الثلاثاء 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

“داعش” و”إسرائيل”

الثلاثاء 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par د.حسين حافظ

من الحقائق التي أصبحت بائنة للجميع هي أنه ما من شأن إقليمي شرق أوسطي عربي إسلامي إلا ول“إسرائيل” دور فيه .
وغالباً ما يحاط هذا الدور بالسريّة كما وأنه يتسم بالسلبية على الدوام، وذلك كله يرتبط بوجود “إسرائيل” الطارئ في المنطقة . فهي لا تستطيع الانتماء إليها بسبب الرفض القاطع لوجودها ومستقبل بقائها، فهي إلى زوال لا ريب فيه وهي تدرك ذلك جيداً . ولذلك فإنها تتشبث برؤى وتصورات لابد وأن تكون مخالفة بشكل كلي لرؤى وتوجهات المنطقة .
ارتباط أمن “إسرائيل” هو الآخر مكفول من قبل القوى الأوروأطلسية، وهو أمن مرتبط بشكل كبير بمستقبل بقاء التحالف الأوروأطلسي من عدمه، وهو تأكيد آخر على الحالة الطارئة وغير الطبيعية التي يتسم بها أمن الدول في معظم أنحاء العالم سوى أمن “إسرائيل” .
وفي خضم هذه الحقائق فهي تحاول إضعاف المنطقة العربية والإسلامية إلى أقصى قدر ممكن . هذا الإضعاف له جملة من المتطلبات والوسائل التي دأبت عليها، من أهمها في الوقت الحاضر محاولة إدخال المنطقة في صراع دائم له بداية وليست له نهاية ، إذ يوفر هذا الصراع أمناً يكاد أن يكون مستداماً في ظل ذلك الصراع .
أخطر الأدوار التي مارستها “إسرائيل” في هذا الاتجاه هو ما حصل بعد احتلال العراق في العام 2003 حيث أصبح النموذج العراقي البوابة التي ولّج منها مشروع الصراع في المنطقة العربية عموماً .
إذ سرعان ما تحول العراق وبفضل العديد من الأسباب إلى ساحة اقتتال طائفي تدافعت فيها المنظمات الإرهابية التي دخلت تحت ذريعة مقاومة الاحتلال من كل حدب وصوب، حتى إن الرئيس بوش الابن قد أشار صراحة إلى أن العراق قد تحول إلى ساحة مواجهة مع المنظمات الإرهابية، ولم تكن إسرائيل سوى طرف أساسي في توظيف تلك الحالة الصراعية العراقية في دول عربية أخرى، من هنا يمكن الربط بين “داعش” كمنظمة إرهابية و“إسرائيل” دائمة البحث عن وسائل لتفكيك وإضعاف المنطقة العربية، النموذج “الداعشي” هو من أسوأ النماذج توظيفاً سيئاً للإسلام، ولعل في خطاب نتنياهو الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة إشارة واضحة إلى هذه الإساءة البالغة الخطورة في القول “إن حماس والدولة الإسلامية هما غصنان على ذات الشجرة السامة” والشجرة السامة هي في فكر نتنياهو تعبير عن الإسلام وليس غير ذلك، وفي ذلك الخطاب إساءة كبيرة وظفها نتنياهو الموغل في الإجرام للإساءة إلى الإسلام والمسلمين، منظمات ودولاً، وإذا كانت ثمة مخاطر أراد أن يشير إليها نتنياهو فهي في الوقوف والمقارنة بين ما يمثله خطر “داعش” وخطر الإسلام السياسي على العموم، وتلك دالة من دلالات التوظيف الصهيوني الهابط للعلاقة البينية بين الإسلام الذي يمثل رسالة السلام في العالم والمساهمة “الإسرائيلية” في تنظيم “داعش” الذي أراد منه نتنياهو الإساءة إلى الإسلام بوصفه “الشجرة السامة” .
ورغم أن العالم مجمع على تنامي خطر “داعش” على الأمن والسلم الدوليين فإنه يحاول أن يقلل من ذلك الخطر ويحاول أن يوسع الدائرة لتشمل دولاً إسلامية في المنطقة ومنظمات جهادية مرغت أنف “إسرائيل” مرات متعددة .
إن الترابط العضوي بين “داعش” و“إسرائيل” لا يحتاج إلى برهان وإن استثناءها من الجهد الدولي في محاربة ذلك التنظيم له مجموعة من الدلالات:-
الدالة الأولى: هي الاحترام الدولي لمنطق رفض “إسرائيل” المشاركة الدولية، وهذا يؤكد الرفض القاطع لها على المستوى الإقليمي، وإن أي مشاركة “إسرائيلية” في هذا الجهد فإنها ستؤدي إلى انفراط عقد التحالف الدولي .
الدالة الثانية: هي أن حماسة نتنياهو ومحاولته جر التحالف الدولي إلى الدائرة الإسلامية الأوسع محاولة بائسة وشعور بالخيبة من أن لا مستقبل للمشروع الصهيوني في تفتيت المنطقة العربية سواء مع “داعش” أو مع سواها، وان انفعال نتنياهو يعبر عن الشعور بالخيبة والخسارة الكبيرة لا سيما بعد اندحاره في حربه الأخيرة ضد قطاع غزة، وبالتالي فإن مستقبل المشاريع التفتيتية ومشاريع الإساءة إلى الإسلام سوف لن تجد لها صدى على المستوى الدولي، سيما في ظل الخطاب الدولي الذي ميز بين الإسلام كدين للسلام والمنظمات الدخيلة عليه، ذلك الخطاب الواعي الذي يدرك تماماً أن “داعش” هي الأكمة التي تختفي وراءها معظم المشاريع الصهيونية التخريبية التي يراد منها إثارة العنف والاضطراب في أخطر المناطق حيوية وحساسية للمصالح الدولية، وباندحار “داعش” المؤكد سوف لن تجد “إسرائيل” لمشروعها التخريبي مستقبلاً يذكر .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2177902

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2177902 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40