الأربعاء 11 آذار (مارس) 2015

الليبيون.. تنافر الداخل وجذب الخارج

الأربعاء 11 آذار (مارس) 2015 par صالح عوض

الداخل الليبي الواقف على حدود التوزع المناطقي والفصائلي والقبلي، يتعرض اليوم إلى أبشع حالات التمزيق، بفعل مشاريع سياسية تتكيء الى قوة السلاح والعنف حتى تحولت المدن والأطراف إلى كتل لهب تتحرك في دائرة عنف لا تجد لها تفسيرا او مبررا والاكثر سوءا أن تتداخل بعض تلك المشاريع باجندات خارجية، حيث يشكل الخارج بالنسبة للاوضاع في ليبيا قوى جذب حيث اللاعبين المتعددين والبرامج المتناقضة والتي تشتغل بقوة لانفاذ رؤيتها في الشأن الليبي.

حكومتان وبرلمانان وجيوش ومليشيات والعديد من محطات التلفزيون الداخلية، فيما لا تجد اي رؤية سياسية لدى اي من القوى الداخلية تكون هي محل التنازع لا حول الاقتصاد ولا العلاقات الخارجية الدولية والموقف من السياسات الامريكية والغربية ولا طبيعة النظام، انما هي مواقف محددة بظرفها وملابساتها مما يجعل امكانية التفاهم سهلة وصعبة في آن واحد.. فهي سهلة لان لا اختلافات جوهرية في القضايا التي تخص طبيعة الدولة ووجهتها ولكنها صعبة لانه ليس بالامكان ايجاد دوائر التزام حول رؤية مشتركة، فالخلافات نتيجة هواجس ومواقف مسبقة يغلب عليها التوجس وروح الاقصاء واحيانا الدفع من الخارج الذي يؤجج التناقضات والصراع.

وفي خضم هذا التحليل، ينبغي ان لا نغفل عن قوى حقيقية في المجتمع الليبي وهي قوى القبائل والعشائر الليبية التي تعتبر ضامنة مستقبل ليبيا وتماسك مجتمعها بما تتحلى به من قيم واعراف وبالفعل لقد تحركت القبائل معلنة وحدة الشعب الليبي منذ عدة اشهر، الا ان مؤامرة الاعلام والساسة اخمدت جذوتها وغطت عليها اصوات المدفعية والصواريخ المتتبادلة وازيز طائرات حفتر وقصفه للمدن الليبية والمنشآت الليبية.. الا انه رغم ذلك كله فسوف يخرج الصوت الليبي من عمق ليبيا لإلغاء كل هذه النزعات الشريرة التي لا تتردد في قتل ليبيين وتدمير بيوتهم.

وفي الخارج توجد دول وامارات وجهات يدفع كل منها بورقته ويجذب اليه قوة داخلية ويدفع الى مزيد من التعقيد، الامر الذي يعفن الوضع السياسي ولا يسمح بتقدم حقيقي في المشهد السياسي بما يدفع اليه من تصلب مواقف بعض القوى.. لكن رغم ذلك فان صوت وموقف قوى اقليمية اخرى رافضة للتدخل في الشأن الليبي انتهى إلى تحديد ثابت واضح وهو عدم اعطاء الإذن للتدخل العسكري الاجنبي.. وهذا مكسب مهم ينفي امكانية التمزيق العسكري والاجتماعي الليبي.. ولعل مبادرات على شاكلة المبادرة الجزائرية.. إن ذلك سينتهي الى فشل كل المحالاوت الخارجية في تمزيق الوضع الليبي وستجد المبادرات المسؤولة سبيلها لتوحيد الليبيين وتجنيبهم اغراءات بعض الاقليم بعضهم.

الليبيون سينتصرون على تنافرهم الداخلي بعميق اواصرهم الاجتماعية وبنيتهم الاولى القائمة على مجتمع لديه من الاعراف والتقاليد ما يمنع الاشتباك والتهميش.. وسينتصرون على كل دواعي الجذب والتمزيق بمبادرات تقدمها دول جارة مؤمنة بأن امن ليبيا هو امنها القومي والوطني.. ولعل المفاوضات القائمة الآن في الجزائر بين عديد الاطراف الليبية تجد بيلها لوضع اسس ميثاق واتفاقيات وبرامج محددة واضحة للخروج من الازمة..تولانا الله برحمته



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2165642

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165642 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010