الأربعاء 18 آب (أغسطس) 2010

عرفات يحل لكم لغز المباشرة.....!

الأربعاء 18 آب (أغسطس) 2010 par أيمن اللبدي

في اليوم الذي أدرك فيه الشهيد ياسر عرفات أن الطريق الذي سار فيه منذ قصة النقاط العشر إياها انتهى مع الصورة الحقيقية المطلوبة من الرقم الفلسطيني، والتي وجدها أمامه حقيقة عارية على طاولة كلينتون في «كامب ديفيد 2000»، وهو ذات اليوم الذي رفض فيه قبول هذه المعادلة الجديدة وهذا المصير، وقرر أن لا بد من الخروج من الفخ التاريخي الذي استهلك ثلاثة عقود كاملة من عمر القضية الفلسطينية، صدر القرار باغتيال عرفات واغتيال ممر الخروج من هذا الفخ معاً.

مساحة الجواب عن سؤال من قتل عرفات ونفذ أمر اغتياله واغتيال ممر الخروج للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية معه من فخ المصير الأسود، لا زالت مفتوحة على مصارعها ومعها في ذات الوقت أسئلة طبيعة الأدوار التي لعبها من جاء بعد عرفات في هذه القضية وفي إجابة السؤال المنطقي المرتبط بهذا كله، والذي يدور عن حقيقة التعميد الذي صدر لمن جاء بعد عرفات وعلى أي أساس قد صدر هذا التعميد وما هي مسوغاته.

المنطق البارد لا يحتمل ولو نسبة شفعة الشك بأن تكون الجهات التي أصدرت قرارها باغتيال ياسر عرفات ومعه اغتيال المخرج الذي كان قد راهن عليه، هي ذاتها الجهات التي قد قبلت أو ستقبل بأن تكون نوعية خليفة ياسر عرفات إزاء ما عرض عليه هي ذاتها نوعية ياسر عرفات، فهي في الواقع مسألة بسيطة لا تحتاج التحليل ولا التفسير، لأنها بالقطع - طالما كانت نافذة لهذه الدرجة - فإنها ألف باء أن تحرص على انتقاء «الشريك المناسب»، حيث أول مؤهلاته القطعية لهذا الدور هو اختراق ما رفضه ياسر عرفات من جهة، وقبول إغلاق ممر ياسر عرفات الذي حاول إبقاءه من جهة أخرى للخروج من الفخ الذي وجده أمامه.

وإذا كانت هذه حقائق «الشريك» الذي تم تعميده لهذا الدور، سواء أكان هذا الشريك الجديد شخصاً أم مؤسسة أم منظومة تحلف بينها، فإنها ستتصرف بالقطع في هذه المسألة تحديداً في ثلاثة إتجاهات متوازية، الأول أن تخفي حقيقة ملف اغتيال ياسر عرفات وتدفنه معه، والثاني : أن تسهم في إغلاق كل الطرق المؤدية إلى أي مخرج آمن كان قد وضعه ياسر عرفات، والثالث : أن تجتهد في بذل كل ما تستطيعه من أجل تأمين بقاء شروط دورها في هذه اللعبة بما تحمله هذه المهمة من فك وتركيب، وتحطيم وإعادة توصيل، في الصورة العامة التي مثلتها قيادة ياسر عرفات ومثلتها خلاصة تجربته.

هل يوجد اليوم في الصورة الفلسطينية ما يناقض هذه الاتجاهات الثلاث أم ما يفسرها؟ هذا سؤال أصبحت إجابته حاصلة بقوة في ذهن المواطن الفلسطيني العادي ورجل الشارع، سواء أكان داخل الوطن المحتل أم في الشتات، وثمة مئات من الصور التي يجري ترجمتها على أساس هذه القواعد المنطقية التي لا تحتاج إعادة نظر في أيها، ومسألة حصول طفرة واحدة ولو لمرة واحدة على أي من هذه الدلائل بحيث تري ولو نوعاً من التعارض معها حتى لو كان شكلياً، أصبح واضحاً إنه غير متوقع على الإطلاق، فهو نوع من التحدي الذي يبدو أنه لا يمكن أن تجتازه حالة ووضع «الشريك» الذي هو في شراكة من نوع خاص.

