الثلاثاء 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

ناموا‮.. ‬المستقبل صديقنا

الثلاثاء 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par محمد سليم قلالة

بدل أن نعتبر انخفاض أسعار البترول في‮ ‬هذه المدة إشارة حاملة للمستقبل‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نبني‮ ‬عليها محاولة تكيفنا معه بمختلف سيناريواته المحتملة،‮ ‬تجدنا نسير باتجاه تطمين الناس بأن لا شيء سيتغير،‮ ‬وأن الأمور ستستمر على حالها ولا خوف علينا من الغد،‮ ‬وكـأننا نُنتج ما نستهلك ولدينا من القدرة على الاكتفاء الذاتي‮ ‬في‮ ‬جميع القطاعات لعقود من الزمن،‮ ‬أو أن المستقبل صديقنا ولن‮ ‬يغدر بنا أبدا‮...‬

‭ ‬مشكلتنا اليوم تكمن في‮ ‬هذا النمط من التفكير‮: ‬إما أننا نخاف من المستقبل خوفا‮ ‬غير مبرر‮ ‬يدفعنا باتجاه منع أنفسنا من الحركة ومن المبادرة ومن الحديث عنه،‮ ‬أو أننا نثق فيه ثقة عمياء وكأنه لن‮ ‬يفاجئنا أبدا‮.‬

‭ ‬والواقع أن التعامل مع المستقبل‮ ‬ينبغي‮ ‬ألا‮ ‬يكون لا بهذه الصفة ولا بتلك،‮ ‬بل بصيغة كيف نعيد صناعته باستمرار بما‮ ‬يتناسب وحاجات الأجيال القادمة انطلاقا من معطيات اليوم والغد؟ كيف نحقق المشهد المستقبلي‮ ‬الذي‮ ‬نريد لبلادنا في‮ ‬العشرين أو الخمسين سنة المقبلة انطلاقا من الإشارات الحاملة للمستقبل التي‮ ‬نراها اليوم وإن كانت مؤلمة أو سيئة أو‮ ‬غير مُطَمْئِنة؟ كيف نشرع انطلاقا من ذلك في‮ ‬بناء الغد الذي‮ ‬نريد؟ أي‮ ‬كيف نستغل أي‮ ‬إشارة حاملة للمستقبل مثل الانخفاض المفاجئ لأسعار النفط،‮ ‬أو التهديد الأمني‮ ‬الوشيك،‮ ‬لنُطلق تفكيرا جماعيا مهيكلا تُشارك فيه كل شرائح المجتمع من أبسط مواطن لديه حلم‮ ‬يريد أن‮ ‬يحققه إلى أعلى خبير‮ ‬يمتلك المعطيات والأدوات المنهجية،‮ ‬للدفع بالمجتمع للمشاركة في‮ ‬صناعة مستقبله بنفسه من خلال اختيار الأفضل من بين البدائل المطروحة أمامه وتبنيها والتفاعل معها إلى أن تتحول إلى واقع ملموس هو المستقبل الذي‮ ‬يريده لأبنائه‮. ‬

هذا هو المنهج الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نتعامل به مع بوادر أزمة تلوح في‮ ‬الأفق،‮ ‬من‮ ‬غير تهويل ولا تخويف ولا طمأنة زائدة على الحدود قاتلة لكل مبادرة قادرة على الفعل والتحدي‮.‬

هذا هو المنهج الذي‮ ‬يبعدنا عن الأسلوبين الخاطئين اللذين ما فتئنا نتعامل من خلالهما مع التحديات‮: ‬أسلوب النعامة التي‮ ‬تضع رأسها في‮ ‬التراب كلما أحست بالخطر الداهم،‮ ‬أو أسلوب رجل المطافئ الذي‮ ‬يبقى في‮ ‬انتظار أن‮ ‬يشب الحريق ليسارع في‮ ‬حالة استعجالية لإطفائه كما نفعل باستمرار عند تعاملنا مع الأزمات المختلفة‮...‬

كلا الأسلوبين‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يُستبدلا بنظرة استباقية تقوم على الاستعداد المستمر لأي‮ ‬تغيير قادم،‮ ‬على‮ ‬يقظة إستراتيجية دائمة تستشعر عن بعد المخاطر القادمة،‮ ‬لا على تطمين‮ ‬غير مبرر للناس بأن ناموا كل شيء بخير،‮ ‬المستقبل صديقنا‮..‬



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165238

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع سليم قلالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165238 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010