الجمعة 17 نيسان (أبريل) 2015

عندما يقول نتنياهو إنَّ الضفة الغربية مُلْكٌ لشعب إسرائيل!

الجمعة 17 نيسان (أبريل) 2015 par جواد البشيتي

“الضفة الغربية هي مُلْك لشعب إسرائيل”..
هذا هو “المبدأ التلمودي” الذي تستمسك به حكومة نتنياهو دائما، والذي عملًا بما لا يناقضه تقبل “حل الدولتين”!
إنَّ نتنياهو لم (ولن) يتخلَّى عن إيمانه بالضفة الغربية على أنَّها “يهودا” و”السامرة”؛ فإذا لبَّى الفلسطينيون شروطه لقيام دولةٍ لهم في هذا الجزء، أو في جزء من هذا الجزء، من “أرض إسرائيل”، فيُمْكنه، عندئذٍ، ولِكَوْنِه “يَعْبُد” السلام، أنْ يتنازَل لهم (والألم يعتصر قلبه) عن هذا الجزء (العزيز على قلبه التلمودي) ليقيموا لهم فيه دولة (لا تشبهها دولة في العالَم، لجهة افتقارها إلى مقوِّمات ومعاني الدولة).
إنَّنا لا نتوقَّع، لا اليوم، ولا غدًا، أنْ يُعْلِن نتنياهو (أو أنْ يتكلَّم بما يفيد ويعني) أنَّ الضفة الغربية ليست مُلْكًا لشعب إسرائيل؛ لكن ألا يحقُّ للفلسطينيين أنْ تُسْمِعهم إدارة الرئيس أوباما، المُسْتَمْسِكة، على ما تزعم، بـ”حلِّ الدولتين”، ما يفيد، ويعني، أنَّ الضفة الغربية مُلْك للشعب الفلسطيني، وليست مُلْكًا لشعب إسرائيل؟!
تخيَّلوا أنَّ الفلسطينيين لَبُّوا لنتنياهو مطلبه (أو شرطه) أنْ يعترفوا بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية، فكيف سيَفْهَم ويُفسِّر رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا الاعتراف، وهو الذي يَنْظُر إلى الضفة الغربية على أنَّها مُلْك لشعب إسرائيل؟ إنَّه سيقول، عندئذٍ، إنَّ الفلسطينيين اعترفوا بإسرائيل، التي يشمل إقليمها الضفة الغربية أيضًا، على أنَّها دولة يهودية؛ فإذا كانت الضفة الغربية مُلْك لشعب إسرائيل، فلا يحقُّ، عندئذٍ، لـ”دولة شعب إسرائيل” أنْ “تتنازَل” عنها للفلسطينيين ليقيموا لهم فيها دولة؛ وليس من المنطق في شيء أنْ تُقام دولة في جزءٍ من إقليم دولةٍ أخرى.
ومع تجريد “الدولة” من “الإقليم”، بدعوى أنَّ ملكيته تعود لشعب آخر، يَفْقِد “حل الدولتين” معناه ومنطقه، ويغدو وجود هذا القوم (أيْ الفلسطينيون في الضفة الغربية وفي الجليل والمثلث والنقب) هو “المشكلة التي لا بدَّ من حلِّها”؛ وحلُّها إذا لم يكن الطَّرد والتهجير (إلى خارج “أرض إسرائيل”) فلن يكون “منحهم” دولة خاصة بهم (ضِمْن “أرض إسرائيل”).
“الحل” يجب أنْ يكون من جِنْس ونوع “المشكلة”؛ ومشكلة هؤلاء “القوم” هي أنَّهم موجودون في أرضٍ، ملكيتها لا تعود لهم، وليس لهم فيها أي حق قومي (أو تاريخي). ويكفي أنْ تُحلَّ مشكلتهم بما يُوافِق هذا “التشخيص التلمودي” لها حتى تبدو إسرائيل (أو حتى يحق لإسرائيل أنْ تُصَوِّر نفسها على أنَّها) دولةً لا مثيل لها لجهة سموِّها الإنساني والأخلاقي؛ كيف لا وهي التي سمحت لهؤلاء “الغرباء” بالإقامة، أو بالبقاء مقيمين، في إقليمها.
كلا؛ إنَّ فلسطين كلها ليست مُلْكًا لـ”شعب إسرائيل”، الذي يكفي أنْ نقول بوجوده حتى نمسخ ونُشوِّه مفهوم “الشعب (والأُمَّة)”؛ فبنو إسرائيل عِرْق باد منذ آلاف السنين؛ والحقوق القومية للشعوب تزول بزوالها.
و”حقُّ المِلْكِيَّة”، أيْ مِلْكِيَّة “شعب إسرائيل” للضفة الغربية، أو لفلسطين كلها، إنَّما هو الذي تضمَّنه النَّص الأسطوري أو الخرافي “لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”.
وإنِّي لأُذكِّر كل من يقول بالضفة الغربية مُلْكًا لـ”شعب إسرائيل” بما وَرَد في الإصحاح الخامس: “قال الرَّب لأَبرام أنا الرَّب الذي أخرجكَ من أَور الكلدانيين ليُعْطيكَ هذه الأرض، لِتَرثَها؛ أَعْلَم يقينًا أنَّ نسلكَ سيكون غريبًا في أرض ليست لهم..”.
هل يَفْهَم نتنياهو معنى عبارة “أرض ليست لهم”؟!
وهل يَفْهَم معنى “الغريب” في العبارة التي سبقتها “نسلك سيكون غريبًا”؟!
إنَّكم أنتم “الغرباء” في “أرضٍ ليست لكم”.
وهؤلاء الغرباء، هل تركوا في هذه الأرض (التي ليست لهم) ما يَدُلُّ على أنَّهم قد أسَّسوا فيها وجودًا قوميًّا، أو دولةً، على افتراض أنَّهم عَرَفوا هذه الأرض، وعَرَفَتْهُم؟!
مقوِّمات دولتهم الآن إنَّما هي ثلاثة لا غير، وهي: “الأسطورة”، و”المصلحة الإمبريالية لبريطانيا العظمى”، و”الجريمة (التي ارْتُكِبَت في حقِّ أصحاب الأرض الشرعيين)”.
أقول هذا وأنا أعْلَم الفَرْق بين “القوَّة المستمدة من حقٍّ” و”الحق المستمد من قوَّة”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165821

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع جواد البشيتي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165821 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010