الأحد 12 تموز (يوليو) 2015

لا شماتة..!

الأحد 12 تموز (يوليو) 2015 par صالح عوض

الشعب اليوناني يقولها : “لا” .. كبيرة في وجه الاتحاد الأوروبي وشروطه الإذلالية.. ورغم التخويف والتهديد اللذين ضختهما وسائل الإعلام الغربية ورغم نشاط اليمين اليوناني المكثف إلا أن أحفاد الثقافة والفلسفة والفن والأدب أصروا أن لا يجرهم أزيز رأس المال على أنوفهم أذلاء فيبيعوا كرامتهم وسيادتهم ويتحولون خماسين في بلادهم.. ثأروا لكرامتهم الوطنية بعد ان اوغل الراسماليون في اهانتهم باشتراطات جديدة وعرضوا عليهم شراء جزرهم ومناطقهم التاريخية والأثرية.. وبعد أن أوقعت فلسفة الاتحاد الأوروبي خسائر فادحة في الاقتصاد اليوناني تزيد عن عشرات مليارات الدولارات في السنوات القليلة الفائتة، وبعد أن تم تدمير الماكنة الصناعية للبلد.. وكان للحكومة اليونانية الموقف التاريخي بأن أعاد الأمر للشعب ليقول كلمته ووقف رئيس الحكومة اليوناني ليعلن عن رأيه بوضوح داعيا شعبه إلى رفض الإهانة والإذلال.. فكانت النتيجة أن منحه الشعب التأييد أكثر من نسبة فوزه في الانتخابات البرلمانية.. هذا مع أن الشعب يدرك نتيجة الـ“لا” التي جهر بها..

الـ “لا” اليونانية تعني أن هناك إرادة للشعوب تقف أمام المؤسسة الراسمالية العملاقية واشتراطاتها .. وهذا شأن جديد سيفرض نفسه في صياغة العلاقات والتحالفات الدولية من جديد.. إنه درس ونموذج كبير ومهم سيجد صداه عما قريب في إسبانيا وإيطاليا والبرتغال، بعد أن كادت فلسفة الاتحاد الأوروبي تفلس اقتصادياتها وقد ضربتها في الصميم.

ها هو الاتحاد الأوروبي يتصدع بعد أن كان التآمه حجة علينا وتعبيرا مزيفا عن وعي افتراضي بضرورة إزاحة الحواجز والحدود بين أبناء البشر.. ولطالما نبه المنصفون أن عملية توحيد أوروبا إنما هي محاولة من النظام الراسمالي المتوحش لتركيز الثروة ووضع الخطط لاستمرار الحضور الاستعماري الغربي نهبا وسطوة على خيرات الشعوب في الجنوب.. بل وحتى في اعادة تشكيل المجتمعات الاوربية لمصلحة الشركات العملاقة وراس المال المتوحش.

كانت شروط الانضمام للاتحاد الاوربي تعني اعادة هيكلة النظام الاقتصادي للدولة الملتحقة بما ينسجم مع المصالح الاستراتيجية للكبار .. وفي هذا الصعيد تم تدمير المؤسسات الصناعية المتوسطة وهجرة راس المال وتعطل مشاريع البنية التحتية لدول عديدة ..

دوي كبير يهز اركان النظام الاقتصادي

الراسمالي.. وها نحن نكتشف أن الوحدة التي تغنوا بها كثيرا لم تكن تستند إلى أي عمق حقيقي ثقافي أو عقائدي أو إنساني.. إنما على ركنين فقط، هما المصلحة الاقتصادية المركزة لكبار الدول الاوربية والمصلحة الامبريالية للراسماليين الكبار وذلك للتصدي للوحش الصيني ولاحتمال استعادة الدب الروسي لياقته وقدرته.

عندما يتصدع الاتحاد الأوربي وتنسحب منه دول اوربية عديدة .. إنما هي خطوة ضرورية حقيقية لهذه الدول لانقاذ مجتمعاتها واقتصادياتها قبل أن تتفسخ وتذوي وتتلاشى.. ومن هنا بالضبط يكون النظام الاقتصادي الراسمالي قد تكشف عن خلله الجوهري ..إنه نظام لا أخلاقي واستعبادي واستحواذي.. لهذا فإن فناءه حتمي ومطلب لكل الاحرارر في العالم.

تسقط رايات الغرب الراسمالية في حفرة سحيقة فهل من منقذ لها.. نخشى أن تكون مصالح البعض في بلاد العرب والمسلمين تقتضي أن يقدم يد المساعدة للنظام الغربي بعقد صفقات بمليارات الدولارات ليضخ فيه الحياة من جديد.. ورغم ذلك فإن تشكلا دوليا جديدا سيتضح في الأفق عما قريب.. ويومئذ يفرح المؤمنون باضمحلال الهيمنة الغربية الراسمالية.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2178622

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

50 من الزوار الآن

2178622 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 51


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40