الاثنين 1 كانون الأول (ديسمبر) 2014

ديمقراطية غابة البنادق

الاثنين 1 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par علي بدوان

طالما افتخر الرئيس الراحل ياسر عرفات بالديمقراطية الداخلية التي كانت تَحكُم العلاقات بين الجميع في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها ومؤسساتها القيادية، وإن كانت على شاكلة (قولوا ما تشاؤون وأنا أفَعل ما أشاء)، وعلى شاكلة الترضيات في سياقات من (المونة) والأبوية العرفاتية، التي كان يُتقنها أبوعمار في التعاطي مع باقي القوى الفلسطينية المؤتلفة في منظمة التحرير الفلسطينية.

ويصفها أحياناً بــ(ديمقراطية سُكّر زيادة)، بينما كان يتندر بها مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المرحوم الدكتور جورج حبش بوصفها (ديمقراطية سُكّر خفيف).

وطالما ردد أبوعمار على الدوام مقولته الشهيرة (ديمقراطية غابة البنادق) في مُختلف المناسبات وفي لقاءاته الشعبية والجماهيرية.. فجميع الفصائل الفدائية الفلسطينية كانت تَحمل السلاح وبكثافة إبان المراحل الكفاحية من العمل الوطني الفلسطيني والتي سبقت العام 1982 في الأردن ولبنان، وحتى بالساحة السورية.. من حركة فتح إلى منظمة الصاعقة، والجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية القيادة العامة، وجبهة التحرير العربية، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وجبهة التحرير الفلسطينية، وحتى آخر مجموعة فدائية وسياسية فلسطينية.

مقولة أبوعمار، ديمقراطية غابة البنادق، كانت تُداعب المزاج الشعبي العام عند الفلسطينيين، وتتسم ببراغماتية عالية، براغماتية واقفة على قدميها نقيضاً لبرغماتية الزواحف.

وببراعة قِلَّ نظيرها، كان أبوعمار يَعمل من خلال تلك البراغماتية على استيعاب واحتواء الجميع من القوى والفصائل الفدائية الفلسطينية، وتدوير الزوايا السياسية والأكواع، حتى في مراحل التأزم والخلاف السياسي في البيت الفلسطيني تجاه موضوع معين ومحدد.. وهو ما برز بشكلٍ جلي على سبيل المثال في الفترة الممتدة بين أعوام (1974ـــ1978) حين انقسمت الساحة الفلسطينية بين جبهتي: جبهة الرفض (الجبهة الشعبية+ الجبهة الشعبية القيادة العامة+ جبهة التحرير العربية+ جبهة النضال الشعبي الفلسطيني)، وجبهة القبول (حركة فتح+ منظمة الصاعقة+ الجبهة الديمقراطية)، ودارت في حينها ووقعت إشكاليات سياسية كبرى في الساحة الفلسطينية، وحتى اشتباكات مُسلحة داخلية فلسطينية- فلسطينية تواترت في حصولها إبان الوجود العسكري الكثيف للمقاومة الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية والسورية، لكنها كانت تخبو على الفور بفعل تدخل العقلاء وأصحاب الحكمة، وسطوة ونفوذ أبوعمار ياسر عرفات المعنوي على القوى والفصائل.. فالانقسام السياسي على الأرض في حينها بين الرفض والقبول، لم يكن ليَشُقَ صفوف المنظمة أو هيئاتها القيادية التي كانت تلتئم في أعمالها بحضور جميع القوى والفصائل دون استثناء بالرغم من حدة الانقسام السياسي بين جبهتي الرفض والقبول.

الآن، تغيب تلك المقولة العرفاتية (ديمقراطية غابة البنادق) بسلبياتها وإيجابياتها، بعجرها وبجرها على حد تعبير المثل الشعبي الفلسطيني، وبسُكَرِها (القليل والزائد)، وحتى بمخرجاتها ونواتجها العرفاتية (قولوا ما تشاؤون وأنا افعل ما أشاء) في ظل تواضع حضور البنادق الفدائية، وتراجع كثافتها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2177847

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2177847 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40