الخميس 4 أيلول (سبتمبر) 2014

كل الأزمة عند «فتح» .....

الخميس 4 أيلول (سبتمبر) 2014 par أيمن اللبدي

عندما يقول أبو مازن ،أنه يضع خطة جديدة، - لا يبدو أن ثمة من جرؤ بعد في مقلبه لتسميتها بهجوم سلامي بعد - أنه ذاهب إلى وضع الأمريكان أمام حقائق النهايات،ويسبقها بموقفين متناقضين: أولهما يعلن خلاله أنه بصدد تسليم مفاتيح السلطة لنتنياهو، والثاني أنه سيعلن عن مفاجئة استراتيجية لا سابق لها ولن ترضي الأمريكان، فهذا يقودونا حكماً إلى استنتاج وحيد لا ثاني له،أن مركب «فتح» التاريخي في صناعة الموقف الفلسطيني ببساطة غير موجود وهناك إضافات.

أبو مازن الذي غضب لكونه لم يستشر كما يقول في قرار الحرب الأخير ينطلق من فكرة واحدة أساساً مصدرها إسرائيلي محض، وهي تقوم على أساس الدعاية الصهيونية الدائمة بأنها تردّ على المقاومة ولا تبادر هي بفعل عدواني من أي نوع، بعيداً عن مسائل الاستفزاز الدائمة من اسرائيل نفسها للشعب الفلسطيني ، ليس فقط من حول غزة المحاصرة لمدة ثماني سنوات، بل وفي الضفة المسالمة إلى حد كبير منذ الفترة ذاتها، فإن تعداد خروقات اسرائيل للهدنة السابقة أطول من ذاكرة أبو مازن نفسه.

كل أفعال مصادرة الأرض والاستيطان المستفحل وماراثون تهويد الأقصى والقدس وجرائم المستوطنين الأخرى بحق الشجر والبشر والحجر، لا يراد لها أن تكون مدافعاً محقاً عن المقاومة والشعب الفلسطيني في ذهن أبو مازن ومن يتفق معه في هذا المنطلق، لا تكفي هذه جميعاً لا لترد تهمة أن المقاومة وشعبها يدافعون عن أنفسهم دفاعا مشروعاً إزاء حلقة هذا العدوان المستمرة، ولا لتشكّل أيضاً في خطوة متقدمة تبريراً لهذا الدفاع بأي طريقة يأتي، وكأن لسان حال أصحاب هذه المنظومة الاعتقادية التي مصدرها وحي اسرائيل ودعايتها، أن علينا أن نتلقى العدوان على انه قدر لا فكاك منه.

مهم أولا أن تتم عملية تعريف محددة لما يجري ويتفق عليها الجميع فهذه أصل كل مسلسل لعبة “التخفي” القائمة، ما تقوم به اسرائيل في الضفة أو حول غزة وحتى في الداخل السليب هو سياسة عدوانية عنصرية مجرمة واحلالية، وهي ترتكب يومياً جرائم حرب بحسب التعريف الدولي لها في تنفيذ سياسة المستوطنات والتطهير العرقي والاعتداء على المقدسات في الضفة المحتلة، ولم توقف هذه الجرائم أحدا سوى أوقات محدودة للتعبير عن الغضب والاستياء منها ثم تستمر مسيرة العبث التفاوضي وكأنها مقبولة الشدة طالما لم يرق فيها دم كثير.

في الواقع كان على أبو مازن أن يوقع اتفاقية روما الدولية ويذهب مباشرة لمحاكمة الاستيطان حتى قبل أن يرتكب العدو مجازر غزة التي سالت فيها الدماء الغزيرة جرآء شعور العدو بالاستعلائية التامة والامان التام من عدم وقوف أحدهم لينفّذ أبسط درجات السيادة والمسؤولية الوطنية في هذا الأمر من خلال المحاكم الدولية طالما يملك قرار الوصول إليها، بيد أن نتنياهو وكيانه متيقن أن هذه الخطوة لن تتم طالما السيد أبو مازن في مكتبه، تماما كما هو متيقن أن أي انتفاضة حقيقية في الضفة المحتلة جرى الضمان له علناً بأنها لن تتم وأيضا طالما السيد أبو مازن في مكتبه وهذه المرة بلسانه الخاص.

منطق الجماعة في رام الله قائم على أساس بسيط وأبسط مما قد يتخيّل البعض، إنه يقول طالما أننا ننال بضع صفعات يومية ولا زلنا في المهرجان فلا بأس بذلك، فقط سنحتج بصوت عالٍ إن استطعنا عندما ينالنا ما هو أكثر من ذلك ويهدّد مهرجاننا أو يهدّد وجودنا فيه، وعليه فإن بقية مفردات المشهد يمكن توضيبها على أساس من هذا المنطق بكل بساطة ويسر لتخرج اللوحة الوافية لما كان قد تشكّل منذ تسنية السيد أبو مازن رئيسا للسلطة الفلسطينية عقب اغتيال سلفه الراحل الشهيد ياسر عرفات.

