السبت 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

خسر أصدقاءه دون مقابل

السبت 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par عوني صادق

قبل أن يصل رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو إلى نيويورك ليلقي خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والستين، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد ألقى خطابه فيها ونقلته وسائل الإعلام . وفي الأثناء، قامت الصحافة “الإسرائيلية” ب “واجب” الهجوم على الخطاب وصاحبه، ونقلت ردود الفعل “الإسرائيلية” عليه . وقد أجمعوا جميعاً على أن عباس “كسر كل الأواني”، و“شطب المسيرة السلمية”، وأثبت مجدداً أنه “ليس شريكاً في عملية السلام”، وفوق ذلك أنه “إرهابي سياسي” يمثل “امتداداً لحركة حماس على طريقته”!
ناحوم برنياع، مثلا، في (يديعوت أحرونوت- 28/9/2014)، اكتشف أن وزير الخارجية “ليبرمان على حق، فأبو مازن ليس شريكا”، وأنه أراد من خطابه “فرض تسوية”، و“إضعاف”إسرائيل“”، و“أن يبرهن للشارع الفلسطيني أنه يناضل ضد”إسرائيل“على طريقته”! والنتيجة، في رأيه، أن “ما يسمى مسيرة السلام، أو مسيرة أوسلو، أو التفاوض السياسي، أسقط من برنامج العمل”!
عميرة هاس، في (هآرتس- 27/9/2014)، رأت أن “فجوة كبيرة” بين مواقف عباس القديمة وموقفه في خطابه الأخير الذي جاء بعد أن “يئس من المفاوضات مع”إسرائيل“”، وبهدف تحسين صورته لدى الفلسطينيين بعد تهاوي شعبيته . وقارنت بين قوله: “لن ننسى ولن نغفر، ولن نسمح لمجرمي الحرب بالهرب من العقاب”، وبين من أحبط تمرير “تقرير غولدستون في مجلس الأمن” العام ،2010 في أعقاب الحرب “الإسرائيلية” الأولى على غزة .
شمعون شيفر في (هآرتس-28/9/2014)، تساءل في بداية مقال له، وبدا “أقل هجومية”، وكأنه يرد على زميله في الصحيفة برنياع، قائلا: “على افتراض أن أبو مازن ليس شريكاً في السلام، علينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً بسيطاً: إذن، من الشريك؟ هل هو خالد مشعل أم إسماعيل هنية؟!” . وبعد أن اعتبر “الخطابات التي تلقى كل سنة من على منصة الأمم المتحدة هي في الأساس رمزية، وفي معظم الحالات عديمة الأهمية”، إلا أنه يوضح لماذا بدا أقل هجومية على أبو مازن بقوله: “رغم الأقوال القاسية التي أطلقها أبو مازن، محظور أن ننسى أنه يوجد له ولقادة أجهزة الأمن الفلسطينية، تنسيق مع أجهزة الأمن”الإسرائيلية“في هدف مشترك: منع عمليات الإرهاب”!!
على المستوى السياسي “الإسرائيلي”، حصد أبو مازن مزيداً من السخط والغضب عليه . فنتنياهو، وقبل أن يتحرك إلى نيويورك ويلقي خطابه، كان قد قال عبر مكتبه عن الخطاب: “هذا خطاب تحريضي محض ومليء بالكذب والافتراءات . ومن يريد السلام ويعتبر نفسه شريكاً فيه، لا يتحدث بهذه الطريقة، ولا بهذه اللغة”! أما ليبرمان فعلق على الخطاب بقوله: “كلامه يؤكد أنه لا يريد السلام، ولايمكن أن يكون جزءاً من أي حل سياسي منطقي”! وأضاف: “أبو مازن امتداد لحركة حماس باستعماله الإرهاب السياسي . . ومادام عباس يشغل منصب رئيس السلطة الفلسطينية سيبقى الخلاف قائما، وهو يكمل طريق عرفات . .”! وكان ليبرمان قد قال للإذاعة “الإسرائيلية”: “رئيس السلطة ليس شريكا، وهو لا يريد السلام، وعليه أن ينهي مهامه” كرئيس! (عرب 48- 28/9/2014) .
وعلى مستوى الأحزاب “الإسرائيلية”، قال زعيم حزب “العمل” إسحق هيرتزوغ، عن الخطاب: “خطابه مخيب للآمال، وأكاذيب لا غير . لكننا لسنا متفاجئين فهو ليس صديقاً . .”!
ذلك عن أصدقاء أبو مازن “الإسرائيليين” . أما أصدقاؤه الأمريكيون، فلم يكن أكثر حظاً معهم! لقد اعتبرت الخارجية الأمريكية خطابه “مهيناً”، لأنه قال إن كل المجهودات الأمريكية وكل سنوات المفاوضات لم توصل إلا إلى مزيد من التوسع الاستيطاني والحروب التي شنتها “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني . إضافة إلى ذلك، جاء مشروع القرار الذي تحدث عنه أبو مازن والذي يعيد القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، سحباً للقضية وتخلياً عن المفاوضات و“الرعاية الأمريكية”، في وقت ما زالت الإدارة الأمريكية تدعو للعودة إلى مفاوضاتها المباشرة . لكن الخسارة الكبرى التي أصابت أبو مازن من أصدقائه الأمريكيين جاءت على لسان الرئيس باراك أوباما، الذي “أقر واعترف” بصحة الإدعاء “الإسرائيلي” الذي كان يقول بأن “النزاع الفلسطيني -”الإسرائيلي“ليس سبباً لمشاكل الشرق الأوسط”!
لقد أبرز الكاتب في صحيفة (معاريف - 29/9/2014)، عاموس جلبواع، الموقف الجديد للرئيس الأمريكي، حيث نقل من خطاب أوباما في الأمم المتحدة قوله: “الوضع في العراق وسوريا وليبيا، يجب أن ينهي الوهم في أن هذا النزاع (بين”إسرائيل“والفلسطينيين) هو المصدر الأساس للمشاكل في المنطقة . ومنذ زمن بعيد استخدموا ذلك، ضمن أمور أخرى، لصرف انتباه الناس عن مشاكلهم في الداخل”! ويعلق جلبواع على ذلك بفرح غامر، ويقول: “ها هو كل ما قالته”إسرائيل“الرسمية منذ عشرات السنين، جاء ليقوله الرئيس الأمريكي، ليس بالتلميح وبشكل غير مباشر، بل بالشكل الأكثر مباشرة: ليس النزاع”الإسرائيلي“- الفلسطيني هو الأساس، ولا تكمن فيه مشاكل المنطقة”! هكذا يفترض أن تنتهي رهاناته على “الصديق الأمريكي”، الآن على الأقل، كما يفترض أن تنتهي رهاناته على “شركاء السلام”الإسرائيليين“”!
وهكذا خسر الرئيس محمود عباس “أصدقاءه” من دون مقابل . . المشكلة أنهم لم يكونوا يوماً أصدقاءه، لكنه هو الذي كان، ولا يزال، صديقهم ومتمسك بصداقتهم! وجاءوا اليوم ليقولوا له: إنه “ليس شريكاً”، وليس “صديقاً”، والقضية الفلسطينية مكانها في آخر القائمة من الاهتمام الأمريكي والدولي . . وهو حتى الآن لم يربح شعبه . فماذا عليه أن يفعل؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2178705

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2178705 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40