الأربعاء 3 أيلول (سبتمبر) 2014

ما هو أصعب من القتال!!

الأربعاء 3 أيلول (سبتمبر) 2014 par صالح عوض

عندما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إحدى معاركه، قال للمسلمين: عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.. أجل إنه الجهاد الأصغر، حيث تحسم نتائجه في أيام أو ساعات أو أشهر، أما الجهاد الأكبر فهو الذي يمتد إلى سنين بل وعقود وأجيال وقرون..

انتصرت المقاومة الفلسطينية في التصدي للعدوان الصهيوني، وانتصرت إرادة الحياة على الموت الزؤام، وأثبت الفلسطينيون أنهم مقتدرون في السير نحو أهدافهم الحقة.. ولعل انتصارهم الباهر هذا عطف عليهم شعوب الأرض، كما ألقى بآثاراه على الكيان الصهيوني مجددا القلق الوجودي لديه حول بقائه أم عدمه.. وافتخر العرب والمسلمون والأحرار بهذه المعركة التي دخلت بلاشك سفر الخلود.

ولكن ما هو أصعب من القتال والمقاومة؟ إنه بلا شك المحافظة على العوامل التي صنعت المقاومة والصمود.. وأول هذه العوامل الوحدة الوطنية التي دفعت بقوى المجموع للتكامل في معركة، أدى كل عنصر منها ما هو ضروري ليكون الفوز نتيجة فعل الجميع ومحصلة القوى.. كما أن الاستعداد المستمر لجولة قادمة أمر ضروري ينبغي عدم إغفاله لحظة من الزمن.. كما أن تفعيل العلاقات الأخوية في المجتمع لخلق حالة التعاطف والتساند لتمتين الصف الوطني واستعصائه على الاختراق.

إن البديل عن الوحدة الوطنية هو التشتت والتنابز والتنازع وانبراء كل فريق لشتم الفريق الآخر والطعن في وطنيته.. وإن البديل عن الاستعداد هو التراخي والاغترار بما تم في الجولة السابقة والانشغال بتوافه الأمور بعيدا عن روح المعركة واحتياجاتها.. كما أن البديل عن العلاقات الأخوية والعدالة الاجتماعية انفراد الأحزاب بمحيطها الحزبي وتقسيم الشعب على ولاءات حزبية وتكريس ذلك بربطه بحاجات الناس لاسيما أصحاب البيوت المهدمة والمنكوبين والأيتام وأسر الشهداء.

إننا إزاء المعركة الكبيرة بل الجهاد الأكبر وإن الذي لا ينجح هنا لن ينجح هناك بأي شكل من الأشكال.. وليس من مبرر أن ينتظر الناس حتى تزول دواعي الحرب فينطلقون للتحذير والتنبيه، بل لا بد من الانتباه والتحذير في الساعات الأولى لحدوث أي خلل، لأننا لا نعبد حزبا ولا نحابي أحدا، ولقد أنزل الله قرانه على المسلمين يعاتبهم ويلومهم على أخطاء في التصور والتدبير ولم تجف دماؤهم بعد.. هنا لا بد من التحذير والتنبيه والنصح والنقد لطريقة الأداء، لأن هذا هو التعبير الأصيل عن الانتماء والحرص.. ومن لا يتسع صدره لمثل هذا السلوك الحضاري يكون غير مقتنع بما يتكلم من أفكار وشعارات.. لا بد من اعتبار أن النقد والتقويم والنصيحة هم الأسلحة الضرورية لنا في أتون المعركة.

يعد ذلك هناك مسألة غاية في الأهمية، هي لغة المقاومة، فبمقدار ما تكون المقاومة متواضعة في شعاراتها والحديث عن إنجازاتها، بمقدار ما تكون أقرب للمصداقية، لأن هذا سيخرجها من دائرة الفوضى والتهويل المضر والذي يحرمها من التصاعد الضروري لتقدمها.. وهذا كله مطلوب لأن الجولات ستتواصل وسيستمر النضال حتى تحرير كل فلسطين.. أولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 63 / 2165557

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

35 من الزوار الآن

2165557 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 31


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010