر ذاته واختلاف الشكل.
لقد تمخضت الدبلوماسية الفرنسية عن الحديث عن مبادرة لإعادة إطلاق المفاوضات، وليس إنهاء الاحتلال ووضع موعد لذلك، كما هي الفكرة الأساسية لنهج التدويل.
هناك مؤخرا داخل الأوساط الفلسطينية الرسمية، من يفرق بين فكرتي تدويل الصراع وتدويل الحل. وعمليا، نجد أنفسنا أقرب لنهج لا تدويل فيه؛ بمعنى أنّه لا فرق بين النهج الفلسطيني الذاهب للأمم المتحدة منذ مطلع السبعينيات، وما يفعله الفلسطينيون الآن.
النهج العالمي للتعامل مع المسألة الفلسطينية هو نهج “إدارة الصراع”؛ بمعنى استيعاب أي تغير في وتيرته، سواء أكانت هذه الوتيرة توتراً وتصعيداً ميدانياً عُنفياً وشعبياً، أو حتى تفعيلا دبلوماسياً بآليات مختلفة عن آلية المفاوضات الثنائية، أو حراكاً بعيداً عن الحدود المقرة سلفا للتحرك المسموح في الأمم المتحدة. ولا يبدو أن النهج الفرنسي والأوروبي مختلف الآن. ولا يبدو أن المحكمة الجنائية الدولية ستغير من مسار الصراع على نحو يغير النهج الإسرائيلي والاستيطاني.
في مثل حالة جرائم كالتي يرتكبها المستوطنون يومياً، فإنّ الصدمة المتولدة منها كونيّاً، تُنشئ حالة مواتية لمطالبة العالم بتغيير نهجه.
في ضوء المعلومات المتوافرة، فإنّه يمكن الاستنتاج أنّ أقصى ما يمكن أن ينشأ عن المبادرة الفرنسية، أنّه في حال أطلقت مفاوضات (وهذا مشكوك فيه)، وفي حال فشلت المفاوضات (وهذا مرجح)، سترد دول مثل فرنسا بالاعتراف بفلسطين دولةً، وهذا أمر لن يعني شيئاً عملياً على الأرض، من جهة وقف الاستيطان أو وقف الجرائم الإسرائيلية (التي يقول الرئيس الفلسطيني إنها تحدث بواقع ثلاث جرائم يومياً، أو ألف جريمة سنويا، وذلك بإعلانه وقوع 11 ألف حادث منذ العام 2014).
ما يمكن أن يغير الواقع ويؤدي إلى تدويل الصراع حقاً، هو وضع خريطة طريق للإجراءات الدولية الممكنة ضد كل الكيان الإسرائيلي (المعترف به دولةً، وما يوصف بأنّه احتلال).
في جزء من الاقتراحات الأوروبية، تأسيس وحدة دعم للمفاوضات. والسؤال: هل يمكن تشكيل مجموعة كالتي اختصت بإيران (مجموعة 5+1)، يكون جزءا من مهامها التفاوض مع الإسرائيليين، مع تصور مسبق لإمكانية استخدام أدوات شبيهة بما جرى مع إيران؛ من حظر اقتصادي وتقليص التعاون الاقتصادي معها؟
حتى يكون سيناريو التدويل مقنعاً، يجب المضي في مثل هذا الاتجاه. فهل يمكن توجيه أسئلة صريحة وواضحة للأوروبيين والعالم، إذا كان مستعدا لمثل هذا النهج، في ظل فشل المفاوضات الراهن، أو إذا فشلت؟ ثم، هل يمكن الآن البدء بوضع قوائم بأسماء المستوطنين ومن يساندهم، وإدراجهم على لوائح الإرهاب الدولية، خاصة أنّ الإسرائيليين أنفسهم يدرسون إعلان هؤلاء بأنهم إرهابيون، وأن مجموعات مثل مجموعة “تدفيع الثمن” هي مجموعة إرهابية؟
يمكن وضع أجندة لمؤتمر عالمي لدراسة هذه القضايا والإجراءات. وبطبيعة الحال، سيدعى الإسرائيليون له، وسيعارضون الانعقاد على خلفية أجندة من هذا النوع، وعلى الأغلب سيمتنعون عن الحضور. وهذا لا يجب أن يمنع الانعقاد والتفاعل الدولي، بل يجب أن يساعد على دفع العجلة قدماً في اتجاه آخر سوى المفاوضات الخاسرة، والتدويل العبثي القائم على المراهنة على القانون الدولي غير الناضج حتى الآن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 39 / 2178632

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

50 من الزوار الآن

2178632 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 51


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40