الثلاثاء 6 كانون الثاني (يناير) 2015

أمريكا والسلطة . . الاستراتيجية المطلوبة

الثلاثاء 6 كانون الثاني (يناير) 2015 par د. فايز رشيد

المشروع الفلسطيني الذي قدم إلى مجلس الأمن، هو تعبير عن أزمة السلطة وفشل خيارها التفاوضي، وهو خيارها الاستراتيجي الوحيد! المشروع في جوهره، وبعد التعديلات الفرنسية والأوروبية عليه، وأيضاً بعد تحسين لغته من قبل السلطة الفلسطينية، بعدما أثاره من أزمة وبلبلة بين الفلسطينيين، لا يلبي حتى الحدود الممسوخة من حقوق شعبنا الوطنية! . المشروع في جوهره يحمل تنازلات مستقبلية أخرى قد تقدم عليها السلطة . . اقرأوا نصوصه وما بين سطوره ليتأكد لكم صحة ما نقول . رغم كل ذلك رفضته الإدارة الأمريكية، وموقفها معروف سلفاً، إلا للذين يراهنون على السراب! هؤلاء الذين يتصورون أوهاماً، مثل إمكانية تسلم مسلم لمنصب بابا الفاتيكان، فهل هذا معقول؟ نعم، يريدون وضع الكيان وحليفته الأمريكية في صورة مغايرة ومناقضة تماماً لما هي كل منهما . . . فهل يجوز ذلك سياسياً؟ .
نعم، مفاجأة السلطة الفلسطينية بالرفض الأمريكي، وممارسة الضغط على الدول الأخرى، للتصويت ب “لا” كبيرة على المشروع الفلسطيني المقدم إلى مجلس الأمن يدعو للسخرية! . . لماذا نقول ذلك؟ نجيب، للأسباب التالية: الاستغراب هو تعبير عن تناسي وتجاهل الحقائق الواضحة وضوح الشمس، والمعلن عنها أمريكياً، إذ إن كيري أعلن مراراً عن هذا الرفض والتأكيد على التصويت به، حتى لو استعملت أمريكا حق “الفيتو”، إذاً ما الجديد في ذلك؟ ثانياً، الولايات المتحدة صوّتت حتى اللحظة ب“الفيتو” على 43 قراراً في مجلس الأمن له علاقة بالقضية الفلسطينية، فهل هذه المرة ستمارس العكس؟ من غير المعقول تصور هذا! . ثالثاً: ربما نسي أو تناسى القائمون على السلطة، قرار الكونغرس الأمريكي عام 2011 ب “رفض المحاولات الفلسطينية للإعلان عن دولة فلسطينية من جانب واحد، ومن دون الاتفاق مع”إسرائيل“. رابعاً: رسالة الضمانات الاستراتيجية التي قدمها الرئيس بوش الابن ل”إسرائيل“عام 2004 وفيها نص يقول: تتعهد الولايات المتحدة بعدم إلزام”إسرائيل“بما لا تقبله في أية تسويات مقبلة مع الفلسطينيين أو العرب . خامساً: الإدارات الأمريكية بلا استثاء تؤيد اللاءات”الإسرائيلية" الخمس للحقوق الوطنية الفلسطينية، باستثناء التعارض على تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية، وهذا تعارض ثانوي، لا يؤثر في جوهر العلاقة . هذا غيض من فيض حقائق الصراع، وفي حوزة كل منا الكثير من الحقائق التي يعرفها القاصي والداني وكل مهتم بالصراع . . . إذاً ما الجديد في الموقف الأمريكي!؟ .
لطالما تحدث سياسيون وكتّاب فلسطينيون وعرب عن أزمات أمريكية - “إسرائيلية” في فترات مختلفة لأسباب واهية كثيرة!، يتبين خطؤها بعد وقت قصير . العلاقات الأمريكية-“الإسرائيلية” على درجة من التحالف الاستراتيجي الذي يقع خارج إطار دخوله مرحلة الأزمة المؤثرة فعلياً، في العلاقة بين الطرفين، وهي خارج إطار التدخل الفعلي من قبل أية إدارة أمريكية، والتسبب في أية أزمة . قد تختلف البصمات التي يتركها هذا الرئيس الأمريكي أو ذاك على العلاقة، لكن أسسها التحالفية سائدة في مجرى عام عنوانه التأييد الفعلي المطلق من دون قيدٍ أو شرط، من أية إدارة أمريكية أو أي رئيس أمريكي للحليفة “الإسرائيلية” .
البصمات على العلاقة أيضاً، تتغير وفقاً لطبيعة الحزب أو الائتلاف الحاكم في الكيان،فمثلاً التحالف الحكومي الصهيوني الحالي، لا يهمه إحراج الولايات المتحدة سياسياً في علاقاتها العربية والدولية، فهو يطرح السياسات كما هي، من دون مكياج تجميلي بسيط على الأقل، مثل هذا الأمر (الأخير) مناسب أكثر للولايات المتحدة، لكن عند التصويت لا يهم لمطلق إدارة أمريكية، شكل الحكم في الكيان، وتصوّت إلى جانبه ولحمايته .
منذ تشكيل الكيان في عام 1948 حتى العام ،2014 لم يحدث (ولو مصادفة) أن وقف رئيس أمريكي بحزم في وجه التعنت الصهيوني، فالكل يسعى ويطمح إلى رضاه وبركاته عليه وعلى إدارته وبلاده، هذه حقيقة تثبتها الأرقام والمسلكية في طبيعة هذه العلاقة، والمجال لا يتسع لإيرادها وتعدادها .
إن وحدة مواقف تجمع بين الولايات المتحدة والكيان حتى في بنود التسوية . فالطرفان متفقان استراتيجياً من التسوية مع الفلسطينيين والعرب: لا لعودة اللاجئين،القدس موحدة وعاصمة أبدية للكيان . قرارات الكونغرس في حقبات مختلفة صوتت على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس . . هل نسيت السلطة ذلك!؟، ثم في المواقف المشتركة بين الطرفين، اتفاقهما على أن لا انسحاب من كافة المناطق التي احتلها الكيان في عام ،1967 وغير ذلك من القضايا التي تطرقنا إلى أهمها سابقاً، الأمر الذي يستدعي انتهاج استراتيجية جديدة تجابه الكيان، وهي باختصار: الكفاح المسلح، وهذا ما ترفضه السلطة، رغم نجاحه بامتياز في كل تجارب التحرر الوطني .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2177897

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177897 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40