لا يحقُّ لأيٍّ كان أن يُسيء للرسول الكريم ولا أن يُمارس سوء الأخلاق باسم الحرية. فحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. ولا يجوز أن نعتبر
ما قامت به مجلة تشارلي ايبدو ليس نوعاً من أنواع الحرية ولا الإبداع، بل شطط وإسفاف يعود بالإنسانية إلى غباء الغابة ووحشية الإنسان في بداياته قبل أن يُدرك بأن خالق الكون وخالقه هو الله الواحد الأحد. وقد تدرّج الفكر الإنساني في الوصول إلى الله. فعَبد الشمس وعَبد النار وعَبد، كل حسب تفكيره، ظواهرَ الطبيعة التي رأى فيها سراً غامضاً يمنحه الحياة إلى أن توصّل إلى أن هذا الخالق العظيم هو الله. وأرسل الله الرسل والأنبياء مرشدين وهادين البشر إلى طرق الإيمان وعبادة الخالق مبشرين بالجنة ومنذرين من النار. فجاء سيدنا موسى ليهدي بني إسرائيل وعيسى ليخلّص البشرية من شرور من كفر منهم ومحمد خاتما للأنبياء والمرسلين وداعيا للإسلام بالحسنى.
« وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) سورة الكهف. لم يكن الاسلام يوما دين إجبار
وإكراه «قُلْ يأَيُّهَا الْكَـفِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَـبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَـبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ» صدق الله العظيم.
لقد أحسن بابا الفاتيكان حين قال أمس الأول في مانيلا تعليقا على حادثة تشارلي ايبدو إن الحرية التي مارستها المجلة حق أساسي لكن لا يُجيز إهانة أو السخرية من معتقدات الآخرين. وكما أن القتل باسم الله غير مقبول فإن حرية التعبير يجب أن تمارس دون استفزاز وإهانة دين الآخرين.
وكما النار تبدأ بأصغر الشرر فقد بدأت الجولة الحالية من الفتنة بين المسلمين والمسيحيين بنبش رماد النار التي أشعلتها تشارلي ايبدو منذ وقت طويل. والسؤال الآن : لماذا في هذا الوقت بالذات، وقت داعش ولغز كوباني «عين العرب» وهبوط أسعار النفط، والفيتو الاميركي ضد قبول فلسطين عضوا في الامم المتحدة، وسيطرة الحوثيين على صنعاء، واستمرار تصدع ليبيا، والخ مما يجري من تفتيت للدول العربية؟!
لقد عادت صورة المسلمين في أميركا وأوروبا إلى تلك الصورة التي سادت بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001. وها هي الحملات الأمنية تشنّ ضدّ المسلمين في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا.
سياسياً ثمّة علاقة بين تشويه صورة الإسلام من قبل داعش وبين تشويهه من قبل أجهزة غربية معنية بتصعيد التوتر من أجل إكمال حلقة الفتنة. ومعلوم طبعاً أن الصهيونية العالمية هي الأبرع في استخدام الفتنة كسلاح، وهي تمارسه بأيدٍ ليست إسرائيلية وبطريقة غير مباشرة. فمن يصدّق حتى الآن حكاية داعش والنفخ فيها وجعلها تسيطر على مناطق من سوريا والعراق تعادل مساحة بريطانيا و...تصدّر النفط وتطرح عملة خاصة بها وتعلن عن وظائف شاغرة في « الدولة «؟!! وما معنى أن يدعو وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس الفرنسي إلى ردّ مشترك على « تهديدات المتطرفين» بعد أيام من الوقوف الأميركي مع الإرهاب الإسرائيلي في مجلس الأمن؟
الهجمة الحالية ضدّ الإسلام يجب أن نتعامل معها بأقصى العقلانية. أن لا ننجر إلى هاوية الفتنة وأن لا نضع مصير أمتنا بين فكي كماشتها: التطرف والصهيونية!
السبت 17 كانون الثاني (يناير) 2015
بين فكي التطرّف والصهيونيّة
السبت 17 كانون الثاني (يناير) 2015
par
رشاد ابو داود
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
14 /
2181596
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين رشاد ابو داوود ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
10 من الزوار الآن
2181596 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10