الخميس 8 كانون الثاني (يناير) 2015

رواتبكم أوطانكم

الخميس 8 كانون الثاني (يناير) 2015 par د. فايز أبو شمالة

عندما تصدر الرئاسة الفلسطينية بياناً يحدد أن لا رواتب للموظفين دون تسلم العوائد الضريبية من إسرائيل، فمعنى ذلك أن لا وطن للفلسطينيين إلا بالمساحة التي تسمح فيها إسرائيل للفلسطينيين بممارسة وطنيتهم، وكفاكم كذباً عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وعن المعارك السياسية الطاحنة من أجل السلام.
إن إعلان الرئاسة عن عجزها في دفع أجور المستخدمين، معناه الإعلان الرسمي بأن الوطن فلسطين قد صار رهينة لرواتب الموظفين، وصار الموظفون معلقون بالحبل السري المرتبط باتفاقية أوسلو الملعونة، وصار المجتمع برمته يقتات من فتات جيش الموظفين الذي جعلت منهم أوسلو رهائن للرواتب.
فأين كرامتكم يا أصحاب أوسلو؟ أين أدواتكم لقيام دولتكم؟ وأين هي دولتكم؟ وما مصيركم؟ وكيف تتفاخرون باتفاقية أوسلو التي خلقت هذا الجيش من جوعى الراتب؟ ألم يعلم أصحاب أوسلو أن هذا الجيش الذي ينتظر الراتب كان يعمل بكرامة وشهامة وإبداع تحت ظلال الاحتلال؟ ألم تعلموا أن معظم هؤلاء الذين تعودوا الخمول في عهد السلطة الفلسطينية كانوا يتنافسون على الكسب الحلال بعرق جبينهم في ظل الاحتلال؟ ألم تعلموا بأن شعبنا الفلسطيني كان يعيش حياته العملية مبدعاً لوسائل انتاجه، وكان مسيطرا على كل مناحي الحياة العملية في إسرائيل قبل وصولكم على ظهر البندقية التي رقمتها المخابرات الإسرائيلية؟ ألم تعلموا بأن الشعب الفلسطيني كان يحيا بعرق جبينه قبل وصولكم، وكان يرفض التسول، ووصل إلى درجة من الكرامة أن رفض بطاقة التموين، ولم يكن بمعظمه ينتظر الراتب، بل كانت الوظائف في الضفة الغربية وغزة من نصيب القانطين القاصرين عن العمل المبدع.
اليوم توظف السلطة إبداعها في إذلال الناس، اليوم تلجأ السلطة الفلسطينية إلى سياسة التجويع المتعمد للمجتمع بهدف التركيع، اليوم تعتدي السلطة على كرامة الموظفين، وتسرق أموال المتقاعدين، ولا تكتفي بقطع رواتب عشرات المعارضين السياسيين، بل تجرأت السلطة على تجويع كل المجتمع لهدفين:
الأول: ابتزاز الدول العربية مالياً، وتوفير مبالغ إضافية في خزينة السلطة تمكنها من البذخ.
ثانياً: أن يتلهى الشعب الفلسطيني بنفسه ومعيشته ومصروف بيته، ليصير الشغل الشاغل للناس هو الراتب وغلاء الأسعار، وتسديد الديون، ويختفي الحديث السياسي عن المشاريع الفاسدة، وعن التفريط بالثوابت.
إن تأخر الرواتب قضية وطنية وليست قضية وظيفية، تأخير الراتب سياسة، تفرض على الشعب أن يتمرد عليها، وأن يرفض التسليم لسلطة ربطت مصيره برضا وغضب الحاكم العسكري الإسرائيلي، على شعبنا الفلسطيني أن يتعامل مع الاحتلال مباشرة، فهذا اشرف ألف مرة من التعامل مع وكلاء الاحتلال
في الحياة الاجتماعية، لا يرتب الرجل العنين الفراش لمغتصب زوجته، ولا يصير أن يمشط شعرها بالتنسيق الأمني مع الغاصب، ذو الكرامة يختفي من المكان مطعوناً بالقهر، أو يقتحم المكان مشهراً سيف النصر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2165940

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز ابو شمالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165940 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010