الأحد 18 كانون الثاني (يناير) 2015

زلزال باريس

الأحد 18 كانون الثاني (يناير) 2015 par هاشم عبد العزيز

“لدي أسرة” . . هذا لم يكن إقراراً بواقع حال مواطن فرنسي، بل امتناعاً عن الإدلاء بمعلوماته كشاهد عيان للهجوم الإرهابي على صحيفة “شارلي ايبدو” المعروفة بسخريتها للإسلام والأديان كافة يوم الأربعاء قبل الماضي، والذي تواصل يومي الخميس والجمعة بخطف رهائن من متجر للأطعمة اليهودية مخلفاً 21 ضحية الأغلبية منهم صحفيين، انتهى بعد قتل المسلحين الثلاثة الذين نفذوا الهجمات الإرهابية .
التعبير على هذا النحو يعبّر عن وطأة الصدمة التي أصابت الفرنسيين في عمق وجدانهم بمشاعر الخوف المرعب من هذا الطوفان الدموي الذي زلزل سكينتهم ومثل حسب محللين فرنسيين “هجمات الحادي عشر من سبتمبر الفرنسي” .
لماذا بدأ الأمر على هذا النحو من الآثار المطلقة مع أن الهجمات الإرهابية هذه ليست الأولى في فرنسا؟
السبب الأساسي قد يكون في طائفة من القضايا:
* الأولى: حسب مسؤول فرنسي ليس في عدد الضحايا وطبيعتهم بل “القيم التي قتلت المسلّمات التي تبنى عليها الحياة” يضيف: “معظم الفرنسيين لم يقرأوا المجلة الساخرة (شارلي إيبدو) ومشكوك في أن يكونوا سمعوا عنها . ولكن القتل أصاب إصابة قاتلة الثقة التي لهم بنمط حياتهم” .
* الثانية: الإرهاب في فرنسا جاء من الداخل: “المنفذون مواطنون فرنسيون ولدوا وتربوا هنا يتكلمون الفرنسية النقية وهم جزء من المجتمع الفرنسي”، هذا صعب كما يقول المسؤول الفرنسي الذي لم تذكر اسمه وسائل الإعلام التي نقلت آراءه والذي يشير إلى أبعاد تداعيات الخطر: “عندما يستيقظ الفرنسيون من الصدمة سيسألون كيف ربيناهم؟ بعض منهم سيطالب بالفصل على أساس ديني أو عربي - إخراج المسلمين من المجتمع الفرنسي - وهذه ستكون فرنسا أخرى” .
* الثالثة: الهجمات أثارت من جديد قضايا حرية التعبير والعقيدة والأمن .
بالنسبة لقضية الأمن بدت الهجمات الإرهابية التي جرت في منطقة تعتبر محصنة أمنياً مثيرة للتساؤل عن عدم الكفاءة أو التقصير، وذهب البعض إلى القول: “على أي أساس تدّعي فرنسا المساهمة في الحرب على الإرهاب إذا ما كانت فرنسا غير قادرة على حماية فرنسا” .
والواقع أن التضاربات في شأن هذه القضية وخاصة بين الفرنسيين والأمريكيين في توجيه فرنسا الاتهام لتنظيم “القاعدة” من جانب، وإعلان وزير العدل الأمريكي أنه لم يتأكد بعد أن “القاعدة” وراء الهجمات من جانب آخر إذا ما بدا مثيراً للحيرة في شأن علاقة الطرفين تجاه قضية الحرب على الإرهاب، فإن الإشارة التي لم تتكرر إعلامياً بارتباط الجماعات الإرهابية باستخبارات دولية يضع الخلاف في سياق الوصول إلى الحقيقة .
أطلق الفرنسيون اتهاماتهم من سجل المتهمين، وجاء الرد الأمريكي أقرب إلى التساؤل: من وراء ذلك؟
هنا يمكن الإشارة إلى أنه من غير المستبعد أن تكون “القاعدة” تحاول العودة إلى واجهة المشهد بعد أن أزاحتها حركة داعش ليس من الصدارة فقط، بل ومن مجرد الحضور في مناطق كانت حكراً على نشاطها كما في العراق وسوريا وشمال إفريقيا .
وليس بمستغرب أن يكون الذين قادوا انفجار داعش بذلك الزخم قد عادوا الآن إلى استحضار “القاعدة” لا في لعبة تغيير أدوار هذه الجماعات وحسب بل وهناك ما يرتبط بخلافاتها .
بالطبع لأي من الهدفين يمر الوصول بعملية إعادة ميلاد لا نقول إنها لم تكتمل ولكنها في التوقيت بهجوم على فرنسا ومن جماعة تدعي أنها إسلامية تكون خدمت الكيان الصهيوني انتقاماً من فرنسا وموقفها الداعم لقرار تزمين الانسحاب “الإسرائيلي” من الأراضي الفلسطينية وهو موقف تاريخي مغاير للموقف الغربي الذي ارتبط بالسياسة الداعمة ل “إسرائيل” في حروبها ضد الإنسانية ونيلها من الفلسطينيين في أرضهم وحقوقهم وتاريخهم ووجودهم .
لسنا هنا في عقدة المؤامرة، ولكننا أمام تساؤلات حادة من الصعب تجاهلها لأن التداعيات إذا ما اتجهت عنصرياً قد تؤجل سطوع الحقيقة، وهي على أي حال تقوم على أن ما جرى كان عملاً استخباراتياً، والمؤشرات تدل على أنها استخبارات “إسرائيلية” ناطقة في وجه الفرنسيين بوقاحة ووحشية الجريمة .
المؤشر الأول تغطية الهجوم على الصحيفة الفرنسية الساخرة من الأديان ومنها الإسلام بالهجوم على متجر للأطعمة اليهودية في خطوة تهدف إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول استغلال الخلاف بين الصحيفة والمسلمين، وليس مهماً من استخدم لتنفيذ العملية، والثاني الاندفاع المكشوف للأمن إلى موقع الضحية، واللافت هنا سهولة قتل المهاجمين لإخفاء الجريمة .
والمؤشر الثاني الدقة في تنفيذ الهجمات التي لا يمكن أن تتاح بتلك القدرة لغير أجهزة استخباراتية، وهذا لا يتوفر للجماعات “الجهادية” التي تلجأ في الغالب إلى الأعمال الانتحارية أو العمليات العشوائية .
أما ثالث المؤشرات فجاءت على لسان رئيس الوزراء الصهيوني بحملته العنصرية ضد العرب والمسلمين ومحاولاته التضليلية ليقول المجرم أنا الضحية، وهذا ما يكشفه إصراره حضور مسيرة باريس التاريخية دونما دعوة فرنسية، وهو ما قالت الصحف “الإسرائيلية” أنه دعا نفسه وزاد على ذلك بمثل تسلل المخابرات “الإسرائيلية” لتنفيذ الهجمات الإرهابية في باريس وتسلله من الصف الثاني إلى صف الرؤساء الذين احتشدوا في المسيرة التي شكلت انتفاضة ضد إرهاب الشعب الفرنسي وعالمنا بأسره .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2176770

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع هاشم عبدالعزيز   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2176770 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40