يعني سواء أكانت الحلقة الدرامية اليومية اسمها «مفاوضات مباشرة»، أو «مفاوضات غير مباشرة»، «مفاوضات تقريب» أو «مفاوضات تجريب»، ومهما كانت التسمية الموضوعة فإن النتائج ليست تلكم التي ستنتهي إليها هذه جميعاً، بل النتائج الحقيقية هي تلكم التي تراكمها حكومة العدو على الأرض لأن هذا هو جوهر وعنوان القصة في أصل «الشراكة» وليس غيرها، وتستخدم الحلقات الدرامية الأخرى في شراء الوقت لتنفيذ استحقاقات التعميد الذي جرت على أساسه عملية «الشراكة» مع هذه الحالة التي بدا أن أطرافها أكثر من أن تكون شخصاً بعينه، فهي في الواقع تحالف لافت ضم الأشخاص ومتعهدي المقاولات الكبرى والصغرى من الباطن، كما ضم إليه قوى ومؤسسات كلها تشارك في نفس القصة بقدر ما.

النكات السمجة في مسألة ما هو حاصل وبالذات آخرها نكتة «الضغوط» و«البطبوط» هي مسألة تشبه الإخراج المسرحي لأفلام الكارتون، ومثلها تتوفر هذه الأيام وعلى مدار عدة سنوات نكات سمجة من أعيرة مختلفة، فهؤلاء الذين يطلقون هذه النكات ويرون في أعيرتها المختلفة ستاراً حاجباً لأوراق توتهم المتآكلة، لا يعلمون أنها فقدت أصلاً أهم معيار لصلاحية النكتة، فلا يوجد مفارقة منطقية تستوجب عند سماع هذه الروايات ما يحفز حتى الذهن الخالي أن يستجيب لها!، في الواقع هي أصبحت أقرب إلى صوت هروب الماء من صنابير تالفة أكثر منها قرباً من أي نشاط لغوي.

في الجانب الآخر فإن قوى أخرى لم تكن مقبولة في هذه «الشراكة» لأسباب واضحة، يقع في أولها مسألة الموقف من المخرج الآمن ونوعيته، وليس الموقف من قيادة ياسر عرفات نفسه وتجربته، باتت هي الأخرى في لحظة ما وقد أصبحت جزءاً من ترسيخ وتكليس الصورة على ما هي عليه اليوم مهما امتدت السنوات وتنوعت المعاناة، في محاولة أيضا لشراء وقت بالنسبة لها يمكنها من دخول لعبة «الشراكة» إياها ولو ببعض التحويرات التي تتيح لها تحقيق اختراقات حزبية على حساب المعادلة الوطنية والقضية الوطنية، ودائماً هناك تبرير الحصار والحاجة إلى التمهل وغيرها لدفع فاتورة الوقت المطلوب.

الدور الوطني والمعادلة الوطنية الحقيقية اليوم هي ليست في محاولة الخياطة على جراح نازفة، ولا في ممارسة سياسات النعام التي يتقنها الجميع، بل الدور الوطني الحقيقي والمعادلة الوطنية الحقيقية هي التي تبدأ من مواجهة قصة ياسر عرفات عام 2000 وما تلاها من وضع، بالضبط كما هو الحال في لبنان الذي بدأ مؤخراً في استجابة إلى ذات الوضع في مسألة جواب من قتل الشهيد رفيق الحريري، وعندما تتم مواجهة من قتل ياسر عرفات كما بدأت مواجهة من قتل الحريري في لبنان، تكون فلسطين على طريق استنقاذ الممر الآمن الحقيقي الذي يستعيد القضية من فخ «شراكة» واضح أنها تهدف إلى شطب فلسطين وعلى حساب شعبها ومعاناته وحقوقه.

واضح أننا لسنا بصدد تفسير نظريات سياسية ولا شرح مقولات فكرية أو نظرية، وإن كان ذلك قد استغرق بعض الوقت أحياناً في محاولة فهم هذه الصورة فهماً دقيقاً، إلا أن الفشل الدائم في إيجاد أي تبريرات منطقية لهذه جميعاً لم يبق إلا ذلك التفسير المنطقي الواضح مصدراً للفهم لحقيقة ما يجرى وما قد جرى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2179066

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2179066 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40