الأحد 15 آب (أغسطس) 2010

ليست «إسرائيل» يا سيد!!

الأحد 15 آب (أغسطس) 2010 par علي الظفيري

ما يجري في لبنان مزعج للغاية، هناك محاولات دولية مكشوفة لصياغة هذا البلد بطريقة لا تشبهه، مطلوب منه أن يكون كما يشتهي الآخرون لا كما يريد هو، وهذا ليس بالأمر الجديد، فقد كان البلد الصغير محورياً في «سايكس - بيكو» وما قبلها، وجد الخارج ضالته في التركيبة الطائفية المتعددة للبنان، وباستثناء خاص يتعلق بهوى الطائفيين في لبنان وتوقهم للخارج، لم يكن له مثيل في الحالة السورية على سبيل المثال، البلد الذي توجد فيه كل الطوائف والأعراق الموجودة في لبنان، بل وتزيد عليه!

لا يريد أحد التقليل من قيمة وأهمية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، فالظرف والشخصية والحساسيات داخل لبنان وخارجه تحتّم استثنائيةً ما في التعامل مع هذا الموضوع، لكن الأمر جاوز المعقول، وأصبح شماعة لتصفية الحسابات - وبطريقة فجة - مع أعداء المجتمع الدولي، المجتمع الذي يغزو ويحاصر ويغتال ويدمر، يريد هنا أن يمارس العدل ويكشف الحقيقة، لكنها فقط الحقيقة التي يريدها ويبحث عنها، وقد كانت قبل عام من الآن سوريا ولا شيء غيرها، هي وحدها من تلطخت يداها بدم الحريري!

الأسبوع الماضي كان الخبر الرئيسي ما تضمنه المؤتمر الصحفي للسيد حسن نصرالله، فالمؤتمر الذي عقده الأمين العام لـ «حزب الله» على مدى ساعتين وقدم فيه أدلة وقرائن على تورط «إسرائيل» في اغتيال الحريري، كان لافتاً وصادماً لمن تابعوه، ليس من ناحية أنه قدم أدلة وحججاً قوية على قيام «إسرائيل» باغتيال رفيق الحريري، بل من ناحية ردود الفعل اللبنانية والعربية على ما جاء فيه، ثمة من انتفض لمجرد توجيه التهمة لـ «إسرائيل»، وفي لبنان، إدانة الطائفة الأخرى أو الفريق الآخر المنافس أهم من كل شيء في الدنيا، هذا إذا افترضنا حسن النية طبعاً!

لماذا لا تكون «إسرائيل» متهمة باغتيال الرئيس الحريري في نظر فريق 14 آذار اللبناني؟ لماذا يظهر مصطفى علوش الصقر المستقبلي ويسخّف من قيمة ما جاء من قرائن في مؤتمر نصرالله تشير إلى ضلوع أو - احتمالية - تورط «إسرائيل» على الأقل في هذا الملف؟!، ولماذا يستهجن أمين الجميّل الرئيس السابق ما قدمه حسن نصرالله ويصف ما عُرض بـ «جيمس بوندية» فائقة، وبدل أن ينشغل بمناقشة الأدلة والقرائن يعرب عن استغرابه - وباستهجان - لقدرات الحزب في رصد طائرات التجسس «الإسرائيلية» واختراقها، حزين جداً أمين الجميّل على ما توصلت له المقاومة في بلده، وحزين أيضاً على اتهام «إسرائيل»!

الذاكرة هي الصراع في نظري، وهناك أشخاص بذاكرة مشوهة تُعدَّل بياناتها الأساسية حسب الأهواء، وهناك ذاكرة مرنة مطاطية تتغير بتغير الأحوال الجوية، الذاكرة الجنبلاطية على سبيل المثال، وهناك أشخاص وأحزاب ودول بلا ذاكرة من الأساس، وكل هؤلاء أحرجهم السيد حسن نصرالله حين أشار بإصبعه ووثائقه إلى «إسرائيل» قائلاً انظروا هناك، بعضهم لم تستطع عيناه ارتكاب هذا الإثم، والبعض الآخر كان بلا بصيرة!، لم ينتبه أن زمن المحافظين الجدد قد ولّى!

منذ اغتيال الحريري في شباط 2005 وسوريا هي المتهم الرئيسي في العملية، أربعة أعوام حدثت فيها أشياء كثيرة وكبيرة، خرج الجيش السوري من لبنان وكادت دمشق أن تسقط كما حدث لبغداد، نادى بذلك أبطال ثورة الأرز في بيروت، اعتقل أربعة من كبار الضباط اللبنانيين كمتهمين في الاغتيال، ظهر الشهود على شاشة التلفاز وكل منهم يتهم النظام الأمني السوري في لبنان بالعملية، وكان ديتلف ميليس ومن خلفه قيادات 14 آذار على درجة من اليقين باعتقال سوريا ومن عليها وجرّهم للمحكمة الدولية، ووليد جنبلاط يبشر بالسيارات المفخخة ويدعو لها في ساحات دمشق، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، أُطلق الضباط لعدم كفاية الأدلة، والشهود مجتمعين كانوا شهود زور، وعشرات العملاء الجواسيس لـ «إسرائيل» يسقطون يومياً في لبنان، وسوريا بريئة من دم الحريري، لكن هذا ليس كافياً لإيقاف الفيلم الأميركي في لبنان، لا بد وأن «حزب الله» قد اغتاله!

لإيران أصدقاء في لبنان، ولـ «إسرائيل» كذلك، علينا أن نعرف من نختار فقط؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178532

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178532 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40