عام 1948 كانت دير ياسين على موعد مع المجزرة التي أقدم عليها الإرهابي “بيغن” وعصابات “الأرغون والشتيرن” بحق أبنائها، والتي ذهب ضحيتها 250 من الأطفال والنساء والرجال والشيوخ.
لم يكن حينها قادة الكيان يدركون أنه بعد مرور ستة عقود من الزمن، ستبقى الذاكرة الفلسطينية تختزن تلك المجزرة البشعة، وغيرها المرتكَبة بحق الشعب الفلسطيني، متسلحين بمقولة “كبارهم سيموتون، وصغارهم سينسون”.. مقولة أسقطها الفلسطيني مع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة العام 1965.
تلك الذاكرة الفلسطينية، وبعد مرور 66 عاماً على مجزرة دير ياسين، كانت هي بدورها على موعد صبيحة يوم الثامن عشر من الجاري مع العملية البطولية والجريئة في مدينة القدس المحتلة، والتي نفّذها الشهيدان البطلان عدي وغسان أبو جمل من جبل المكبر، ومن “كتائب الشهيد أبو علي مصطفى”؛ الجناح العسكري لـ“الجبهة الشعبية”، ضد الكنيس الصهيوني “تشيفا”، الواقعة على أرض قرية دير ياسين، وكأن الشهيدين أرادا القول إن عقاب الصهاينة على ما ارتكبوه من جرائم بحقنا لن يسقط مع تقادم الزمن، وبالتالي هي ردٌّ على جرائم الاحتلال وممارساته العدوانية بحق أهلنا المقدسيين، والشهداء الذين سقطوا على يد المستوطنين؛ حرقاً وإعداماً وشنقاً “محمد أبو خضير، وخير حمدان، ويوسف الرموني”.
عملية القدس تعيدنا في الذاكرة إلى عملية اغتيال وزير سياحة الكيان الغاصب؛ رحبعام زئيفي، وفي مدينة القدس أيضاً، رداً على اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية الشهيد أبو علي مصطفى.
نوجّه التحية لـ“الجبهة الشعبية”، التي كان لها شرف المساهمة في وضع المداميك الأولى لثورتنا المعاصرة، وهي خلال مسيرة أعوام انطلاقتها الـ48 قدّمت خيرة قادتها ورموزها الكبار، إما شهداء أو أسرى على درب تحرير فلسطين كل فلسطين.