الجمعة 19 أيلول (سبتمبر) 2014

. .وأين “إسرائيل” و”النصرة” من هذه الحرب؟

الجمعة 19 أيلول (سبتمبر) 2014 par محمد الصياد

على جري العادة قررت الولايات المتحدة ورئيسها الانتقام من تنظيم “داعش” على ما اقترفته عناصره من جريمة ذبح للصحفيين الأمريكيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف . وأعلن الرئيس أوباما أنه سينفذ استراتيجية طويلة الأمد لإلحاق الهزيمة ب“داعش”، وتحرك بسرعة لحشد التأييد والدعم الدوليين لهذه الاستراتيجية . وشمل ذلك توجيه الدعوات لعدد من دول المنطقة للمشاركة في حفل تدشين الحرب الأمريكية الثانية على الإرهاب، الذي أقيم على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في ويلز الجمعة 5 سبتمبر/أيلول الجاري، والذين أعلنوا بدورهم عن استعدادهم، للمشاركة في الحرب الأمريكية الجديدة .
ما من شك في أن تنظيم “داعش”، والذي بنى صيته وسمعته كأكثر التنظيمات الإرهابية في التاريخ الحديث وحشية ودموية - يشكل تهديداً ليس لمصالح الولايات المتحدة فقط، كما ذهبت تأكيدات كبار المسؤولين الأمريكيين في أعقاب تجرؤ “داعش” على تجاوز الخطوط الأمريكية الحمراء في شمال العراق، وهو ما استدعى تدخل الولايات المتحدة في الحرب العراقية “الداعشية”، لتتطور المواجهة بين الطرفين عقب قيام التنظيم الإرهابي بتصفية الصحفيين الأمريكيين - نقول إن هذا التنظيم الذي نجح بالإرهاب الوحشي في بسط سيطرته على مساحات شاسعة تقدر بحوالي مئتي ألف كيلومتر مربع من أراضي العراق وسوريا المتاخمة لعدد من البلدان العربية والشرق أوسطية، لا يهدد مصالح الولايات المتحدة فقط، وإنما يشكل تهديداً خطراً للأمن والسلم الدوليين، ويتجاوز خطر التهديد الذي يشكله للنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة في الجوار إلى تهديد العالم أجمع وحضارته المعاصرة .
وعلى ذلك، فإنه لما كانت الولايات المتحدة لا تستطيع أن تنهض وحدها بهذه المهمة، مع أنها هي التي نصّبت نفسها شرطياً عالمياً، فإنها تبادر في مثل هذه الحالات لتشكيل تحالف دولي بقيادتها للتصدي لهذه المهمة، وأول من “تمون” عليها بطبيعة الحال بلدان أوروبا التي ما زالت تحتفظ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بقواعد عسكرية لها في أراضيها . فكان اجتماع حلف شمال الأطلسي بدوله ال28 في ويلز الجمعة 5 سبتمبر/أيلول، فرصة لإعلان إنشاء ما أسماه الرئيس أوباما تحالفاً واسعاً نواته الصلبة عشر دول هي أمريكا نفسها وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا والدانمارك وبولندا وتركيا وأستراليا (أستراليا ليست عضواً في الحلف)، للعمل باستراتيجية قوامها التعاون الاستخباري وتضييق الخناق على “داعش” مالياً وأمنياً وإعلامياً، والحد من قدرات التنظيم وتدميره في النهاية، حسبما أعلن ذلك أوباما .
ومع التسليم بالأهمية المحورية للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في هذه الحرب الجديدة ضد “داعش”، إلا أن امتناع واشنطن عن إدراج الإيديولوجيا المؤسسة للنزعات الفاشية لهذا التنظيم، تُضعف بلا شك من صدقية أهداف واشنطن في مواجهتها الحربية ضد تجمعات مقاتلي هذا التنظيم . هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا تقل أهمية عن تعمد واشنطن استبعاد البيئات الإيديولوجية وغير الإيديولوجية المفرّخة للعقلية التدميرية لهذا التنظيم وقبله تنظيم القاعدة وبقية التنظيمات التكفيرية الأخرى، من الحرب العالمية الجديدة التي تقودها ضد