الاثنين 18 أيار (مايو) 2015

إسرائيل: أوباما يفضل «النووي» على «حل الدولتين»

الاثنين 18 أيار (مايو) 2015 par حلمي موسى

فسر مراقبون إسرائيليون إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لا فرصة قريبة للتوصل إلى اتفاق إسرائيلي - فلسطيني على أنه محاولة لتجنب مواجهة إضافية مع الحكومة الإسرائيلية قبيل إقرار الاتفاق النووي مع إيران.
وتنبع هذه المحاولة من مساعي أوباما تقليص احتمالات اعتراض أعضاء ديموقراطيين في الكونغرس على مساعيه لإبرام الاتفاق مع إيران. ومع ذلك لا يستبعدون أن يكون إعلان أوباما هذا نوعا من الحث الخفي لأوروبا على التحرك في هذا الفراغ.
وأشار أوباما، في مقابلة مع قناة «العربية»، إلى الصراع المستمر بين إسرائيل والفلسطينيين بلهجة أشد تشاؤماً من أي وقت مضى. وأعلن أنه لا يعتقد أن بالوسع التوصل إلى اتفاق شامل بين الطرفين في العام القريب. وعزا ذلك أساساً إلى واقع تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتحديات التي يواجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ومع ذلك كرر أوباما التزامه بحل الدولتين، مشدداً على أهمية خلق الثقة بين الطرفين، برغم اعتباره ذلك «تحدياً فائق الصعوبة». وشدد على تأييده لإسرائيل وعلى عمق العلاقات بينها وبين أميركا، وأن لإسرائيل مخاوف مشروعة، لكنه شدد، في مقابل ذلك، على التزامه التام بالدولة الفلسطينية، معتبراً أن الحل الوحيد المتوفر هو حل الدولتين.
وقال أوباما «لقد عملنا بدأب، لكن الحقيقة هي أن السياسة في إسرائيل والسياسة الداخلية الفلسطينية قادتا لأن لا يكون لأي من الطرفين ثقة بالطرف الآخر لتحقيق الانطلاقة للأمام». وأضاف أن ما بالوسع فعله في هذه المرحلة هو محاولة إعادة بناء الثقة بين الطرفين، ليس عبر صفقة شاملة وكبيرة، وأنا لا أعتقد أن بالوسع تحقيق هكذا صفقة في السنة القريبة بسبب تشكيلة حكومة بنيامين نتنياهو والتحديات التي يواجهها أبو مازن، وإنما بخطوات بناء الثقة».
وحسب أوباما فإن إحدى طرق إعادة بناء الثقة هي «مساعدة الناس البسطاء في قطاع غزة كجزء من إعادة الإعمار بعد التدمير». واقترح خلق فرص اقتصادية ووقائع، معلناً «أننا إذا أفلحنا في بناء هكذا نوع من الثقة، فإنني أؤمن أن المنطق في حل الدولتين سينال مصادقة من جديد».
وخلص أوباما في هذا الشأن إلى القول: «قلت لإسرائيليين: لا يمكنكم البقاء دولة ديموقراطية ويهودية أيضا إن لم تحلوا هذه المشكلة، وقلت للفلسطينيين أنكم لا تنتظروا أن تغدو لكم دولة، إن لم تعترفوا بإسرائيل. لأن إسرائيل لن تذهب إلى أي مكان آخر».
وتتناقض بعض أقوال أوباما هذه مع ما كان قاله لنتنياهو بعد فوز الأخير في الانتخابات، حينما أكد، في اتصال التهنئة، على رفض إدارته لما كان تعهد به نتنياهو أثناء الحملة الانتخابية حول أنه لن تقوم دولة فلسطينية في ولايته. وفي حينه أعلن البيت الأبيض عن أن الإدارة الأميركية بصدد إعادة تقويم مقاربتها للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وكتب المراسل السياسي لموقع «والا» الإخباري أمير تيفون إن «إعادة التقويم» أو «المراجعة» تعبير لا أحد من الزعماء يرغب بسماعه من الرئيس الأميركي بشأن دولته. وفي تاريخ العلاقة بين إسرائيل وأميركا سمع للمرة الأولى في أواسط السبعينات حينما قررت إدارة فورد «إعادة تقويم» علاقاتها مع إسرائيل، بسبب رفضها للعملية السلمية مع مصر. في حينه قاد التهديد بذلك إسرائيل إلى إبداء مرونة ومهد الطريق أمام الاتفاق المرحلي الإسرائيلي - المصري عام 1975.
ويشير تيفون إلى أن كلام أوباما مؤخراً عن «إعادة التقويم» في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني جاء بعد عام من انهيار المفاوضات التي أدارها وزير الخارجية جون كيري. وحينها اعترف أوباما بأنه لا توجد فرصة للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وانه بدلا من تضييع الوقت في مفاوضات غير مجدية من الأفضل التركيز على خطوات ميدانية تبقي على قيد الحياة حل الدولتين على أمل أن تتوفر لاحقا فرصة لتحقيقه.
وأوضح تيفون أن أوباما لم يقل أن السبب الأساس في قراره لا يعود إلى النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني بقدر ما يعود لإيران ومشروعها النووي. ورغم خطاب نتنياهو في الكونغرس تتوفر لأوباما فرصة إقرار الاتفاق النووي في الكونغرس. ويخشون في البيت الأبيض من أن صداماً جديداً مع إسرائيل قد يساعد نتنياهو على تجنيد أعضاء من الكونغرس من الحزب الديموقراطي للوقوف ضد الاتفاق النووي. ولذلك فإن أوباما، في الاختيار بين الاتفاق مع طهران وتأييد الدولة الفلسطينية، اختار إيران، وهو يعرف أن قراره هذا يسد الطريق أمام الفلسطينيين ربما حتى نهاية ولايته.
وكان أوباما قد عين في آذار الماضي روبرت مالي مستشاراً خاصاً لشؤون الشرق الأوسط. وقد تعرض مالي في الماضي لحملات شديدة من جانب اللوبي الصهيوني بعد نشره مقالة موسعة عن مؤتمر كامب ديفيد عارض فيها رواية الرئيس بيل كلينتون، وألقى جزئيا باللوم على رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها إيهود باراك لفشل المفاوضات وليس على ياسر عرفات. واعتبر تعيين مالي دلالة على التزام أوباما بالموضوع الفلسطيني، لكن مالي يركز حالياً على الاتفاق مع إيران وعلى العلاقات مع دول الخليج.
وخلص تيفون مع ذلك إلى أنه ليس معروفا بعد كيف ستتصرف الإدارة الأميركية مع مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن، وهل ستستخدم حق النقض (الفيتو) أم لا؟ وكتب أن الأمر الوحيد الذي ينبغي أن يقلق نتنياهو في كلام أوباما هو أثر ذلك على أوروبا. ففي الاتحاد سجال حول سبل التعامل مع إسرائيل، إذ أن وزيرة خارجية الاتحاد فردريكا موغيريني التي تصل قريبا معنية بإقناع أبو مازن ونتنياهو بالعودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن مسؤولين أوروبيين مقتنعون بأن هذا مضيعة للوقت، وهم يدعون لاتخاذ تدابير عقابية ضد الاستيطان. وعندما يقول الرئيس الأميركي أنه لا جدوى من المفاوضات فإن كلامه يحسم الجدل في أوروبا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2177216

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حلمي موسى   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2177216 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40