الأحد 8 شباط (فبراير) 2015

“حزب الله” بين التكتيك والاستراتيجية

الأحد 8 شباط (فبراير) 2015 par صالح عوض

ما هو الخط الفاصل بين الاستراتيجي والتكتيكي في منهج حزب الله اللبناني..؟ والسؤال المهم الذي يشغل بال كثيرين اليوم: هل تستخدم منهجية حزب الله الموضوع الفلسطيني لتغطي جملة مواقف محلية وإقليمية.. أم إنها تعمل على تقوية وضعها المحلي والإقليمي لكي تكون قوة قادرة على مواجهة القوة الإسرائيلية المتفوقة والعدوانية؟

هنا، لا بد من إدراك التكتيكي والاستراتيجي في منهجية حزب الله.. لأن ذلك يعني بوضوح التزود برؤية وبمعيار وبأداة تحليل لجملة مواقف حزب الله من باب الإنصاف بعيدا عن التنزيه المسبق أو البدء بالتفسيق والتكفير.. لأن الأمر يتعلق بواقع الأمة ومستقبلها..

إن الكيان الصهيوني قوة كبيرة في المنطقة تضرب في كل مكان: في السودان وسوريا والعراق وتونس وإيران. وهي بهذه الفاعلية ترسم لنفسها خطوطا حمراء تجعل من الاقتراب منها إنما هو درب للخسارة والضياع.. لقد فهمت الدول العربية وأحزاب عربية وأخرى إسلامية هذا الأمر ولذا ابتعدت عن مجرد الاحتكاك بها على أحسن الظن وبعضها انخرط في عملية سلمية تنازلت بموجبها عن المطالبة بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم بل وصل الأمر أن بعض النظام العربي دخل خط العداء لكل ما يمت لحقوق الفلسطينيين بشيء.

ومن هنا، فإن الاشتباك مع الكيان الصهيوني ليس مزحة وأن تخسر القوات الإسرائيلية من سمعتها وجنودها وهيمنتها وعنفوانها وسيطرتها فهذا أمر لا يمكن أن يحدث عبثا إنما هو تصادم مشاريع وإرادات.. ولهذا كان استهداف الأجهزة الأمنية لقيادات حزب الله جادة تماما بقتل أمينه العام عباس الموسوي وقتل قائد عملياته العسكرية عماد مغنية واغتيال العديد من قياداته وشن حرب عليه أكثر من مرة في محاولة لاجتثاثه.. وهو أيضا لم يتردد في التصدي أمنيا وعسكريا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية ولقوات إسرائيل وللتجمعات الصهيونية في فلسطين المحتلة.

إن التصادم بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني تصادم حقيقي والتناقض بينهما تناقض جوهري واستراتيجي وكل ما ينتج عنه لا يصنف إلا في قائمة القتلى والجرحى والتدمير والمطاردات.. وهذه مفردات العداوة والبغضاء وهي قادرة أن تحرر عقول الكثيرين من وهم أن حزب الله ليس عدوا لإسرائيل.

ولكن لأن حزب الله اللبناني في دائرة الاهتمام أصبح في حالة تحوطه فيها الأسئلة من كل جانب.. أسئلة عاتبة وأخرى مشككة وثالثة تقدسه وبعضها يصغره وآخرون يضخمونه.. فمن العبث أن نطالب حزب الله بتحرير فلسطين لأن ذلك يتطلب إمكانات أوسع وقدرات أشمل وقوى عديدة في الأمة.. لكن أن نطالب حزب الله بالبقاء في خندق الوحدة والمقاومة فهذا أمر مطلوب تماما. وهنا ينبغي إدراك أن حزب الله يرى في إسقاط النظام السوري من الحكم في ظل وجود قوى مسلحة متنوعة الولاءات ومعادية خطرا كبيرا على مستقبل المقاومة وحزب الله.. فلقد مثل النظام السوري قوة دعم متواصلة سياسيا ومعنويا وماديا لحزب الله.. هنا يحتاج الأمر إلى نقاش ومهما كان الأمر فإن استهداف إسرائيل لحزب الله في سوريا يعني أن هناك تخوفا إسرائيليا من توسيع حزب الله نشاطاته لتشمل الجنوب السوري بمنع تنظيمات مسلحة الآن من إقامة حاجز أمني على الحدود مع فلسطين المحتلة.

حزب الله اللبناني في الاستراتيجي يقف على خط التصادم مع الكيان الصهيوني ويشتبك معه، وفي حالة استنفار دائمة.. وفي التكتيكي على خط علاقاته المحلية والإقليمية فهو يرى أنه محاط بقوى متحالفة مع الأمريكان وأدواتهم وهي لا تريد له بقاء وأنه في دائرة الاستهداف، لذا فهو يتحرك لتأمين ظهره وحماية وجوده وتوفير شروط استمراره.. في الاستراتيجي لا نملك إلا التأكيد على صحة موقفه. وفي التكتيكي تحسب الأمور بنتائجها وباستيعاب تفاصيلها ومعرفة حيثياتها ومعطياتها وإن كنا لا نحتاج كثير تدليل على الشق الاستراتيجي فإن الأمر يحتاج تجردا وحكما بالإنصاف في الشق الثاني.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 59 / 2178600

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178600 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40