في معرض مناقشة الاعتراف بدولة فلسطين في البرلمان البريطني، استمر النقاش لوقت معتبر، تكلم البرلمانيون البريطانيون مؤكدين على حق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم، وتداول البرلمانيون أطراف الحديث، وكانت تدخلات قيمة تعبر عن وعي عميق بالملف الفلسطيني، كيف لا، والدولة البريطانية هي من صنعت اسرائيل، ودشنت كيانها بقرار وزير الخارجية فيما سمي بوعد بلفور..
تحدث البرلمانيون ضد الاستيطان والحواجز وضد جرائم الحرب التي جرت في غزة وأسهبوا في تفصيل الأوضاع الفلسطينية منذ نكبة فلسطين، إلى الآن وبلا شك يصاب المرء بشيء من الدهشة والإعجاب وكأنه يستمع لنقاش يدور في أحد البرلمانات العربية، بل لعله يكون متقدما في مطالبه عن بعض البرلمانات العربية.
ما لفت الانتباه هو التدخل الذي قام به البرلماني المحترم جورج غالاوي، حيث تحدث عن فلسطين والشعب الفلسطيني، وعن المسئولية الأخلاقية والسياسية التي تقع على الدولة البريطانية وعلى البريطانيين تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، حيث يسجل التاريخ على الإمبراطورية البريطانية العظمى قيامها بتسليم فلسطين لعصابات الصهاينة والتنكيل بالفلسطينيين..و عندما حاول أحد البرلمانيين تقديم تفسير لوعد بلفور على اعتبار انه لم يغفل حقوق العرب ومقدساتهم ومصالحهم في فلسطين، رد النائب المحترم بالقول: ذلك صحيح، لكن المشكلة ان الجزء الذي كتب عن حق الفلسطينيين، كتب بحبر لا يصمد، مع الزمن تلاشى ولم يبق سوى ما يخص العصابات الصهيونية.
على مدى اكثر من ساعة ونصف، كان النقاش حضاريا مثيرا ومهما ويعبر عن تطور في الإحساس بالمسئولية وعن صحوة ضمير لدى المشرعين الانجليز.. وكان المتدخلون في غالبيتهم العظمى رائعين وحضاريين، يفصلون ويشرحون ضرورة مواجهة الاحتلال الصهيوني والاستيطان والتهويد والاعتداء على المسجد الأقصى.. وكانت التوصيات تتلاحق بضرورة مقاطعة منتجات المستوطنات وضرورة حظر تزويد اسرائيل بالأسلحة ومعاقبة اسرائيل اقتصاديا.
بكل صراحة، يشعر المرء بالألم والحسرة، بل ويعصره البكاء.. لماذا لم يناقش اي من البرلمانات العربية القضية الفلسطينية والجرائم الصهيونية الحاصلة على غزة وعلى القدس؟ لماذا لم يستطع اي من البرلمانات العربية ماعدا البرلمان الأردني تناول قضية غزة والقدس.. لماذا غابت برلمانات دول عربية تقيم علاقات مع اسرائيل علنية او سرية من مناقشة الموقف.. من هو البرلماني العربي الذي يشبه جورج غالاوي الذي فقذ موقعه في مرات سابقه بسبب دفاعه عن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية؟ مَن مِن السياسيين العرب مثل جورج غالاوي استبسالا في مواجهة عنصرية اسرائيل وطغيانها.. وظلم الأقربين؟
لقد وجدت نفسي أهتف به وهو يتحدث: حياك الله ايها العربي المحترم.. ايها العربي في زمن قلّ فيه العرب.. وان الله سبحانه وتعالى سيفتح أبواب فرجه من حيث لا نحتسب، لأنها فلسطين المباركة، فسينهض من اجلها كل المباركين وسينسحب بعيدا عن ساحتها كل الفاسدين الأشرار.. تولانا الله برحمته.
RLS
