الأحد 14 كانون الأول (ديسمبر) 2014

لا يا فقهاء البلاط

الأحد 14 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par حسين لقرع

منذ أيام قليلة، أصدر “مجمعُ البحوث الفقهية” التابع للأزهر بحثاً مغرضاً بعنوان “البغاة والخوارج” صنّف فيه “الإخوانَ المسلمين” جماعة ً “إرهابية” جنباً إلى جنب مع “داعش” وغيرها، واتهم الإخوانَ بـ“الخروج على الحاكم؟” وأفتى أصحابُ البحث بجواز قتلهم إذا لم يتراجعوا عن مرجعيتهم الفكرية، مع أنها تتخذ الوسطية والاعتدالَ منهجاً لها منذ 86 عاماً ولم يسبق أن لجأت إلى العنف؛ إذ ورد في البحث بالحرف الواحد “إن إصرار جماعة الإخوان على فكرها يجعل قتلها جائزاً على قتال أهل البغي في عامّة أحواله”.

اللافت للانتباه أن بحث الأزهر (الشريف؟) تزامن مع تصريح خطير لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري كشف فيه أن قادة عددٍ من الدول العربية أكّدوا له استعدادهم للدخول في “حلف إقليمي” مع الصهاينة لمحاربة “حماس” و“داعش” و“بوكو حرام”... وهو ما أذهل كيري نفسه وجعله يقول إن “الأمر كان مستحيلاً منذ ستة أشهر فقط”.

وجه الخطورة في تصريحات هؤلاء القادة، أنهم يضعون “داعش” و“حماس” الإخوانية في كفةٍ واحدة، ولعلّ القراء الكرام يتذكرون هنا تصريح نتنياهو خلال الحرب الأخيرة على غزة بأنه “لا فرقَ بين حماس وداعش”، وكشف أنذاك عن قيام “تحالفٍ استراتيجي” مع عددٍ من الدول العربية ضد المقاومة، ما يعني بوضوح أن بعض القادة العرب قد تبنوا وجهة نظر “صديقهم” نتنياهو وأصبحوا بدورهم ينعتون حماس الإخوانية بـ“الارهاب” ويقبلون تشبيهَها بـ“داعش”، ولإضفاء شرعية دينية زائفة على الموضوع، أوعز بعضهم إلى علماء البلاط في الأزهر (الشريف) بإصدار فتوى تعتبر الإخوان المسلمين، بمختلف تفرّعاتهم بالضرورة، “جماعة إرهابية” وتصفهم بـ“البغاة” و“الخوارج”، لأنهم “خرجوا على وليّ الأمر” أي قائد انقلاب 3 جويلية 2013 بمصر.

أيّ منطق عجيب هذا؟ أليس السيسي هو الذي خرج على وليّ أمره المنتخَب شعبياً والذي عيّنه وزيراً للدفاع فانقلب عليه وبغى وقتل الآلاف من أنصاره؟ بأيّ منطق يُعدّ تظاهر الاخوان سلمياً على حاكمٍ انقلابي غير شرعي اغتصب الحكم بقوة السلاح “خروجاً على وليّ الأمر”؟ من “خرج” على الآخر؟ وأيّ من الطرفين “بغى” على الآخر وسامه سوء العذاب وقمع أنصاره المستضعفين ونكّل بهم شرّ تنكيل؟ ما لكم كيف تحكمون.

أما حماس فهي حركة مقاومة وطنية شريفة رفعت السلاح لمحاربة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وللدفاع عن القدس والأقصى المبارك الذي باعه العرب والمسلمون بثمن بخس، لكن أعراب الذل والهوان والخسّة والنذالة سمحوا لأنفسهم بوصفها بـ“الإرهاب” لمجرد أنها تنتمي إلى جماعة “الإخوان المسلمين” التي صنّفوها في بلدانهم “حركة إرهابية”، وتبنّوا طرح نتنياهو الذي يضعها مع “داعش” في كفةٍ واحدة لتبرير معاداتها والتآمر مع الصهاينة ضدّها وربما الاشتراك معهم في قتالها قريباً.

إن مصيبة هذه الأمة أنها أبتليت بحُكامٍ ظلمة متجبّرين، أعزة على شعوبهم أذلة على اليهود والأمريكان، يستمرئون العمالة ويحاربون كل حرٍّ شريف، أما المصيبة الأعظم فهي ابتلاؤها بكثير من علماء البلاط الذين لا يتورّعون عن تقديم “فتاوى” تحت الطلب قصد إرضاء الحكام ولو كان في ذلك سخطُ الله، ويحوّلون الحق إلى باطل والباطلَ إلى حق، ولا يكترثون بتضليل العامّة ونشر الفتن في صفوف الأمة وتبرير هدر دماء الأحرار الرافضين للظلم والطغيان، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2178363

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حسين لقرع   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178363 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40