الأربعاء 4 شباط (فبراير) 2015

مخارج للأزمة اليمنية

الأربعاء 4 شباط (فبراير) 2015 par فيصل جلول

يبدو أن صيغة المجلس الرئاسي هي الراجحة للخروج من الأزمة اليمنية الراهنة الناجمة عن استقالة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح . ويدور بحث حول من يتولى رئاسة هذا المجلس، فالبعض يرى أن الرئيس الحالي مناسب لترؤس المرحلة المقبلة، ويرى بعض آخر أن الشخصية الأفضل والأكثر خبرة وتجربة هي الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، في حين يرى بعض ثالث أن الأمر يجب أن يوكل لوزير الدفاع في الحكومة الحالية اللواء محمد الصبيحي . والملاحظ أن كل الأسماء المطروحة جنوبية ما يعني أن هناك ما يشبه الإجماع على أن يكون قائد المرحلة المقبلة من المحافظات الجنوبية .
تبقى إشارة إلى أن صورة المجلس الرئاسي المقبل وأسماء أعضائه لا يوجد اتفاق حولها بعد لكن من المرجح أن يكون مجموع الأعضاء خمسة يمثلون مختلف الكتل السياسية اليمنية، على أن يكون التوزيع المناطقي محصوراً بالشمال والجنوب، فيكون الرئيس وعضو آخر من الجنوب ويكون الباقي من الشمال .
ثمة من يعترض على هذا الاستنتاج بالقول إن الحوثيين منحوا القوى السياسية اليمنية ثلاثة أيام للتوصل إلى مخرج للأزمة عبر المجلس الرئاسي، وبالتالي سيعمدون في حال انتهت المهلة إلى تشكيل حكومة مستقلة من طرفهم تستمد شرعيتها من المجلس الوطني الذي انعقد في صنعاء الأسبوع الماضي، وضم ممثلين عن المجتمع المدني والقوات المسلحة والأحزاب السياسية والقبائل والمرأة والقطاعات الاقتصادية، فضلاً عن مدن اليمن المختلفة، وقد اعتبرته الجماعة برلماناً لليمن بأسره، وقالت إنه جدير بمنح الشرعية للحكومة المقبلة أكثر من مجلس النواب الذي فقد صلاحيته بعد ثورة “الربيع العربي” . ومن غير المستعبد أن يلجأ “أنصار الله” إلى هذا الخيار لتغطية مجلس رئاسي يقترحونه لحكم اليمن باعتبار أن المجلس النيابي لا يمكن أن يستجيب لهم وهو الذي يضم أغلبية مؤيدة للرئيس علي عبدالله صالح وحزبه “المؤتمر الشعبي العام” . وإن صح ذلك يكون “أنصار الله” قد طووا صفحة الشرعية القائمة وفتحوا صفحة جديدة تستمد شرعيتها من حركتهم واتساع نفوذهم المسلح .
ومع أن الأحزاب السياسية التقليدية لا تقيم اعتباراً كبيراً للإنذار الحوثي، وترى أنه أذيع من أجل الضغط عليها بغية التوصل إلى حل سريع للأزمة، فإن الوقائع تعكس أمراً آخر مفاده أن فائض القوة الحوثي ما عاد يمكن أن يظل بلا حكم وبلا حكومة تكون فيها الجماعة وازنة ومحورية بما يتناسب مع حجمها على الأرض . لا بل يرى هؤلاء أن الحوثي يريد السلطة مباشرة ومنفرداً أو بالاشتراك مع الآخرين أن قبلوا احتلال موقع ثان وثالث فيها . بعبارة أخرى ينسب للحوثي طلب الحكم مباشرة أو عبر تشيكلات حزبية لا تكون في الوزارة شريكاً مضارباً للجماعة .
كائناً ما كان المخرج من الأزمة الراهنة فإنه يشي بتغيير وجه اليمن للأسباب التالية:
* أولاً: لأن الحوثيين يصرون على الاندماج في الدولة اليمنية بكثافة وقوة وفي كل المؤسسات لاسيما الجيش الذي يقترحون أن يضم عشرين ألفاً من مقاتليهم كدفعة أولى وأن تكون مجموعة واسعة من كوادرهم ممثلة في الوزارات المختلفة . والواضح أن أحداً لن يتمكن من الوقوف في وجههم منفرداً من الآن وصاعداً .
* ثانياً: لقد وقعت الأحزاب السياسية مجتمعة على اتفاق السلم والشراكة الذي يعطي الحوثيين حقوقاً أساسية في الدولة والحكم، وصادق الرئيس عبد ربه منصور هادي على هذه الوثيقة وباركها جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وهذا يعني أن “أنصار الله” صاروا جزءاً كبيراً من الدولة المقبلة مع وقف التنفيذ .
* ثالثاً: كان يمكن للتدخل الخارجي أن يعدل ميزان القوى لمصلحة خصوم الحوثيين بيد أن فرص هذا التدخل باتت محدودة .
* رابعاً: يتعذر التدخل الأجنبي في اليمن في الظروف الراهنة رغم إدراج هذا البلد تحت البند السابع في الأمم المتحدة . فالرئيس أوباما يتبع استراتيجية جديدة تقضي بعودة المارينز إلى منازلهم وهو الذي أقفل حربي العراق وأفغانستان ولن يعمد إلى فتح حرب جديدة في اليمن إلا إذا أصيبت المصالح الأمريكية في هذا البلد بأضرار كبيرة . والبادي أن شيئاً من هذا لن يحصل، لا بل يمكن القول إن حكماً حوثياً في اليمن، أو بأرجحية حوثية من شأنه أن يعزز معركة الطرفين ضد تنظيم “القاعدة” الذي يشكل خطراً جدياً على واشنطن وحلفائها الغربيين والخليجيين، وقد لاحظنا كيف أن “القاعدة” في اليمن وفرت التدريب والتعبئة للمسلحين اللذين هاجما مجلة “شارلي إيبدو” الباريسية في مطالع يناير/ كانون الثاني الماضي .
* خامساً: قد لا تكون إيران عقبة كبيرة أمام التعاون الثنائي الممكن بين البلدين إذا ما علمنا أن طهران لا تحتفظ بعلاقة عضوية مع الحوثيين الزيديين وهي بصدد ترتيب أوضاعها مع واشنطن حيث تتحدث أنباء موثوقة عن توقيع اتفاق تاريخي حول النووي الإيراني خلال شهر مارس/ آذار المقبل .
يملي ما سبق خلاصة مفادها أن الحوثيين باتوا اليوم، أو هم في سبيلهم لأن يكونوا محوراً أساسياً في أية حكومة يمنية مقبلة، خصوصاً أن الحكم على الضد منهم يقود نحو الفوضى أو الحرب الأهلية، بعبارة أخرى يمكن القول إن اليمن يكون حوثياً إلى هذا الحد أو ذاك، أو لا يكون، وإن تم ذلك فهو من أثر ربيع الإخوان اليمنيين الذين وقعوا في شر أعمالهم .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2177806

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فيصل جلول   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2177806 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40