إنه الاجتماع الأروع والأبهى والأنقى والأصفى والأجمل والأحلى لحكومة السلطة الوطنية الفلسطينية منذ ما يقارب سبع سنوات عجاف كادت أن تأكل المخزون النضالي والوطني لولا تدارك الله برحمته الشعب الفلسطيني بصمود أهل غزة الأسطوري ومقاومته الباسلة التي هزت الوجدان الصهيوني كما شرخت الوعي الاستراتيجي لدى قادة المؤسسة الصهيونية.
إن انعقاد اجتماع حكومة التوافق في غزة هو إحد إنجازات الصمود والمقاومة وآثارها في نقل الوعي الفلسطيني إلى درجات أعلى. كما أنه نتاج لإحساس القادة الفلسطينيين بأن لا بديل عن الصف الوطني والتكاتف الوطني..
خطوة كبيرة لجعل الانقسام السياسي الفلسطيني وراء الظهر والسير من ثم إلى إنجازات كبيرة على مستوى الإعمار وفتح المعابر والتحرك نحو تعزيز المؤسسات الفلسطينية بانتخابات للمجلسين التشريعي والوطني والرئاسة واللجنة التنفيذية، الأمر الذي يعني استيعاب الكل الوطني في مؤسسة وطنية واحدة بمرجعية واحدة والقضاء على التشرذم هذا على الصعيد الداخلي.. والتحرك على الصعيد الخارجي لانتزاع القرارات الدولية لترسيم الدولة الفلسطينية والذهاب إلى المنظمات الدولية صاحبة الاختصاص لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة على ما اقترفوه في غزة.. ومن ثم إيقاف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني.
إن المتابع لدخول الوزراء إلى غزة اليوم يكتشف كم كان الأمر ضروريا بالنسة إلى الحكومة وبالنسبة إلى أهل غزة.. فما كانت الحكومة ستظل حكومة بدون زيارة غزة والمكوث فيها وإيلائها أهمية وأولوية واضحة في الموازنة والمشاريع كما قال الأستاذ المحترم الحمد الله: واجبنا إعادة القطاع إلى حياته الطبيعية.. كما أنه ما كان ينبغي ترك غزة بلا حكومة ولم يكن ينبغي أن تكون غزة بحكومة أخرى غير الحكومة الشرعية بأي حال من الأحوال.. فهاهي غزة الصامدة تمنح بركتها للحكومة وسيسجل التاريخ يوما أن الحمد الله رئيس الوزراء الفلسطيني لم يتأخر في القدوم وأنه يعمل جهده من أجل إعمار غزة وأنه خارج حسبة أولئك الذين يتعيشون على الاختلافات والتنازعات.
إن دخول الوزراء في اجتماع في غزة يبعث على ثقة الغزيين برفع الأنقاض وتعمير ما دمر وإعادة الكهرباء وفتح المعابر ورفع الحصار.. إنها صفارة الانطلاق في الإعمار كما أنها صفارة الحكم في انتهاء الانقسام البغيض.
الآن يتوحد الفلسطينيون في موقف واحد بحكومة واحدة وببرنامج وطني واحد عليهم مهمات داخلية وأخرى خارجية وهم بمقدار إنجازهم لمهماتهم الداخلية سيكونون مؤهلين لتحقيق إنجازات على مستوى الصراع مع العدو.
والآن سيصبح كل شيء مهيأ لتقدم الفلسطينيين لاستكمال خطوات برنامجهم الوطني بإقامة دولتهم على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس كأحد أهم المنجزات والتي تتساند مع تثبيت حق العودة، الأمر الذي يعني أن القادم من التحديات سيكون حاسما.
الوضع العربي الرسمي غير قادر أن يستوعب التطورات الحاصلة في فلسطين. تجلى ذلك في التعامل الرديء في مواجهة العدوان الجنوني على غزة وهو الآن يتجلى في انشغال الدول العربية بالموقف الدولي في مواجهة داعش وسواها.. إلا أن ذلك لا يستطيع منع الفلسطينيين من التقدم إن أحسنوا إدارة الصراع.. تولانا الله برحمته.