الخميس 28 أيار (مايو) 2015

التنين اليَقظ

الخميس 28 أيار (مايو) 2015 par علي بدوان

بالرغم من الهزات العنيفة التي ضَرَبَت الاقتصاد العالمي، بما في ذلك أسواق المال منذ عام 2008، إلا أن النمو الاقتصادي في جمهورية الصين الشعبية مازال متواصلاً ولو وقعت عليه بعض التراجعات قياساً لفترات معينة في العام الواحد. فيما حافظت الصين على تَصدُّرها الموقع الأول من حيث حيازتها للعملات الصعبة وخاصة منها الدولار الأميركي، وذلك في بلدٍ يُشكّل سكانه نحو (20 %) من عدد سكان المعمورة تقريباً. وهكذا سجّلت حصّة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نمواً سنوياً معدله 8 % منذ عام 1978، وتحرر مئات الملايين من الصينيين من الفقر، في الوقت الذي باتت فيه الصين الشعبية تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وبالطبع فإن أسباب ومصدر الحفاظ على استمرار النمو الاقتصادي العام في الصين ولو بوتيرة مُتقلبة يعود لعدة أسباب، اولها أن الاقتصاد الصيني مُتنوع. وثانيها أن الصين بدأت منذ وقت طويل ترخيص وتشجيع عَمَل مجموعات من شركات القطاع الخاص العملاقة إلى جانب شركات الدولة، قادرة على منافسة أكبر الشركات الأميركية أو اليابانية، وعلى سبيل المثال تمكنت شركات التجارة الإلكترونية من إنجاز أكبر اكتتاب عام أولي في التاريخ، وجمعت منه 25 مليار دولار، ليتجاوز رأسمالها في السوق 200 مليار دولار. وثالثها أن القوانين الاقتصادية في الصين الشعبية وقواعد الاستثمار باتت موضع جذب واهتمام من قبل الشركات الكبرى في العالم بالترافق مع الانفتاح على الأسواق العالمية وهو ما جعل من الصين تتبوأ مكاناً مرموقاً في علم الإدارة الاقتصادية الاجتماعية رغم مشاكل الفساد المرافق. ورابعها أن الصين الشعبية تعمل بدأب كبير على زيادة استثماراتها الخارجية في مجالات عدة مع عشرات الدول في العالم وخاصة في القارة الإفريقية. وخامسها أن الصين تنأى بنفسها عن المواجهات السياسية الكبرى لصالح الاهتمام بالنهوض العام في البلاد، وتبريد المشاكل مع مختلف الأطراف حتى مع الولايات المتحدة، وإبقائها تحت السيطرة وبعيداً عن الانفلات انطلاقاً من براغماتية عالية باتت أساساً تميز السياسات الصينية المتبعة، وتحديداً منذ تبني القيادة الصينية برنامج الإصلاح الاقتصادي وسياسة الانفتاح المدروس.

ومع كل هذا وذاك، تقف الصين الشعبية اليوم أمام تحديات جديدة، ومنها تقلبات النمو الاقتصادي. حيث من الصحيح أن معدلات النمو التي تحققها الصين حالياً لا تراها باقي البلدان المتقدمة والبلدان النامية، إلا أنها دون المقومات المطلوبة للمحافظة لتبقى هذه الماكينة الآسيوية في تألقها الإنتاجي المعهود ووفق الطموحات التي يريدها صناع القرار في الصين الشعبية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2178622

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

50 من الزوار الآن

2178622 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 51


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40