حين تنسب انتفاضة واحدة للأقصى فذلك على سبيل المجاز والترميز، فالأقصى منذ البدء كان في الصميم من انتفاضة فلسطينية لم تنقطع لعدة عقود، لكن ما يتغير هو إيقاعها والإضاءة الإعلامية عليها . والانتهاك الاحتلالي للأقصى هذه المرة قد يكسر الجرة كما يقول المثل العربي، فمنذ عام 1967 لم يحدث أن أغلقت بوابات الأقصى وحين جرب الجنرال شارون تدنيس باحة المسجد اندلعت تلك الانتفاضة التي واجه بها الأطفال الفلسطينيون الرصاص وتكسير العظام على مرأى من الملأ .
وإذا صح أن الإنسان بشكل عام يفعل ما يشاء إذا فقد الحياء، فإن الاحتلال بكل حاخاماته وجنرالاته وقطعان مستوطنيه لم يعد يخجل من أي شيء سواء كان سماوياً أو من هذه الأرض، فقد قال وزير الاستيطان مؤخراً إن دولته سوف تعلن الحرب على الأردن إذا واصل الدفاع عن القدس بمختلف الأساليب وفي مقدمتها الاحتكام إلى القوانين والشرائع .
إن مصدر هذه الجرأة أو بمعنى أدق الوقاحة التي يتحدث بها المحتلون ليس فقط القوة الذاتية، بل الاستخفاف بالطرف الآخر وهو عربي وإسلامي بالدرجة الأولى .
فلو كانت هناك روادع ولو في الحد الأدنى لما بلغ الانتهاك ذروته للعباد والمعابد، أما الكلام عن انتفاضة وشيكة في الضفة الغربية فليس من قبيل الخيال السياسي أو استجابة للرغائب، لأن الشرط الموضوعي لهذه الانتفاضة يقترب الآن من النضج والاكتمال .
وحين يهدد وزير الاستيطان الصهيوني الأردن مذكراً إياه بحرب الأيام الستة فإن ذلك يتجاوز كل الخطوط والحدود، لهذا كان رد الفعل الأولي لدى البرلمان الأردني هو إنهاء معاهدة وادي عربة، وفي أسوأ الأحوال تجميدها .
تهديد الدولة الصهيونية لأي قطر عربي وعلى هذا النحو الفج يجزم بأن كل المعاهدات التي أنجزت بين عواصم عربية وتل أبيب هشة، لأن الاستراتيجية الصهيونية التي سعت إليها استهدفت تمزيق الكتلة القومية والاستفراد بكل بلد على حدة .
إنها مناسبة أخرى للتذكير بما آل إليه الأمن القومي العربي، فالخطر الصهيوني لا يستثني عربياً واحداً، وما يأتي بخلاف ذلك هو مرحلي ومجرد تكتيك .
الأقصى وهو الأقسى أيضاً في مسلسل الاستباحة والانتهاك للمقدسات لم يغب يوماً عن الحراك المقاوم في فلسطين، لأن تقويضه تم بالتقسيط وعلى مراحل، وأصبح الآن عرضة للسقوط لأي سبب طبيعي .
إن تل أبيب ترى الآن في هذه الظروف الإقليمية والدولية فرصة ذهبية لتنفيذ كل ما كان مؤجلاً في الأدراج، وإذا استمرت ردود الأفعال في النطاق القومي على هذا النحو فإن السيف سوف يسبق العذل كما يقال، ولن ينفع عندئذ البكاء على الحليب المقدس المسكوب .
الاثنين 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014
الأقصى من قبل ومن بعد
الاثنين 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014
par
خيري منصور
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
46 /
2180664
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2180664 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10