السبت 23 آب (أغسطس) 2014

حرب الاستنزاف الفلسطينية

السبت 23 آب (أغسطس) 2014 par يونس السيد

للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ينتقل الفلسطينيون إلى خوض حرب استنزاف مع قوات الاحتلال والكيان الغاصب، بعدما تمكنوا من كسر هيبة الردع “الإسرائيلية”، وإن لم تتمكن مفاوضات القاهرة من ترجمة الإنجازات التي حققتها المقاومة إلى واقع ملموس يلبي المطالب والاحتياجات الفلسطينية المشروعة .
كانت الخديعة “الإسرائيلية” في مفاوضات القاهرة، التي نفذها قادة الاحتلال طوال أكثر من أسبوعين، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، بمثابة الشرارة التي أعلنت انهيار المفاوضات والعودة إلى حوار السلاح في الميدان . وبما أن العودة إلى المربع الأول باتت ضرورة، بعد أن حاول الاحتلال فرض معادلة “الهدوء مقابل الهدوء”، واستغلال التهدئة لاغتيال قيادات بارزة في المقاومة، استعداداً لإعلان انتصار مزعوم واتخاذ خطوات أحادية الجانب إمعاناً في تضليل الرأي العام العالمي . لكن سرعان ما انكشف الوجه الحقيقي للاحتلال، وبات العالم يدرك حجم الخداع الصهيوني، مع سقوط أقنعة الوفد المفاوض عبر الموافقة على المطالب الفلسطينية في القاهرة ورفضها من “تل أبيب”، لإفساح المجال أمام آلة الاحتلال العسكرية لممارسة المزيد من القتل والتدمير، وإتاحة الوقت لاستخباراته العسكرية لجمع المعلومات وتنفيذ عمليات الاغتيال، وهو ما يفرض على المقاومة العودة إلى خيار استنزاف العدو، كخيار استراتيجي أولاً، ومن أجل تدعيم الموقف التفاوضي الفلسطيني ثانياً، وتأكيد فشل العدوان الصهيوني في تحقيق أي من أهدافه ثالثاً . ولعل هذا الخيار بات هو الأنسب بعد كل هذه المماطلة “الإسرائيلية”، في ظل الدعم الغربي اللامحدود والممتد من واشنطن ولندن وباريس وحتى ميكرونيزيا، إلى جانب الخلل الهائل في موازين القوى، حيث أثبتت تجارب الشعوب وحركات التحرر الوطنية صحة هذا الخيار .
يسعى العدو جاهداً لتجنب هذا الخيار، تارة بالتهديد بإعادة احتلال قطاع غزة، وأخرى باستدعاء المزيد من قوات الاحتياط، ظناً منه أنه قادر على حسم الموقف، فيما تدرك المقاومة أن قوى التحرر التي تبنت حرب العصابات وأساليبها وتكتيكاتها نجحت في نهاية المطاف في تحقيق أهدافها، مهما كان فارق موازين القوى بينها وبين العدو، والأمثلة على ذلك كثيرة من الصين إلى فيتنام والجزائر وحتى نيكاراغوا . لكن السؤال سيظل مطروحاً، هل يستطيع الكيان الصهيوني تحمل مثل هذه الحرب؟ وهل ستظل الحركة في شوارع “تل أبيب” والقدس وحيفا والمستوطنات مشلولة، فيما يعلن مطار اللد “بن غوريون” رسمياً عزلة “إسرائيلية” مفتوحة عن العالم؟ كذلك الحال بالنسبة للاقتصاد والسياحة، وقبلها وبعدها، الشعور بالخوف وانعدام الأمن والاستقرار والرغبة في الهجرة المضادة، وهي كلها عوامل تضغط باتجاه تفريغ الكيان من مقوماته الأهم، ما يعد فشلاً استراتيجياً للحركة الصهيونية ومشروعها الاستيطاني في فلسطين .
نقف الآن على مفترق طرق، فخيار المفاوضات لم يعلن عن وفاته رسمياً بعد، فيما التصعيد مفتوح على مصراعيه، وعلى “إسرائيل” أن تختار إما تلبية المطالب والحقوق الفلسطينية كاملة، وإما تحمل حرب استنزاف طويلة الأمد، قد لا تقوى على تحملها، إلى جانب كل التداعيات المترتبة عليها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 87 / 2181983

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2181983 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 31


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40