الاثنين 6 نيسان (أبريل) 2015

الأمن القومي العربي

الاثنين 6 نيسان (أبريل) 2015 par هاشم عبد العزيز

الاستثنائية . . هذا لم يكن مجرد استجرار وصف القمة العربية التي انعقدت قبل أيام في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، كما سبق ترديد هذا الوصف على مثيلاتها من قمم مرات عدة .
القمة كانت استثنائية من أوجه عدة وفي أبرزها زاويتان:
الأولى: أنها التئمت في ظل وضع عربي متسارع التدهور في كل المجالات وبلدان عربية عدة تنزلق إلى الهاوية وآخر حبات سبحتها اليمن التي عصف بشرعية كيانها ومكوناتها الدستورية رئاسة وبرلماناً وحكومة، تحالفاً تجسد في لعبة خلط الأوراق بين الحوثيين بعمى غرورهم وصالح بأحقاد سقوطه بما ترتب من أضرار على مسيرة العملية السياسية التي تمثلت بالمبادرة الخليجية وانجازاتها وتوجت بمخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، والمخاطر غير القاصرة على الأمن والاستقرار في البلاد، بل وعلى مصير اليمن ومحيطه ومصالح عالمنا بأسره . ومن هذه الزاوية قاد هذا التحالف إلى “عاصفة الحزم” تحت مظلة إنقاذ اليمن واستعادة شرعية نظامه وأمنه واستقراره .
الثانية: أطلقت القمة قضية عربية استراتيجية الأمن القومي العربي، وجاء ذلك من خلال إنشاء قوة عربية مشتركة “تكون أداة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي”، كما أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي كانت بلاده قد قدمت هذا المشروع الذي وصفه الأمين العام للجامعة العربية بأنه يمثل “تطوراً تاريخياً يرتقي إلى مستوى العمل العربي المشترك ويعبر عن الإرادة الجماعية في صيانة الأمن القومي العربي”، وقال العربي: “نأمل أن يتم الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ ولتكون هذه القوة على أهبة الاستعداد للاضطلاع بالمهام المنوطة على عاتقها في مواجهة التحديات التي تواجه أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية والأمن القومي العربي برمته” .
في التأكيد على هذا النحو يكون مبدأ الخيار للدول العربية في المشاركة بهذه القوة لا يتصادم مع هويتها ومهامها إذا ما كانت ستخضع لدراسة دقيقة وعميقة من قبل المعنيين والمختصين في الشأن العسكري، وذوي الكفاءات القانونية والسياسية والدبلوماسية . إذ على هذه الأرضية يكون وجود هذه القوة ليس مجرد حاجة الراهن العربي فقط، بل إرادة الحق العربي في تثبيت حقوقه ودوره بما يهم عالمنا الدولي والإنساني بأسره .
هنا يمكن القول إن ردود الأفعال تجاه هذه الخطوة هي حالة طبيعية أولاً نظراً لغياب هكذا مشروعات منذ زمن طويل، وثانياً من شأن التداولات أن تعيد الاعتبار للعمل العربي المشترك بعد عقود التصحر العربي حيث كانت ثروات العرب وإمكاناتهم الهائلة “ملطشة”، وأمة بتاريخها ووجودها وحقها ودورها في المسيرة الإنسانية ضحية .
وحتى لا تصير هذه الخطوة مجرد محاولة يتيمة بل بداية مسيرة، ثمة أولويات لابد من أخذها للعودة العربية من حالة الاغتراب التي سقط فيها العرب أمة وقضية . في هذا الشأن هناك مهام أمام الدول والنخب الفكرية والسياسية العربية وفي أبرزها:
أولاً: مواجهة ما ترسب وطفى على سطح الوعي العربي من شقاق وانقسام وتفكك بين الدول، وحتى داخلها، وجاء هذا على حساب الأخوة ووشائج الترابط والمصير المشترك الذي لا يعني الجمود والتحجر والتصلب والتعصب الأعمى، بل الحيوية والتعددية التي تثري مسيرة تواصل الأجيال بأصالة ومعاصرة تاريخية وإنسانية .
ثانياً: إعادة بناء المجتمعات العربية وبخاصة الأجيال الجديدة على القيم المثلى وتجسيدها من قبل ذوي القرار في شأن حق المواطن العربي أو الإنسان العربي في الحياة والحرية والكرامة والمساواة والعدل، وأن تفتح الأبواب وتمتد الجسور أمام الإنسان العربي للتواصل الإنساني الذي من شأنه تغير النظرة المشوهة تجاهه ومن ذلك إشاعة أن العربيف1
“متقدم” في أحسن الأحوال باستهلاكه لا إنتاجه .
ثالثاً: وضع خطط لمشروعات قومية عربية تقوم على الحسابات الاقتصادية في البلدان العربية، والمناخ هنا واسع في مجالات عدة، ومن المهم أن يكون هناك ليس مجرد توجه بل وتحرك عربي لبدائل النفط أو غيره من الثروات واستغلال هذه الثروات الآن في شأن مواجهة هذه القضية .
رابعاً: بين الدول العربية اتفاقات اقتصادية وتجارية وثقافية كثيرة، والمشكلة ليس أن الدول العربية لا تعطي للتكامل العربي الأولوية بل لأن اتفاقاتها لا يجري تنفيذها وهي في أفضل الحالات يتكرر الإعلان عنها ولكنها لا تشهد خطوات عملية .
الحديث عن العمل العربي المشترك لا نهاية له لأنه يرتبط بأمة لها قضايا راهنة ملحة وأمامها تحديات مستقبلية .
وإذا كان مشروع مصر بإنشاء قوة عربية ترتبط بالأمن القومي العربي بات خطوة في مسيرة العمل العربي، فإن هذا الإنجاز يعيد فتح وضع الجامعة العربية على أساس أن العمل العربي المشترك برنامج وآلية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2178590

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع هاشم عبدالعزيز   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178590 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40