الثلاثاء 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

من أبعاد استراتيجية أوباما البعيدة

الثلاثاء 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par د.فايز الصائغ

تحت ذريعة تدريب وتأهيل ما يسمّونه «المعارضة المعتدلة»، ولا اعتدال مع من يرفع السلاح في وجه الدولة والشرعية، يجرى تمويل وتدريب وتظهير مجموعات مسلحة جديدة استُولدت تحت اسم «المعارضة المعتدلة»، فيما سجّل رموزها وقياداتها ومموّلوها ومدرّبوها حافل بالجرائم، إن لم نقل بالمجازر التي ارتكبت بحق الشعب السوري وبحق المعارضة الوطنية المقيمة في الداخل والتي رفضت أن تكون مطيّة للدول الطامحة بدور ما في المنطقة، وللدول الطامعة في النيل من صمود سورية وثبات شعبها وإصرارها على عدم الخلط بين العدو والصديق وبين الحرية في الوطن وحرية استهداف الوطن، وهذا ما أثبتته الأحداث والاستحقاقات، وبخاصة استحقاق انتخاب الرئيس بشار الأسد والإجماع الوطني على التمسك بقيادته للسفينة في خضمّ الأمواج والاستهدافات، وفي ذروة المؤامرة التي حيكت ضدّ سورية وموقفها المقاوم منذ سنوات ما قبل الربيع المسموم.

الخطة الأميركية لاستهداف سورية من جديد بعد أن فشلت المحاولات السابقة والتي استغرقت قرابة أربع سنوات بما فيها من مشاهد وحياكات ومؤتمرات وأموال وتسليح وغير ذلك، تحتاج في المفهوم الأميركي إلى سنوات جديدة ولهذا قال الرئيس الأميركي في أول خطاباته بعد قرار مواجهة صنيع أميركا تنظيم «داعش» وتوابعه، بأنّ إدارته في صدد وضع «استراتيجية بعيدة المدى» لمواجهة «داعش»، بحيث تكون «المعارضة المعتدلة» صاحبة السجل الواسع في الإرهاب قادرة ليس على التصدي لـ«داعش» أو تحرير أراض استولى عليها، وإنما قادرة على التمسك أو الحفاظ على الأرض الوجودة عليها من الخريطة الإرهابية في سورية، بحيث تكون سنوات التدريب والتأهيل والعسكرة ودعم المجموعات المسلحة «المعتدلة» كافية لتحقيق أهداف عدة، منها إطالة الأزمة وتمديد عمر المؤامرة وتجهيز أدوات جديدة للعبث بالأمن والاستقرار السوري المنتظر بما يمكن هذه المجموعات من إلهاء الجيش السوري وإشغاله في الداخل، وصرف اهتمامه عن قضية الصراع العربي ـ الصهيوني بما يسهّل تنفيذ «إسرائيل» لمخططها القديم الجديد بتهويد القدس والانتهاء كلياً من رمزية المسجد الأقصى واجتياح ما تبقى من الأرض والمقدسات وهذا ما يجري الآن.

المخطط الجديد الذي تسير إليه «الاستراتيجية البعيدة المدى» يهدف إلى إبقاء مسألة المهجرين كعنصر ضاغط على الحكومة السورية من جهة وتجنيد كلّ ما يمكن تجنيده منهم في صفوف «المعارضة المعتدلة… المسلحة» وتوفير مستلزمات التدريب والتأهيل والتمويل المعروفة مصادرها السعودية والقطرية معاً، وإنشاء قوات عسكرية مموّلة ومدرّبة قابلة للزيادة عدداً وعدة تشكل في ما بعد رديفاً احتياطياً أو فصيلاً مكملاً لتنظيم «داعش» الذي لم يعد بمقدور الولايات المتحدة الأميركية التعامل المباشر والعلني معه، لا سيما أنّ الرأي العام الأميركي والأوروبي صار يعرف كثيراً من الحقائق والمعلومات التي تسهم في إحراج الأدوات الاستعمارية للاستمرار في دعمها المباشر.

لذلك كان الخطأ في إنزال الطائرات الأميركية للمساعدات العسكرية التي كانت مقرّرة لدعم الأكراد في عين العرب فوصلت عن طريق «الخطأ» إلى تنظيم «داعش» علناً.

عوامل سقوط الخطة الأميركية تكمن في أنّ حسابات بيدر الولايات المتحدة الأميركية لا يأخذ في الاعتبار الحقل السوري، فالجيش السوري الذي يواصل تحقيق الانتصارات اليومية على الأرض، أسقط المؤامرة من قبل وسيسقطها من بعد، وهو بصدد تحرير التراب الوطني السوري من الإرهاب، وهو يخطو خطواته بثقة وثبات، وسيعيد السوريون شعباً وجيشاً الإرهاب الوافد إلى بلدهم إلى بلدان المنشأ لكي يمارس خبرته الإرهابية هناك.

ربما تكون الولايات المتحدة أبعد من دول أوروبا واحتمالات انتقال الإرهاب إلى داخلها أقل فرصة من أوروبا، لكن الجميع في النهاية سيدفع الثمن، ومن يتابع تصريحات رجال الأمن عندهم يدرك أنّ الخطر الإرهابي بدأ يلامس حدودهم ومخاوفهم وارتجاف قلوبهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2176655

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2176655 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40