السبت 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

ثُلّة من الجبارين و1.5 مليار قزم

السبت 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par حسين لقرع

بعد أن لاحظ المستوطنون والنواب الصهاينة غياب أي رد فعل حقيقي لدى العرب والمسلمين على تدنيسهم لقبلتهم الأولى يومياً، تجرؤوا على المحراب الشريف لأول مرة، وأكد وزيرُهم للإسكان بكل ثقة أن الأقصى سيُهدّم قريباً ليُبنى “الهيكلُ” مكانه.

هنا، رأى المرابطون عن الأقصى الذين يردّون الأعداء عنه كل يوم ويتعرضون للمضايقات والمحن بسببه، أن كل ذلك لا يكفي، ولابدّ من تطوير أسلوب المواجهة مع العدوّ حتى يرتدع ويعرف أن للأقصى رجالاً لا يترددون في دفع حياتهم ثمناً له، فعادوا إلى عمليات دهس المستوطنين والجنود والشرطة بالسيارات، وأدخلوا الرعب في قلوب العدوّ.

هي عملياتٌ استشهادية من نوع آخر، لا تحتاج إلى متفجّرات وتخطيط جماعي طويل، بل تحتاج فقط إلى توفر سيارة أو جرّافة... يقودها استشهاديٌ بسرعة ويدهس من يجده في طريقه من المستعمِرين، قبل أن يستشهد دفاعاً عن الأقصى.

بعد توالي عمليات الدهس، أُسقط في يد الاحتلال، وأدرك أن معركة مثل هذه لا قِبل له بها؛ قد تتمكن الشرطة من إفشال عمليات استشهادية كثيرة قبل وقوعها، وذلك ما حدث مراراً، ولكن كيف تتمكن من إفشال عملية يقوم بها سائقٌ يقود سيارته بهدوء في الشارع قبل أن يقرر فجأة زيادة السرعة ودهس كل من يجدهم في طريقه من صهاينة؟

وحتى انتفاضة الحجارة في القدس ليست هيّنة، فقد أبلغت قيادة الشرطة حكومة نتنياهو بأنها قادرة فقط على مواجهة “أعمال شغبٍ” محدودة في الزمان والمكان، ولكنها غير قادرة على مواجهة انتفاضةٍ تستمر طويلاً.

هنا بدأت الأمور تصدر إلى السياسيين بضرورة الكفّ عن إطلاق التصريحات الاستفزازية والتقليل من “زيارة الهيكل” أي الأقصى، واستفزاز المصلين، ولا يتردد المتطرف ليبرمان في وصف النواب الذين فعلوا ذلك بالأغبياء...

لقد أدرك الصهاينة أخيراً أن الأقصى خطّ أحمر للفلسطينيين، وهم مستعدّون للموت دونه إذا تمّ تجاوزه، والاقتراب منه يعني إشعال شرارة انتفاضة ثالثة تمتدّ إلى الضفة أيضاً ولا تقتصر فقط على القدس، تماماً مثلما أشعل انتهاكُ شارون للأقصى في عام 2000، شرارة الانتفاضة الثانية التي أقضّت مضاجع العدوّ طويلاً، ولعل ما يجري من مواجهات بين المقدسيين والشرطة منذ أشهر وبداية “معركة الدهس” بالسيارات، تعني انطلاق الانتفاضة الثالثة فعلاً ولو كانت محصورة في القدس؛ فغداً قد تمتدّ إلى الضفة كلها إذا أصرّت قطعانُ المستوطنين على مواصلة تدنيس الأقصى، ولن ينفع الصهاينةَ في ذلك تأكيدُ عباس مراراً بأنه لن يسمح بقيام انتفاضة ثالثة ما دام على قيد الحياة، فإذا اندلعت وقرر الوقوفَ في وجهها وأخرج “شرطة دايتون” لقمعها، فستجرفه وتجرف السلطة معه.

لقد انتظر المقدسيون عقوداً طويلة أن يهبّ العرب والمسلمون للدفاع عن قبلتهم الأولى وحرمهم الثالث، ولكنهم لم يفعلوا؛ الشعوبُ مخدَّرة نائمة أو مشغولة بالفتن والحروب الطائفية، والحكام مشغولون بأجنداتهم الخاصة، وبعضهم أصبح كل همّه هو كيفية قطع الأكسجين عن غزة وتجاهل التدنيس اليومي للأقصى وكأنه ملكٌ لحماس، ولذلك قرّر سكانُ القدس أخذ زمام المبادرة بأنفسهم وهم يرون الأقصى مهدداً بالتهديم، أو على الأقل تقسيمه، زمانياً ومكانياً، بين اليهود والمسلمين، على غرار الحرم الإبراهيمي، فقرروا التحرك لصدّ هذا الخطر الداهم.

تحية إجلال وإكبار للأبطال المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ولشعب الجبّارين الذي باتت كل الشعوب الإسلامية تظهر أمامه قزمة وهو يتصدى للدفاع عن أقصاها نيابة عنها، وكأن قبلة المسلمين الأولى ملكٌ لبضعة ملايين فلسطينيي فقط وليست ملكاً لـ1 .5 مليار مسلم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 86 / 2165367

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165367 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010