الإرهاب- فإن تعمد واشنطن أيضاً لاستثناء “إسرائيل” من مسؤولية انخراطها بصورة لا لبس فيها، بل ومكشوفة، في دعم التنظيمات الإرهابية المتكاملة مع “داعش”، لا سيما “جبهة النصرة”، ضمن لعبة خلط الأوراق المطبقة في صراع المصالح المندلع في الإقليم بواجهات دينية متضادة، يطرح علامات استفهام وتعجب كبيرة . ولماذا غض الطرف عن الأعمال الإرهابية التي ترتكبها “النصرة” ومنها الاعتداء على قوات الطوارئ الدولية واختطافهم وتحويلهم إلى رهائن؟! ف“جبهة النصرة” هي الوجه الآخر ل“داعش”، وهي مشمولة بالقرار الأممي رقم 2170 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 15 أغسطس/آب الماضي تحت البند السابع بإجماع الدول الخمس عشرة الأعضاء فيه، والذي نص على “مكافحة تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود ووقف الدعم المالي وغيره للمجموعات الإسلامية المتطرفة في العراق وسوريا” . وخص بالذكر تنظيم “داعش” والفرع السوري لتنظيم القاعدة المسمى “جبهة النصرة” .
هل لأن “النصرة” تحولت إلى مخلب قط “إسرائيلي” على الحدود السورية “الإسرائيلية” تخطط “إسرائيل” لجعل المنطقة التي يسيطر عليها مقاتلو التنظيم في القنيطرة المحاذية للجولان السوري المحتل، جيباً عازلاً على غرار الجيب الذي أنشأته في جنوب لبنان وأوكلت إدارته إلى ما كان يسمى “جيش لبنان الجنوبي” بقيادة أنطوان لحد الذي خلف سعد حداد بعد وفاته بمرض السرطان في عام ،1984 وذلك من أجل منع قيام مقاومة مسلحة ضد القوات “الإسرائيلية” التي تحتل الجولان منذ حرب ،1967 كما حصل في جنوب لبنان؟ . . هذا غير مفهوم! . . “النصرة” هي “القاعدة”، و“داعش” نسختهما المستحدثة، و“النصرة” بهذا المعنى، وبحسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم ،2170 هي ومن يقف خلفها داعماً بالمال والسلاح والإعلام وخلافه، مطلوبين للعدالة الدولية، و“إسرائيل” متورطة جرمياً في دعم النصرة لوجستياً وغطاءً مدفعياً .
ومع ذلك فقد جاء خطاب أوباما كرئيس لهيئة أركان الحرب العالمية الجديدة ضد “داعش”، خالياً من أية إشارة لا إلى “النصرة” ولا إلى “إسرائيل”! . . فالخطاب، على ما صار واضحاً، استهدف الحصول على “مباركة” الأمريكيين لقرار طبقتهم السياسية الحاكمة الذي قضى ب “الترجل” لخوض حرب جديدة في الخارج، وإغراء ما استقر على تسميتها بالدول المانحة لتمويل هذه الحرب . وقد حصلت واشنطن بالفعل على موافقة عدد من الدول بالانضمام لائتلافها الحربي الجديد، بما يشمل الدعم المالي والمساعدة على وقف تدفق المقاتلين إلى جبهتي الحرب في العراق وسوريا، وسد منافذ مصادر التمويل وتدفقاته على تنظيم “داعش”، وتضييق الخناق عليه إعلامياً . بيد أن هناك دولاً أخرى رئيسية مثل تركيا، تمنعت عن الانضمام للحملة الأمريكية لأسباب تتعلق بظروف وملابسات تورط كل منها في خلق الوحش الذي يراد منها اليوم المشاركة في حملة البحث عنه حيثما وجد والقضاء عليه . فضلاً عن غموض الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بهذه الحرب الأمريكية الجديدة، وما إذا كانت فقط لإشفاء الغليل ثأراً للصحفيين الأمريكيين المذبوحين على أيدي وحوش “داعش” أم أن لها أهدافاً أخرى غير معلنة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165891

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع محمد الصيّاد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165891 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010