طيب دون مزيد من الشروح نذهب إلى اعتراض السيد أبو مازن في مسألة قرار الحرب هذه انطلاقاً من أنها حدثت فعلا بقطع النظر عن أن اسرائيل هي المعتدي الدائم، فهل يعقل أن يكون من يريد اتخاذ قرار الحرب لا علاقة له بالتنفيذ أصلاً؟ من سينفّذ قرار حرب أبي مازن لو اتخذه !؟

إذا كانت مركزية أبي مازن نفسها وجدت وقتا فسيحاً لمطاردة أعمال قالت بأن حماس متهمة فيها في قطاع غزة خلال صد العدوان الصهيوني وجلّها لا يرتقي لأن يصدر في تعقيب صحفي مختصر هامشي ان اضطرت لذلك وليس بيانا مركزيا عقب عدوان استمر اثنان وخمسون يوما، وهي لم تجد وقتاً لتقول أنه كان هناك مقاتلون ينتمون لهذه الفتح الذي يفترض أن هذه مركزيتها، فعن أي قرار حرب يتحدث السيد الرئيس؟ يبدو أن السيد أبومازن يقصد أمراً من اثنين: إما أن حربه ستكون بجنود غيره من حماس والجهاد وبقية فصائل المقاومة بما أنه ومركزيته يتحاشون بل وينكرون فتحوية أذرع عسكرية لافتة المنجز في الميدان، أو أن السيد أبو مازن يريد تنفيذ قرار الحرب بعناصر أجهزته الأمنية القامعة ليلا نهاراً لكل مناضل ولكل فعالية نضالية في الضفة المحتلة!

لكن السيد الرئيس يتذكّر بلا شك أن سلفه الشهيد عرفات كان لديه أجهزة أمنية شكلانية بالصورة وبالجوهر كانت عبارة عن تشكيلات فدائية مقاتلة، لم تنتظر أمراً مكتوباً ولا بيروقراطية الادارة فهي بالكاد تلقت الأمر بالتصدي لاسرائيل وجيشها من عيني ياسر عرفات لتشعل انتفاضة العام 2000 دون أن تحمّلنا ضجيجاً أسطورياً حول ما ستقدمه أو ما قدّمته يوماً وبدون ناطق اعلامي ولا مجموعة من الموظفين المستخدمين في هذا الاطار، لقد كان ناطقها الاعلامي هو ضميرها الوطني الذي قدّم صورة واضحة عنها لا لبس فيها في كل مواقع الاشتباك التي جرت مع القوات الاسرائلية المقتحمة من كنيسة المهد إلى مخيم جنين إلى غيرها من المواقع.

لا أريد أن اذهب خلف خطة السيد أبو مازن الجديدة والتي تريد من الامريكان الجواب الفصيح على سؤال هل تقبلون بدولة لنا في حدود العام 67 أم لا وهل أنتم على استعداد لترسيم حدودها أم لا! باختصار لأن هذه طرفة غير جيدة على الاطلاق سواء أحددها السيد أبو مازن بأطر زماكانية أم لا، وسواء أقال هي تسعة أشهر أم ثلاث سنوات، ببساطة لأن المنطق البسيط ايضا في هذا الشأن يجيب دون مواربة على النحو التالي: كم ثلاث سنوات كانت معكم يا سيادة الرئيس لتقولوا هذا الكلام للأمريكان؟ وإن كنتم لم تقولوه من قبل، فلماذا ذاك وما هي موانع أن تقولوه سابقا والتي اختفت اليوم لتجعلكم متحمسين لقوله؟ وإن قلتموه فما كانت النتيجة ؟ ولم ستعيدون قوله مجدداً؟ ما الفوائد التي ستتعاظم لتقولنَّه اليوم؟

السيد الرئيس أبو مازن ولجنتكم المركزية الموقرة لستم شركاء فيما يفترض أنه القيمة الحقيقية المضافة التي تريدون البناء عليها الآن «بخطة سؤال الأمريكان»، فالقيمة التي استجدت منذ حديثكم الاخير عن تسليم نتنياهو مفاتيح السلطة هي انتصار وصمود ودم غزة التي كنتم خارج قرار حربها ،واضيف اليه لاحقا بعد بيانكم وأقوال ناطقيكم الرسميين التنكّر للبوابة الوحيدة التي كانت ستجعل لكم شبهة عبور لصفة الشراكة هذه عبر انكاركم وتنكّركم لكتائب الحسيني والأقصى، طبعا حكومة التوافق إياها برعاية اخينا دولة الرئيس رامي الحمدالله لم تكن بوابة من اي نوع طيلة العدوان وصده سوى بوابة التحسّر على موسم السياحة «الداخلي» الضائع - اذ نحن لسنا لبنان وما عندنا سياحة خارجية باستثناء سياحة من فروا وهرّبوا عائلاتهم- ، وبما أن قيمة تغيير الموقف وهي صمود المقاومة وصبر شعبنا لستم فيها شركاء فلا يحق لكم أبدا أن تطلقوا أية مبادرات من أي نوع “منفردين هكذا”سيما وأن مفعول شرعية انتخابكم قد أصبح تركيز خميرتها صفراً أو قريباً منه، وتبقى كل الازمة عند هذه الفتح التي فقدت« فتحاويتها» وغدت تعتاش على كراريس قديمة لا علاقة لها بها بل وتجرؤ أن تتنكّر لها، لديكم شيزوفرانيا حادة وعليكم الذهاب لعلاجها بأسرع وقت ممكن وشافاكم الله وعافاكم منها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2178053

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مستشار التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178053 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40