السبت 14 آذار (مارس) 2015

عسكريون “ضد” نتنياهو

السبت 14 آذار (مارس) 2015 par برهوم جرايسي

تزايدت في الأيام الأخيرة، أصوات كبار العسكريين الإسرائيليين السابقين الذين ينتقدون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. إذ خرجت إلى الضوء أسماء غابت عن الساحة لسنين طويلة. وبطبيعة الحال، لا يمكن فصل موجة الانتقادات الواسعة والمتشعبة عن الأجواء الانتخابية، لكن علينا أن لا نحمّل الأمور أكثر مما تحتمل؛ فقسم كبير من هؤلاء لم تنبت لهم أجنحة حتى يصبحوا حمامات سلام تطلب الخير لشعوب المنطقة.
فقبل أيام، أُعلن عن قيام حركة جديدة أطلقت على نفسها اسم “ضباط لأجل أمن إسرائيل”، تضم أكثر من 180 من كبار الضباط السابقين، وقادة أجهزة سابقين، في جيش الاحتلال وأجهزة المخابرات المتعددة. وعقد المبادرون مؤتمرا صحفيا، انهالوا فيه على نتنياهو بانتقادات حادة، مشددين على أن أداءه لا يحقق الأمن لإسرائيل، لا بل يتسبب بتخريب علاقات استراتيجية هي الأهم لإسرائيل، أي انسيابية العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وخاصة مع البيت الأبيض.
ورأينا ضمن هذه المجموعة، أسماء عُرفت بمواقفها اليمينية الحادة خلال توليها مناصبها، مثل الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الخارجية شبتاي شفيط، ومن تولى المنصب ذاته بعده بسنوات، مئير دغان. وفي هذه الأجواء، يظهر الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة “الشاباك” يوفال ديسكين، ورؤساء لجهاز المخابرات العسكرية.
وفي المؤتمر الصحفي إياه، هاجم المبادرون نتنياهو، بسبب نهجه في ما يسمى “ملف المشروع النووي الإيراني”، وكيفية تعامله مع الجانب الفلسطيني. وركّزوا على أن نتنياهو يضغط باتجاه خوض مغامرة ضد إيران، وأن تعامله الفظ مع البيت الأبيض، وإلقاءه خطابا أمام الكونغرس من دون تنسيق واتفاق مع إدارة باراك أوباما، يشكّلان خطرا على مستقبل العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، بمعنى انسيابيتها وعمقها.
أما في الشأن الفلسطيني، فحقا طالب المبادرون بالشروع بمبادرة لحل “سياسي- أمني” للصراع، إلا أنهم هاجموا نتنياهو “لموافقته” على إطلاق سراح 1200 أسير فلسطيني، وأنه لم يضرب كفاية في قطاع غزة، ولهذا فإن الردع لم يكتمل. ونذكر أن نتنياهو حرر الأسرى مرغما؛ تارة لتحرير جندي احتلال أسير، وتارة تجاوبا مع ضغوط أميركية وأوروبية، من أجل استئناف المحادثات مع القيادة الفلسطينية.
من الواضح أن لدى هؤلاء نوعا من القلق. فمعروف عن نتنياهو أنه “حفّار” تحت كل جهة تواجهه؛ هكذا يتصرف في الساحة الأميركية الداخلية، مستغلا الخلافات الحزبية هناك، كما نذكر كيف تلاعب في الانتخابات الأميركية. لكن ليس هذا فحسب، بل يحاول دس أنفه في القرارات الاستراتيجية التي تتخذها المؤسسة العسكرية العليا، ويريد أن تخدم هذه القرارات أجندة اليمين المتطرف التي يقودها. إلا أن علينا أيضا الأخذ بعين الاعتبار أن خلافات وقعت بين نتنياهو وبعض هؤلاء الضباط، خاصة بعض رؤساء الأجهزة منهم، كان فيها جانب شخصي، ولكنهم حولوه إلى جانب سياسي.
فمثلا، نذكر ولاية دغان في رئاسة جهاز “الموساد”، إذ دفع منذ توليه منصبه في فترة رئاسة أرييل شارون للحكومة، نحو استئناف جرائم الاغتيال خارج فلسطين التاريخية، وحتى في مناطق بعيدة. وكانت تصدر تقارير توجه أصابع الاتهام للأجهزة الإسرائيلية، إلا أن إسرائيل كعادتها لا تعترف. كما أن زميله ديسكين في “الشاباك”، لم يكن أقل منه شراسة.
وما يراد قوله هنا، إن هذا المشهد الحاصل، يجب أن لا يقود إلى استنتاج بأن شيئا ما يتحرك في محيط العسكر السابقين، أو من هم في الاحتياط؛ فحينما يدعون إلى “مبادرة سياسية”، يكون علينا أن نعرف، أولا، ما هو شكل الحل الذي يطرحونه.
ونذكر في المقابل، منعا للخلط، أن في الساحة الإسرائيلية حركة “مجلس السلام والأمن”، والقائمة منذ سنوات عديدة، وتضم المئات من كبار الضباط السابقين. وعادة تبث هذه الحركة خطاً معتدلا، ما يجعلها عرضة لتهجمات اليمين المتطرف ضدها. وكانت هذه الحركة قد أعلنت عن إطلاق حملة إعلامية تهدف إلى إعادة ملف الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني إلى رأس اهتمامات الأجندة السياسية، بخلاف ما يطرحه نتنياهو.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165470

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع برهوم جرايسي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165470 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010