الثلاثاء 2 أيلول (سبتمبر) 2014

دولة واحدة من النهر للبحر!

الثلاثاء 2 أيلول (سبتمبر) 2014 par حلمي الاسمر

قليلة هي الاعترافات التي تأتينا من جهة «العدو» مسفرة عن وجهه الحقيقي، فالخطاب الإسرائيلي الرسمي يتحدث عن تسويات، ورغبة في المسار السياسي، لكن الحقيقة في مكان آخر تماما، على الأرض هناك سير حثيث نحو خيار واحد فقط: دولة من البحر إلى النهر، مع أقلية عربية محاصرة، منزوعة الحقوق، أبارتهيد آخر، نموذج جديد أشد تنكيلا لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا!
السذج والخبثاء على حد سواء هم من يصدقون أن ثمة نافذة أمل لحل سياسي، أما السذج فهم خارج الحسبة، لأنهم لا في العير ولا في النفير، أما الخبثاء فهم يعتاشون على «الوضع القائم» سواء كانوا عربا أو يهودا، وثمة طرف ثالث يفكر خارج الصندوق الإسرائيلي، حساباته جذرية، يعرف تماما أن «إيلام» العدو والنيل منه، هو فقط من يحقق شيئا على الأرض!
بالأمس بادر المجلس السياسي – الأمني «الكابنيت» بالإعلان عن مصادرة أرض بمساحة تزيد عن أربعة آلاف دونم جنوب مدينة بيت لحم، بغرض ضمها للتجمع الاستيطاني «غوش عصيون» وتسميتها «كأراضي دولة» بزعم أن الخطوة جاءت ردا على قتل المستوطنين الثلاثة قبل نحو شهرين، والهدف: «بناء بلدة كبيرة في المكان» بهدف «خلق تواصل إقليمي بين غوش عصيون والخط الأخضر» كما يقول المستوطنون!
وفق كل المعايير، لا يمكن فهم خطوة ضخمة كهذه إلا كمن يصب طنا من «ماء الثلج» على أقفية كل من يفكر بالمسار السياسي، ولا تحتاج إسرائيل لأي ذريعة لارتكاب هذه الجريمة، فهي سياستها الثابتة منذ احتلالها الضفة الغربية لنهر الأردن عام 1967 ، لكن الجديد اليوم هو هذه المساحة الضخمة التي تتم مصادرتها مرة واحدة، وفي أعقاب «مغازلة» السلطة الفلسطينية لإسرائيل، وتقديم القرابين الفلسطينية لها، كأنها تقول: لا فائدة، مهما فعلتم، فلن نأخذكم على محمل الجد!
بالأمس كتب عوزي برعام عضو الكنيست وسكرتير عام حزب العمل سابقا، مقالا في «هآرتس» مس فيه الغرفة السرية لنتنياهو، حين قال: أكثر الاسرائيليين يشاركون نتنياهو في تشاؤمه العميق الذي يقوم على فرض أننا نعيش في منطقة غير مستقرة لا قيمة فيها للاتفاقات، ولهذا فان اتفاقا سياسيا مع الفلسطينيين غير ممكن في الحقيقة، واذا زدنا على ذلك الزعم الرائج أن العالم كله ضدنا حصلنا هنا على تسويغ الحكم بكامل المعنى: التعبير عن دعم الوضع الراهن، أي «أقعد ولا تفعل». ويستمد هذا التصور من ايمان غامض بأن الزمان سيُحسن إلينا، فنحن نحتفظ بأملاك استراتيجية ولا نقع في فخ السلام، .. والحديث عن معرفة بطيئة عند كثيرين في العالم بأنه لم تعد توجد غاية للمباحثات في فكرة الدولتين، فيفضل أن تُترك المسارات الطبيعية تستنفد نفسها الى أن ينشأ واقع لا رجعة عنه لدولة واحدة من البحر الى الأردن! توجد عناصر متطرفة في اليمين واليسار تعتقد أن هذا الحل هو أقل الشر!
انتهى الاقتباس، ويبدو أننا سائرون حثيثا إلى هذا المآل، فلا يخدعكم أحد بحديث بعيدا عنه، واستعدوا للتعامل معه كواقع لا مناص منه، إلا إذا...!
على الفلسطينيين أن يفهموا جيدا أن هذا ما تسعى إليه سياسة الاحتلال، وأي حديث خارج هذا الإطار مجرد وهم وإضاعة وقت، ومنح الاحتلال المزيد من الفرص للحصول على «حياة» على حساب موتهم، أرضا وبشرا!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178077

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178077 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40