الأربعاء 3 حزيران (يونيو) 2015

“داعش” تحصد ثمار الفوضى الليبية

الأربعاء 3 حزيران (يونيو) 2015 par حبيب راشدين

يتوالى سقوط المدن العربية بيد “داعش” دون قتال يذكر؛ فبعد الموصل والرمادي بالعراق، والرقة وتدمر بسورية، سقطت سيرت: ثالث أكبر المدن الليبية بأيدي تنظيم “داعش” الذي استولى أيضا على مطارها العسكري بعد انسحاب اللواء 166 التابع لقوات “فجر ليبيا” المقرّبة من الإخوان.

بعد السيطرة على مدينة درنة منذ نهاية ما سمي بثورة 17 فبراير، استغلت “داعش” الفوضى المستدامة وحالة الانقسام، وعبث بعض الدول الغربية والإقليمية بمصير الليبيين لتتمدد في التوقيت المناسب، وتنسف بصيص الأمل الذي بدأ يتشكل على خلفية المفاوضات الجارية في الجزائر والمغرب بين الحكومتين والبرلمانين في طبرق وطرابلس، وبدأت في التمدد السريع شرقا نحو الهلال النفطي، وجنوبا في الجفرة باتجاه سبها، قلب الصحراء الليبية.

الحدث وقع عشية انعقاد مؤتمر دولي أمس في باريس لما يُسمى بالتحالف الدولي لمحاربة “داعش” في المشرق، كما حصل أياما قليلة بعد صدور تهديدات أوروبية بتنظيم حملات بحرية على سواحل ليبيا تحت عنوان محاربة الهجرة السرية.

غير أن ما هو موثق من سلوك تنظيم “الدولة الإسلامية” العسكري في سورية والعراق، أنه يتحرّك وفق خطة عقلانية إستراتيجية، تستهدف التوغّل في مناطق تمنحها السيطرة والتحكّم على واحد من أربعة أهداف قيادية في خطتها الشاملة: السيطرة على موارد الطاقة، أو التحكم في عقد خطوط المواصلات، أو السيطرة على تجهيزات ومُعدّات عسكرية وذخائر، أو التحكم في مصادر المياه.

في الحالة الليبية، سوف تسمح السيطرة على سيرت بالسيطرة على منظومة السرير - سرت - تازربو - بنغازي التي تنقل 18 مليون متر مكعب من مياه “النهر العظيم” نحو سيرت وبنغازي والمنطقة الشرقية، وسوف يسمح التمدد في قلب الصحراء الليبية بالسيطرة على الحقول الستة لضخ المياه من الجنوب الغربي في منطقة غدامس وجبل حسونة، وفي الجنوب الشرقي من الكفرة وتازربو والسرير، وهي مناطق صحراوية معزولة غير قابلة للتأمين إلا بمنظومة السلاح الجوي، كما هي مواقع استخراج ونقل النفط والغاز التي تتطابق شبكتُها مع شبكة آبار ضخّ مياه “النهر العظيم” في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، وعشرات الحقول الأكثر أهمية جنوب سيرت ومنطقة السرير.

وإلى غاية استكمال “داعش” تنفيذ برنامج التمدد والسيطرة على الفضاء المفيد من ليبيا، فلا خوف لا على طرابلس وبقية المدن في غرب وشرق ليبيا، ولا على دول الجوار إلا من عمليات محلية محدودة مضللة، تريد إنتاج الرعب وتثبيت الخصوم، لكن السماح لـ“داعش” بتحقيق هذا البرنامج دون التسريع بحل الأزمة الليبية ودعم قيام حكومة وحدة وطنية، وبناء جيش وطني ليبي، سوف يعرّض ليبيا لواحد من الأمرين:

الأول : انتقال “داعش” من مرحلة التمدّد في الفضاء المفيد إلى السيطرة على كامل جغرافية ليبيا، مع التدفق مستقبلا نحو دول الجوار وتحديدا تونس الضعيفة.

الثاني: تحرّك تحالف غربي لقيادة تدخل عسكري واسع بدعوى حماية المنشآت النفطية، ومحاربة الهجرة، والذي قد يمنح فرصة أكبر لتنظيم “الدولة الإسلامية” لشراء ولاء القبائل الليبية وخلق بيئة شعبية حاضنة للتنظيم على غرار ما حصل في العراق وسورية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2178133

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حبيب راشدين   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2178133 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40