الأربعاء 4 آب (أغسطس) 2010

«منجم ذهب» تحت الاختبار

الأربعاء 4 آب (أغسطس) 2010 par سعد محيو

في صيف العام 2006، وبعد أن اتّضح أن الهجوم «الإسرائيلي» على لبنان تعثّر، كتب تشارلز كروثامر، أحد أبرز المحافظين الجدد، مقالاً غاضباً في «واشنطن بوست» تساءل فيه : «كيف سمحت «إسرائيل» لنفسها بأن ترتكب مثل هذه الأخطاء العسكرية الفادحة؟ ألا تعلم أن ذلك قد يكلّفها خسارة موقعها في الولايات المتحدة ككنز استراتيجي؟».

وفي صيف العام 2010، كان الجنرال بترايوس وبعض كبار القادة العسكريين الأمريكيين يتهمون «تل أبيب» بأنها تريد توريط الولايات المتحدة في حرب مع إيران فيما هي مُنغمسة حتى أذنيها في حربي العراق وأفغانستان، مُلمحين بذلك إلى أن «إسرائيل» بدأت تتحوّل من كنز إلى عبء استراتيجي.

ومنذ ذلك الحين، نشطت «تل أبيب» وأنصارها الكثر في الولايات المتحدة للإثبات بأنها لا تزال كنزاً استراتيجياً : هي، عبر شن حرب مُدمّرة على غزة العام 2008 والاستعداد لجولة كبرى جديدة من الحرب على لبنان وربما على إيران، وهي، من خلال شن حملة إعلامية وسياسية واسعة النطاق رفعت الشعار المثير : ««إسرائيل» ليست كنزاً استراتيجياً لأمريكا وحسب، بل هي منجم ذهب لها أيضاً».

سنأتي إلى مسألة الحرب بعد قليل. لكن قبل ذلك، وقفة أمام هذه الحملة التي دارت حول المحاور الأتية (*) :

- «إسرائيل» هي التي احتوت النفوذ السوفييتي في «الشرق الأوسط» خلال الحرب الباردة، عبر إنزال هزيمة مُذلة بحلفاء موسكو آنذاك مصر وسوريا خلال حرب 1967 .

- عملية السلام التي وفّرتها «تل أبيب» لواشنطن بعد حرب 1967، سمحت لهذه الأخيرة بجعل الدول العربية معتمدة عليها وكانت وسيلة فعالة لنشر النفوذ الأمريكي في طول منطقة شرق المتوسط وعرضها.

- التحالف الاستراتيجي الذي أبرم بين «إسرائيل» وأمريكا في المجالين العسكري والاقتصادي بعد حرب 1973، غيّر بشكل درامي المشهد «الشرق أوسطي» لصالح الولايات المتحدة، ومكّنها من منع نشوب أي حرب إقليمية جديدة في منطقة الصراع العربي - «الإسرائيلي»، هذا ناهيك عن أنه قلّص هذا الأخير إلى مجرد صراع فلسطيني - «إسرائيلي».

وأخيراً، «إسرائيل» هي أهم قاعدة عسكرية أمريكية في «الشرق الأوسط». فالجيوش الامريكية تُخزّن جلّ عتادها فيها، وتستخدم مطاراتها وموانئها إما لشن الحروب في منطقة الخليج أو لاستعراض عضلاتها العسكرية في مياه المتوسط وبحر العرب.

نعود الآن إلى سؤال الحرب لنقول إن «إسرائيل» ستكون هذه المرة أمام اختبار كبير قد يُحدد مصير دورها ككنز أو منجم ذهب استراتيجيين.

فإذا ما نجحت في الحرب الجديدة وحققت فيها كل أو بعض أهدافها السياسية، سيكون في وسع أنصارها في الولايات المتحدة تثبيت موقعها بكونها أهم حليف استراتيجي في «الشرق الأوسط».

أما إذا ما فشلت وبان مرة أخرى حدود ومحدودية قوتها العسكرية، فهذا سيدفع واشنطن إلى إدخال تعديلات جذرية على توجهاتها «الشرق أوسطية» باتجاه الاعتماد على قوى إقليمية أخرى كتركيا ومصر بدلاً من «إسرائيل». وهذا لن يكون أمراً جديداً، فطيلة الخمسينات والستينات كانت واشنطن تعتمد على إيران الشاهنشاهية للقيام بدور الشرطي الإقليمي.

ماذا الآن عن السيناريوهات المُحتملة للحرب الإقليمية؟


titre documents joints

(*) «إسرائيل» : ليست فقط أصلاً استراتيجياً وإنما منجم ذهب استراتيجي.

3 آب (أغسطس) 2010
info document : HTML
42.1 كيلوبايت

روبرت ساتلوف - المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2178077

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178077 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40