الخميس 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

الاعتراف بالدولة ...لماذا يرعب إسرائيل!

الخميس 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par جواد محمود مصطفى

مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية عادت لتطرح على الساحة الدولية إذ اختارت السويد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما أقر البرلمان البريطاني مشروع قرار يعترف بالدولة الفلسطينية بأغلبية ساحقة ، ومن المتوقع أن تعترف مزيد من الدول بالدولة المنشودة ، ومن الصعب التقدير هل وكم من الدول الأخرى سيسيرون في أعقاب السويد والبرلمان البريطاني، وبهذا يشتد الضغط على إسرائيل للعودة إلى المفاوضات التي جوهرها تحقيق الفكرة ،وهو ما لا تريده وتماطل في تحقيقه ، لأن وجود دولة لشعب فلسطين أصحاب الأرض الأصليين إلى جانبها يعني بالضرورة التاريخية نهايتها .
لقد جرت تصريحات رئيس الوزراء السويدي، وكذا قرار البرلمان البريطاني موجة من ردود الفعل المرحّبة من الجانب الفلسطيني، كما ينبغي القول ، في حين أن الناطقين بلسان الإدارة الأمريكية أشاروا إلى أنها “خطوة سابقة لأوانها”، ولكنهم لم يستبعدوها بشكل صريح ، بينما أعربت إسرائيل رسميا عن استيائها، من الخطوة السويدية والبريطانية على حد سواء.
من هنا يطرح السؤال التالي: أليس هناك مجال لتفكير متجدد في اسرائيل، بالنسبة لمسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود العام 1967 ،أي بحل الدولتين؟، وهل مثلما يخشى الكثيرون في إسرائيل، سيعطي الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية، الشرعية لعمل دولي ملموس لإقامتها، حتى دون موافقة إسرائيلية، أو بشروط غير مريحة لإسرائيل؟.
الحقيقة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يؤدي بشكل تلقائي إلى قيامها على الأرض ، كما لا يعني انتهاء الاحتلال ، وهذا تأكد بعد الإعلان الفلسطيني عن إقامة دولة فلسطينية عقب اجتماع المجلس الوطني بالجزائر العام 1988 “وثيقة إعلان الاستقلال”، رغم اعتراف العديد من الدول بها، وفي العام 2012 اعترفت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة فلسطينية وحظيت هذه الخطوة باعتراف دولي واسع أيضا، والأمر ذاته قد يتكرر في المستقبل، لكن لم يطرأ أي تغيير جذري يذكر على الأرض، وكل ما قد يترتب على ذلك هو زيادة الضغط الدولي على إسرائيل، للدخول في مفاوضات جادة وذات مغزى مع الفلسطينيين، من أجل تجسيد حل الدولتين.
لا يغيب عن البال التصريحات المثيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، حيث فسّر معنى الدولة بأنْ يطلق الفلسطينيون على “حكمهم الذاتي” اسم دولة أو امبراطورية، طالما أن حدود هذه الدولة “الحكم الذاتي”، من ترتيبات أمنية وحدود، يستوجب قبول إسرائيل، قوة الأمر الواقع الاحتلالي ورضاها .
باعتقادي أن إسرائيل لن تقبل إلاّ مرغمة، بخيار الذهاب إلى مفاوضات مجدولة بتواريخ وببرامج محددة وواضحة تنتهي بقبول دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهذا فوق طاقة بنيامين نتنياهو وحكومته وائتلافه اليميني العنصري، وهي لن تقبل به إلاّ مكرهة، وتحت أشد الضغوط، ولكن ليس في الأفق القريب، ما يشير إلى أن التنظيم الأممي “الأمم المتحدة” جاهز لممارسة أية ضغوط جادّة على إسرائيل لتقبل بخيار التسوية النهائية والصفقة الشاملة، المُنهية لاحتلال فلسطين ،رغم ملاحظتنا أن الاتحاد الأوروبي يعكف على بلورة عقوبات ضد إسرائيل على خلفية البناء الاستيطاني، خصوصا في شرق القدس المحتلة، مثل سحب سفراء أوروبيين من تل أبيب ومقاطعة مستوطنين.
إذن ما الحل ؟ أحسب أن الحل يبدأ من تعزيز الوحدة الوطنية المبنية على قدر كبير من المصارحة والشفافية والحوار الاستراتيجي العميق، وبالتالي بناء توافق وطني حول أهداف المرحلة وأشكال النضال وكل ما يتصل بتعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم وتطوير أشكال مقاومتهم للاحتلال والاستيطان والحصار. ومن ثم الشروع في بلورة استراتيجية فلسطينية جديدة، بتوظيف كل أوراق الضغط والقوة لإجبار إسرائيل على إعادة النظر في مواقفها المتعنتة من مسألة التسوية المتكافأة مع الفلسطينيين ، تكون بدايتها وقف عدوانيتها التوسعية الاستيطانية، وبالتوقف عن استفزاز المسلمين باقتحامات المستوطنين المتكررة للمسجد الأقصى والمدعومة رسميا من سلطات الاحتلال، وباحترام الشعب الفلسطيني وحقوقه في أرض وطنه، وإقناع الإدارة الأمريكية بأن طريق الأمن والاستقرار في الإقليم والمنطقة عموما، يمر حتماً بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً ومشرفاً وشاملا ...وإلى الخميس المقبل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178229

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع جواد محمود مصطفى   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178229 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40