السبت 20 أيلول (سبتمبر) 2014

المؤسسة القضائية أعلى‮ ‬

السبت 20 أيلول (سبتمبر) 2014 par محمد سليم قلالة

لا‮ ‬يمكن لأية مؤسسة أن تضمن تحولا ديمقراطيا سلسا وفعالا سوى المؤسسة القضائية،‮ ‬كل حديث عن ضمان أو مرافقة أو دور إيجابي‮ ‬لمؤسسات أخرى‮ ‬يعد من قبيل المزايدة،‮ ‬ذلك أنه مهما كانت هذه المؤسسة أو تلك قوية ومهما كان دورها فعّالا إذا ما وَضعت نفسها فوق أو قبل المؤسسة القضائية كسرت الأساس الأول الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تُبنى عليه الشرعية‮.‬

‭ ‬لذا فإنه إذا كان من مطلب للطبقة السياسة التي‮ ‬تسعى لإعادة بناء الشرعية في‮ ‬نطاق مسار الانتقال الديمقراطي‮ ‬المرتقب فإنه في‮ ‬تقديري‮ ‬ينبغي‮ ‬ألا‮ ‬يبحث عن طريق آخر أو ضمانات أخرى،‮ ‬لأن أية مؤسسة أو أية جهة أو أية ضمانة أخرى مقترحة إذا لم تتم في‮ ‬ظل قضاء مستقل ونزيه وقوي‮ ‬ستنحرف عن الغاية منها ولن تحقق الهدف المنشود‮.‬

واستغرب كيف لا نجعل من شعار القانون فوق الجميع أساس أي‮ ‬إصلاح مرتقب بالرغم من تأثيره الواضح والأكيد على كافة الإصلاحات الأخرى‮. ‬هل‮ ‬يمكن منع التزوير مثلا من خلال تجنيد كل الأجهزة الأمنية إذا لم تكن هذه الأجهزة تعمل في‮ ‬ظل مبدأ القانون فوق الجميع؟ هل‮ ‬يمكن لسلطة المال أن لا تطغى إذا لم‮ ‬يكن القانون‮ ‬يعلوها؟ بل هل‮ ‬يمكن للمجتمع الدولي‮ ‬بكافة مكوناته أن‮ ‬يضمن انتقالا ديمقراطية في‮ ‬أي‮ ‬بلد إذا لم‮ ‬يكن‮ ‬يخضع بالدرجة الأولى للقوانين الداخلية للبلد المعني‮ ‬وللقوانين الدولية التي‮ ‬تحكمه؟

أظن بأن المدرسة القانونية اليوم‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تسود على حساب المدرسة الواقعية أو المادية التي‮ ‬تجعل من القوة وموازين القوة الأساس الذي‮ ‬يحكم العلاقات بين الدول وداخل كل دولة‮.‬

والدعوة لسيادة هذه المدرسة في‮ ‬بلادنا‮ ‬ينبغي‮ ‬ألا‮ ‬ينظر لها بعين المثالية بعيدا عن واقعية موازين القوة وتأثير العوامل المادية،‮ ‬بل‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يُنظر له على أساس أننا ننتمي‮ ‬إلى حضارة تجعل من العدل أساس الملك،‮ ‬وتراثنا التاريخي‮ ‬ومخزون تقاليدنا عبر العصور تؤكد أن النصر في‮ ‬أي‮ ‬من المعارك إنما‮ ‬يكون للقيادة العادلة على حساب القيادة القوية مهما كانت أنواع القوة التي‮ ‬تملك‮... ‬وما هزائمنا المتكررة وما ضعفنا المزمن وما الأزمات العميقة التي‮ ‬نعيشها إلا نتيجة ابتعادنا عن الانطلاق من العدالة كمحرك للإصلاح والتغيير وإفشاء السلم والأمن في‮ ‬البلاد‮. ‬وكل دعوة لمن‮ ‬يرافق عملية الإصلاح أو الانتقال الديمقراطي‮ ‬أو إعادة بناء الشرعية خارج نطاق هذا المرفق الحيوي‮ ‬إنما هي‮ ‬من قبيل الدفع بهذا الطرف أو ذاك أن‮ ‬يكون فوق القانون‮...‬



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165510

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع سليم قلالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2165510 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010