الأحد 11 كانون الثاني (يناير) 2015

مَنْ خَدعَ الفلسطينيين؟

الأحد 11 كانون الثاني (يناير) 2015 par هاشم عبد العزيز

في ردة فعل على عدم حصول مشروع القرار العربي لإنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” من الأراضي الفلسطينية في مهلة زمنية محددة على الأصوات الكافية لإقراره في مجلس الأمن بعد أن تبددت خارطة التصويت في مثلث ثماني دول مؤيدة أبرزها روسيا والصين وفرنسا من الأعضاء الدائمين وعارضته بقوة الولايات المتحدة ومعها أستراليا وامتنعت عن التصويت 5 دول منها بريطانيا أعادت قيادة السلطة الفلسطينية قضية الانضمام إلى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة ومنها محكمة العدل الدولية لمواجهة الاحتلال بجرائمه ضد الشعب الفلسطيني وهي في الأغلب جرائم ضد الإنسانية، وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ذات الوقت بأنه سيناقش مع الأردن الذي قدم مشروع القرار العربي خططاً لإعادة المشروع إلى مجلس الأمن قائلاً: “لم نفشل في مجلس الأمن بل مجلس الأمن هو من فشل” .
قد يبدو المشهد هكذا عن مثابرة سياسية ودبلوماسية فلسطينية في هذه الجبهة تعبّر على الأقل عن أن الفلسطينيين خرجوا من دوامة الضغوط الأمريكية والابتزاز الصهيوني التي دارت على قضيتهم ووصلت حد وضعهم تحت مظلة المفاوضات العبثية .
غير أن هذه النظرة العامة تبدو في صورة مهزوزة إذا ما أخذنا الخطاب بشأنها الذي ما زال يدور حول “تهديد” بالذهاب إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال أو الانضمام إلى المنظمات الدولية لأن الأول بعد النتيجة السلبية يقتضي التقييم والثاني كان المفترض أن يتم فور تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود 1967م .
قد يكون مناسباً القول أن الفلسطينيين لم يفشلوا في مجلس الأمن في انتزاع قرار تزمين إنهاء الاحتلال ولكنهم لم يوفقوا والقول هكذا يعود إلى أن الفلسطينيين يخوضون هذه المعركة لأول مرة وهم يدركون أن العربدة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني اقترنت لعقود من الزمن لا بالعمى وموت الضمير الدولي فقط بل وغياب المسؤولية من قبل الأمم المتحدة ومجلس أمنها غير الأمين على حقوق الشعوب .
بيد أن هذا لا يعني التغافل عن الحقائق وهي في الإجمال تمثل سلسلة فلسطينية وعربية خادعة ستبقى مجهضة لأي مشروع ومعلقة لأي جهود في اتجاه الانتصار للقضية الفلسطينية .
فلسطينياً استعاد الانقسام السياسي بين “فتح” و“حماس” الساقط على الأرض بين الضفة وبين قطاع غزة تداعياته الضارة بالعمل الوطني الفلسطيني، وجاء هذا من خلال الموقف المثير من قبل “حماس” الرافض للتحرك الفلسطيني في اتجاه حمل الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن مسؤولية تزمين إنهاء الاحتلال واللافت أن هذا الموقف ل“حماس” بدا وكما لو أنه لا يرى الموقف “الإسرائيلي” - الأمريكي الذي اعتبر التحرك الفلسطيني بهذا الاتجاه أحادي الجانب، ورفضه يعني إبقاء الأزمة في دوامة المفاوضات العبثية التي وفرت للاحتلال الغطاء لتنفيذ سياسته الرافضة لحقوق الشعب الفلسطيني والمناهضة للسلام بمتطلباته، ومنحته الوقت تنفيذ مشروعات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية . وما زاد من هذه الصورة الرمادية ل“حماس” أنها فسرت رفضها بازدواجية فهي تعتبر التحرك بهذا الاتجاه ومن قبل الرئيس الفلسطيني مناورة ليس إلا في سباق اللعبة التفاوضية لكنها بعد هذا التفسير تذهب إلى اتهام عباس باتخاذ قرارات فردية وهو موقف مضطرب وجاء خلاف ما يشبه الإجماع الفلسطيني في شأن هذا التحرك والتوجه الذي قام بدايةً على تحرر الإرادة الفلسطينية، ولم يغفل هذا الإجماع مجريات الأمور وهذا ما بدا واضحاً من خلال ردود الأفعال من قبل فصائل فلسطينية عدة في شأن التعديلات التي جرت على مشروع القرار الذي بدأ فلسطينياً ومن ثم عربياً ليستقر عند تقديمه لمجلس الأمن بعد مقاربة من المبادرة الفرنسية .
نعم لقد كان الإجماع والشراكة في هذا الاتجاه أولوية، لكن ما ترتب عن استمرار الانقسام السياسي وبات أقرب إلى وضع مفتوح ليس على خداع الفلسطينيين لأنفسهم فقط بل ويرتبط بأطراف متلاعبة بهذا الوضع الذي لا يخدم في الأخير سوى الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية في سياستها الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وهنا دور أردوغان تركيا الحريص على بقاء واستمرار الانقسام .
عربياً كان هناك موقف إيجابي تبنى الاتجاه الفلسطيني حمل مجلس الأمن استصدار قرار تزمين إنهاء الاحتلال الصهيوني من الأراضي الفلسطينية، لكن ما غاب هو التحرك الفاعل في هذا الشأن تجاه الدول الأعضاء في المجلس، وبعبارة أخرى بدا الموقف العربي في إيصال مشروع القرار لمجلس الأمن كما لو أنه أداء كامل الواجب والمسؤولية .
لم يكن مطلوباً من الدول العربية الدخول في خلافات مع أي دولة بل كان مهماً استخدام قدر من الأوراق العربية أكانت الاقتصادية أو سياسية، والأهم ليس قاصراً على دفع توجه الفلسطينيين وحسب، بل الإسناد وهذا ما يطرحه رد الفعل الصهيوني تجاه السلطة الفلسطينية في السطو على حقوقها المالية .
هنا يمكن القول قبل معاودة التحرك باتجاه مجلس الأمن مرة ثانية وثالثة ورابعة، كما قال عباس، مطلوب مراجعة فلسطينية وعربية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2181033

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع هاشم عبدالعزيز   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2181033 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40