الجمعة 6 آذار (مارس) 2015

تحرير فلسطين نهاية “داعش”؟

الجمعة 6 آذار (مارس) 2015 par عبدالعالي رزاقي

السؤال الأكثر تداولا في العالم هو: كيف يمكن القضاء على تنظيم “داعش” وتمدده في دول الربيع العربي ودول الانقلابات ودول أمراء الردّة وملوك الطوائف ودول “ميليشيا الأقليات” في الوطن العربي؟ والإجابة لا تحتاج إلى مخابر وجنرالات ومخابرات، فهي باختصار تحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وقيام الدولة الفلسطينية_ الإسرائيلية؟ ومن يراهن على غير ذلك فهو مخطئ وهذه هي الأسباب.

- القدس ذاكرة المسلمين والمسيحيين واليهود

في فلسطين وُلد المسيح وإلى القدس أسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها تعايشت الأديان السماوية الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية ولكن الدول العظمى تدخّلت لدعم احتلال فلسطين بتوطين الصهاينة فيها ودعمهم لقيام دولة يهودية وتشريد الفلسطينيين، لكن المقاومة الفلسطينية بقيادة المرحوم ياسر عرفات استطاعت أن تحصل على “سلطة افتراضية” في ظل الاحتلال، وتم اغتياله حتى لا تتواصل المقاومة الشعبية، وليس غريبا أن تحتوي أمريكا هذه السلطة لتنشغل بـ“التنسيق الأمني” مع إسرائيل وحماية المستوطنين، عوض حماية الفلسطينين.

استخدمت أمريكا حق الفيتو لحماية الكيان الصهيوني من أي قرار أممي وتعاملت بمكيالين مع فلسطين، مما جعل الشباب العربي يشعر بخيبة الأمل ويلتحق بالحركات الجهادية والتكفيرية ليهدد الأنظمة المتحالفة معها بضرب مصالحها.

أمريكا هي التي أنشأت بعض التنظيمات الإسلامية للقضاء على الدولة الوطنية وحققت من خلالها انتصارات في أفغانستان، إلا أن هذه المجموعات تحوّلت إلى جماعات إرهابية حين عادت إلى بلدانها، فأصبحت هذه البلدان تعيش إرهابا داخليا حاول أن يُنسيها القضية الفلسطينية التي هي جوهر الصراع في العالم ما بين الإرهاب الذي يمثله الكيان الصهيوني ومقاومة الاحتلال التي تمثلها الفصائل الفلسطينية، وانتقل الإرهاب من مرحلة “الدولة الإرهابية” مجسدة في إسرائيل إلى “إرهاب الدولة” عبر الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، وكانت نتائج ذلك هو الجرائم التي ارتكبت في حق الفلسطينيين في غزة، والسجون التي فتحت لمعارضي المشروع الأمريكي في “غوانتنامو والعراق”، وليس غريبا أن تظهر “داعش” امتدادا لـ“القاعدة”ليس للدفاع عن فلسطين، ولكن للانتقام من الذين يقفون إلى جانب التحالف ضد التنظيمات الإسلامية.

ماذا لو حملت “داعش” شعار تحرير فلسطين عوض بناء ما يسمى بـ(الدولة الإسلامية)؟ ألا يصبح البغدادي رمزا عربيا وامتدادا لصلاح الدين الأيوبي؟ وماذا لو أن التيار الإسلامي المسلّح وغير المسلح يحمل الشعار نفسه “فلسطين أولا وأخيرا” ألا يحرج الحكومات العربية التي صنفت المقاومة في خانة الإرهاب؟

- حرب أفكار أم صناعة إرهابية؟

جميع المصطلحات المتداولة في الإعلام ذات العلاقة بالدول والتنظيمات هي إنتاج مخابر أمريكية؛ فـ“القاعدة” و“داعش” مصطلحان يعبّران عن العنف، أما الدولة المارقة والفاشلة فتعبّران عن رفض المشروع الأمريكي، والإرهاب بالمفهوم الأمريكي هو التنظيم أو الدولة التي تعادي إسرائيل وحليفتها أمريكا.

ولا شك أن المشروع الأمريكي بعد احتلال أفغانستان والعراق والحرب على الصومال ومطاردة القيادات الإسلامية التي صنفتها أمريكا في خانة الإرهاب، هو نشر فكرة “الفوضى الخلاقة” التي أدت إلى قيام حكومتين وبرلمانين في ليبيا، وقيام دولتين في العراق، وجيشين في سوريا، وعاصمتين في اليمن والبقية ستأتي.

- لماذا التركيز على الذبح؟

يعتقد الكثير من العارفين بالشأن الأمني في الدوائر الأمريكية والغربية بأن فكرة إنشاء “داعش” هدفها استئصال الإسلام من قلوب الشباب في غير الأقطار الإسلامية، والحديث عن آلاف الشباب الذي اختار “داعش” يحمل الكثير من علامات الاستفهام والتضليل الإعلامي، ذلك أن التركيز على إبراز الذبح الفردي والجماعي، إنما هو لغرس صورة في ذهن المتلقي مرتبطة بـ“الأضحية” وهذه الصورة بدأت يوم شنق صدام حسين صبيحة عيد الأضحى، والشنق صفة من صفات نظام رعاة البقر في أمريكا، أما الذبح فهو من صفات المسلمين لأضحية العيد؟

وعندما تكبر وتضخّم “صورة الذبح” وتتحرك المنظمات الدولية لإدانة تنظيم “الدولة الإسلامية” تبدأ جمعيات الرفق بالحيوانات لإدانة “الأضحية” في الأعياد، وربما تنتقل إلى إدانة أضحية الحجاج؛ فالأضحية هي المستهدف من التركيز على الذبح والتسويق الهوليودي له، لهذا لا أستبعد أن الحرب الصليبية الجديدة لجأت إلى التستر بثوب جديد تختبئ تحته وهو اللجوء إلى الإعلام لتقود حروبا ضد المسلمين والإسلام.

صحيح أنه بإمكان أمريكا أن تعيد تقسيم الوطن العربي وأن تعيده إلى عصر “الجاهلية” حيث كان العربُ مقسمين على 360 قبيلة، ولكنها لا تستطيع أن تنزع منه الإسلام الذي لجأت إلى تشويهه وطرح إسلام جديد يتحدّث عنه رؤساء أمريكا والغرب: هل سمعتم هؤلاء الرؤساء تحدّثوا يوما عن التطرف في الدين المسيحي أو اليهودي؟ المؤكد أن عملية التركيز على ما تقوم به “داعش” من إرهاب وإطالة عمرها هدفه الأساسي هو المزيد من تشويه الإسلام، فحرية التعبير لا تعني الإساءة إلى الأديان.

إن أخلاقيات الصحافة ومواثيق الشرف في جميع دول العالم تدين الإساءة إلى الأديان، فلماذا يتمسك الغرب بالدفاع عن الرسوم المسيئة لرموز الديانات السماوية؟ وهل تبقى القدس محتلة وهي تمثل هذه الديانات؟.

إن محاربة الفكرة تكون بالفكرة ومادامت “داعش” هي فكرة، فلماذا لا نقنع من يؤمن بها وأن نفتح لهم منابر للحوار حتى ندرك الحقيقة من أفواههم عوض أن نحولهم إلى أشباح ونمطر المدن التي يدخلونها بالصواريخ؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2165810

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع عبدالعالي رزاقي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165810 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010