الاثنين 11 أيار (مايو) 2015

حكومة نتنياهو تقود إسرائيل إلى التيه

الاثنين 11 أيار (مايو) 2015 par حلمي موسى

تحتدم الصراعات ليس فقط داخل الائتلاف الإسرائيلي الجديد ووسط مكوناته وإنما أيضا داخل المعارضة. ومن الجائز أن أحدا ذات يوم سيشير إلى الحلبة السياسية الإسرائيلية، في صورتها الراهنة، مستغربا كيف أنها تدار. فالحكومة تحوي من التناقضات ما يجعل الحاجة إلى أعداء أمرا نافلا. والمعارضة، رغم اعتراضها على نتنياهو، لا تجد سبيلا للاتحاد في مواجهته. والوضع في إسرائيل على أكثر من صعيد يزداد سوءا.
وقد قيل الكثير في الصراعات الشخصية والأيديولوجية بين الليكود وأقرب الحلفاء إليه، البيت اليهودي. فنفتالي بينت الكريه على بيت نتنياهو عمد إلى وضع الملح في الجرح بجلبه إييلت شاكيد إلى الحكومة ووضعه لها في وزارة العدل حيث باتت، بموجب القانون، عضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية. وإذا كان ذلك يعني شيئا فإنه يعني فتح العزاء في بيت الزوجين نتنياهو اللذان يريان في بينت وشاكيد عناوين الخسارة.
ولا حاجة لتذكير نتنياهو بـ «الرفيق الأقرب»، أفيغدور ليبرمان الذي صنع لنتنياهو «الخازوق» الأكبر وأجلسه عليه بانسحابه من الائتلاف رغم نيله وزارتي الخارجية والزراعة. فما كان في خلد ليبرمان هو الثأر لسنوات خدمته لنتنياهو منذ كان مساعدا له في «الغواصة» التي حملت نتنياهو من المجهول إلى زعامة الليكود وبعدها إلى رئاسة الحكومة.
ومن الجائز أن كلا من بينت وشاكيد وليبرمان، وجميعهم عملوا قريبا جدا من نتنياهو وكمساعدين له، يشكل شهادة على أن نتنياهو لا يضمر إخلاصا لمن يعملون معه. ولكن ما هو أهم من ذلك أن أمثال هؤلاء يخرجون بضغينة كبيرة تجاه نتنياهو وزوجته وتجاه الليكود. ومهم الإشارة إلى أن نتنياهو تجنب غضب موشي كحلون، الذي خرج من الليكود غاضبا على نتنياهو، بأن منحه كل مراده من المناصب والنفوذ لضمان بقائه في الائتلاف.
ولكن كل هذا لا يقارن بالصراع الدموي الدائر حاليا في صفوف الليكود قبيل توزيع الحقائب الوزارية. وكان تهديد عضو الكنيست أيوب قرا بالتغيب عن الكنيست إذا لم ينل منصبا وزاريا مجرد إشارة إلى ما يدور في الليكود. فأعضاء الكنيست من الليكود توّاقون للمناصب ومستعدون للتذابح من أجل الوصول إليها. كما أن الوزراء الحاليون معنيون بتحسين مواقعهم. وكل هذا اصطدم بسعي نتنياهو أولا لضمان شركائه قبل أن يضمن أعضاء حزبه. وبعد أن توزع الحقائب سيظهر حجم الانتقام الذي سيبديه من يشعرون بأن نتنياهو حال دونهم ونيل مرادهم.
ويشير معلقون إلى أن التوتر يبلغ ذروته في الليكود بين من يريدون حقيبة الخارجية ومن سيكون خارج المعادلة. وملخص الأمر أن التوّاقين للمناصب أكثر عددا بكثير من المناصب المتوفرة خصوصا بعدما اضطر نتنياهو لتوزيع الحقائب الهامة على شركائه الائتلافيين.
وأيا يكن الحال فإن نتنياهو ينوي أولا وقبل كل شيء توسيع حكومته ليتمكن من تعيين الوزراء. وعدا عن الصدام بين ما اعتبرته حكومة نتنياهو السابقة انجازا وما تتخلى عنه حكومة نتنياهو الحالية، هناك التكلفة المالية للوزارات الجديدة في ظل حديث عن زيادة الدعم الاجتماعي رغم تراجع واردات الدولة. وربما أن هذه المفارقة تشكل أرضية لحملة واسعة من جانب المعارضة ضد حكومة نتنياهو الجديدة التي تستند فقط إلى تأييد 61 نائبا.
وائتلاف من 61 نائبا هو ائتلاف هش لأنه يعني أن غياب أي نائب عن الكنيست قد يكلف الحكومة مصيرها. ولكن ما يسمح لنتنياهو بالتنفس ولو قليلا هو واقع أن المعارضة تشبه الائتلاف في كونها ليست موحدة وربما يصعب توحيدها. والمعارضة الحالية لنتنياهو تقع عمليا على جانبي وجوده. فإسرائيل بيتنا يعارض الحكومة من جهة اليمين فيما كل الكتل الأخرى تعارضها من جهة اليسار.
ومعروف أن المعارضة تضم حاليا المعسكر الصهيوني (بشقيه حزب العمل وحركة تسيبي ليفني) وهو الكتلة الأكبر والتي تعتبر زعيمة المعارضة و «هناك مستقبل» (بزعامة يائير لبيد) و «ميرتس» و «القائمة العربية المشتركة». ويعلن ليبرمان من الآن أنه سيخوض حربا ضد حكومة نتنياهو ولكن ليس بالتعاون مع القائمة العربية ولا حتى مع هرتسوغ ولبيد.
ولكن المشكلة أيضا تتمثل في أن «هناك مستقبلاً» يتعامل مع «المعسكر الصهيوني» وكأنه يتسابق من أجل الدخول إلى حكومة نتنياهو وبالتالي فإنه ليس معارضة حقيقية. ويحاول لبيد التعامل وكأنه زعيم المعارضة الحقيقي. لكن لبيد، على درب الأحزاب الصهيونية الأخرى، لا يريد التعاون على هذا الصعيد مع القائمة العربية حتى لا يبدو «يساريا».
وبديهي أن هذا يخلق ظروفا قد تكون مريحة لنتنياهو وتمنع اسقاطه في القريب العاجل. فإذا كانت المعارضة على هذا الشكل من التشرذم والاختلاف فربما أن هذا سيطيل في عمر الحكومة الأشد انقساما على نفسها. ومع ذلك ثمة من يعتقدون أن مقتل حكومة نتنياهو الجديدة يتمثل في رغبة نتنياهو في التخلص بأسرع وقت ممكن من شريكه في البيت اليهودي الذي يشكل طوال الوقت في نظره سياطا يكتوي بلسعاتها على ظهره.
عموما تبدو كل الاتجاهات وكأنها تقود إلى التيه. ويقال إنه عندما تكون تائها فإن كل الطرق تغدو ظاهريا متساوية ولا تقود إلى الهدف. نتنياهو اليوم يشعر بأن الخسارة في الانتخابات ربما كانت ستكون أفضل من هكذا فوز يوقعك في التيه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165944

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حلمي موسى   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165944 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010