السبت 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

بؤس النخب في بلاد العرب!

السبت 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par حلمي الاسمر

قيل: إذا صَلُح العالِم، صلح العالَم، ويبدو أن ثمة من يصنف «النخب» على تنوعها من ضمن «العلماء» على اعتبار أن لديهم تميزا ما عن العامة، وإن لم يصلوا حد «العالِمية» لكنهم عادة ما يكونوا مؤثرين في المجتمع، فبعضهم يوجه الرأي العام، وبعضهم يصنع وعي المجتمع، ومنهم أيضا يختار الزعماء قادة ومناصرين، وبطانة، وهم أداة من أدوات البناء أو الهدم، لهذا فإن في صلاحهم فائدة كبيرة للمجتمع، كما في فسادهم كارثة عليه!
من أكثر المواقف استفزازا لي، ما اتخذته بعض النخب من انحياز ضد حرية الرأي، في غير ساحة عربية، ومدافعة هؤلاء عن تكميم الأفواه، وملاحقة أصحاب الكلمة، ومعاقبتهم عقابا شديدا بسبب ما يكتبونه، هنا أو هناك، بل إنني شهدت تشفيا من قادة رأي بمن يعتقل بناء على رأيه، أو يلاحق في رزقه، أو يضيق عليه، والسبب اختلاف وجهات النظر بينهم وبين الطرف الآخر، مثلا كيف تفهم احتفال الإسلاميين بقمع اليساريين، والتشفي بهم؟ وكيف تفهم وقوف أهل اليسار والقومية في صف سلطة تبيد الآراء الأخرى، خاصة إذا كانت «يمينية» كما تصفها؟ ألا يعتقد هؤلاء ان احتفالهم بمن يقمع صاحب رأي هو تعميق لمبدأ قد يطالهم هم أيضا في وقت ما من دورات الزمان، والزمن دوار كما يعلمون؟
إن المثقف الذي يخون زميله المثقف، فقط لأنه من اتجاه آخر، هو في الواقع يخون نفسه، لأن الدكتاتور أعمى، ولا يرى غير مصلحته، وفي الوقت الذي يشعر أن ثمة تهديدا لدكتارتوريته من أي طرف كان، فهو لن يتسامح معه، وقد يستعين بفئة على أخرى، حتى إذا استتب له الأمر، مال على من ناصره في وقت ما، فبطش به!
النخب العربية مدعوة أن تكف عن تأجير ضمائرها، ومداهنة القويّ، ليس لأسباب تطهرية أو طلبا للملائكية، بل من أجل مصالحها الذاتية قبل كل شيء، لأن المثل الأزلي يقول: أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ومن يستتنتع بأكل الثور الأسود، ليس لديه مشكلة مع أكل الثور الكحلي، أو الكاروهات!
إن تشفي صاحب رأي باعتقال صاحب رأي، هو عار كبير على من يقترفه أن يتوارى عن الأنظار، لأن الحرية لا تتجزأ، ومن يقربك اليوم، يبعدك غدا، والانحياز للمبدا أولا ، لا لمشاعر التشفي الوضيعة، التي لا تليق بحملة الأقلام!
وبوسع المرء أن يُنزل ما قيل أعلاه على علماء الدِّين، ممن حباهم الله علما يجب أن يستخدم في خلاص الأمَّة، وتنويرها، لا تزوير إرادتها، وتبرير ظلمها!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165289

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حلمي الاسمر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165289 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010