الثلاثاء 19 آب (أغسطس) 2014

“ديمقراطية” نتنياهو

الثلاثاء 19 آب (أغسطس) 2014 par د. فايز رشيد

اعتادت “إسرائيل” منذ إنشائها وحتى اللحظة، الادّعاء: بأنها الدولة “الديمقراطية” الوحيدة في المنطقة . نتنياهو رئيس وزراء الكيان صرّح قبل أيام قليلة بعد لقائه حاكم نيويورك الأسبق أندرو كومو، وفي مؤتمر صحفي مشترك بينهما، صرح قائلاً: “إن”إسرائيل“هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ، ديمقراطية تتصرف بطريقة شرعية لحماية مواطنيها” . ومن ناحية ثانية، أعلن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة عن تشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها “إسرائيل” خلال عدوانها على غزة . وأوضح المجلس في بيان له أن اللجنة ستشكل برئاسة القاضي الدولي ويليام شاباس .
وبمجرد الإعلان عن تشكيل اللجنة، سارعت “إسرائيل” إلى مهاجمتها، وكيل الاتهامات لرئيسها . فقد أعلن الناطق باسم الخارجية “الإسرائيلية”: “أن الوزير ليبرمان ورئيس الحكومة نتنياهو أكدا أن مجلس حقوق الإنسان تحول منذ فترة طويلة إلى مجلس لحقوق الإرهابيين، معتبرين أن نتائج تحقيقاته معروفة سلفاً” . الصحف “الإسرائيلية” عن بكرة أبيها هاجمت اللجنة ورئيسها . وقالت صحيفة: “هآرتس” حول الموضوع: “شاباس معروف بآرائه الناقدة ل”إسرائيل“، ولا يمكنها أن تتوقع العدالة من لجنة من هذا النوع . وأضافت أنه كان قد دعا في الماضي نتنياهو وبيريس إلى المحكمة الدولية بتهمة، ارتكاب جرائم حرب . كما أن شاباس أيد تقرير لجنة غولدستون وأشاد به واعتبر أن القاضي الدولي يستحق جائزة”نوبل“للسلام . كما قال العام الماضي في مؤتمر في نيويورك: كنت أود أن أرى نتنياهو يقف في قفص الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية” .
نتنياهو كعادته انتقد اللجنة الدولية، ومجلس حقوق الإنسان الذي شكّلها، معتبراً “أن الأولى بالمجلس فتح تحقيق دولي في هجمات”حماس“ضد المدنيين”الإسرائيليين“، وفي مجازر سوريا وغيرها” .
بداية، من الضروري التأكيد أنني لن أخوض في البحثين النظري والعملي حول حقيقة “ديمقراطية”إسرائيل“”، فحول هذه المسألة صدر لي كتاب في عام 2006 بعنوان: “زيف ديمقراطية”إسرائيل“”، وقد لاقى اهتمام القارىء العربي بالقضية المطروحة، لذا ستنصب مقالتي هذه على الحقائق “الإسرائيلية” فقط التي ترد على ادّعاء نتنياهو، ولن أكتب عن الشهداء والجرحى والعائلات التي أبيدت عن بكرة أبيها بفعل المذابح “الإسرائيلية”، والبيوت التي هُدّمت، والأحياء التي جرفت في قطاع غزة، ونصف المليون فلسطيني الذين شردوا في القطاع بفعل العدوان الصهيوني الأخير . فهذه الحقائق باتت معروفة للقاصي والداني، والصغير والكبير، وانتشرت إعلامياً بشكل كبير . كل هذا يتناقض مع المبادىء الديمقراطية التي تدعيها “إسرائيل”! .
خلال أيام العدوان، نشرت الصحف “الإسرائيلية” جميعها، عريضة وقعها 350 أكاديمياً “إسرائيلياً” ينددون فيها بسياسة تكميم الأفواه التي تمارسها الحكومة “الإسرائيلية” وإدارات الجامعات ضد معارضي الحرب على غزة (وخاصة ضد الأكاديميين والطلاب) . قال الأكاديميون في عريضتهم: “إننا نندد باستدعاء أكاديميين وطلاب من الجامعات”الإسرائيلية“إلى - محاكم تأديبية - تشكّلها الجامعات بعد رصد ما كتبه ويكتبه بعضنا على شبكات التواصل الاجتماعي، بعد إغلاق المنابر الحكومية والإعلامية”الإسرائيلية“في وجوهنا للتعبير عن وجهات نظرنا . إننا نندد بالتهديدات الأمنية التي تصل إلى العديدين منا، لأننا نعارض الحرب على غزة . إن أي صوت يشذ عن الإجماع يجري إسكاته، وأي شخص يختلف مع الرأي العام السائد تجري مهاجمته، سواء كان بالكلام أو القبضات . وفي الوقت الذي يحارب جنودنا في قطاع غزة، تعاني الديمقراطية”الإسرائيلية“ضربات موجعة . إننا ندعو للعودة إلى اتخاذ زمام الأمور وقيادة النضال من أجل مجتمع ديمقراطي، انفتاحي، تعددي، إننا نطالب بحرية التعبير، وعدم إسكات الكلمة بأي حال من الأحوال” هذا هو جوهر عريضة الأكاديميين . ما يقوله هؤلاء يتعارض ويتنافى مع أبسط الأسس الديمقراطية .
ومن ناحية أخرى تصدر “المنظمة”الإسرائيلية“لحقوق الأقلية العربية في”إسرائيل“- عدالة”، تقارير دورية تتضمن التمييز “الإسرائيلي” الممارس ضد العرب في أراضي 84_D . تقول المنظمة في تقاريرها: في “إسرائيل” يوجد20 قانوناً تمييزياً ضد العرب، منها 12 قانوناً تميز ضدهم بشكل واضح وصريح، إضافة إلى 8 قوانين تمييزية بشكل غير مباشر ضدهم (العرب) . هذا كان حتى عام 2008 . وبعد ذلك تورد المنظمة في تقاريرها المتعددة: أنه في السنوات الأخيرة وخاصة في السنتين الأخيرتين (الدورة 19 للكنيست وسيطرة اليمين المتطرف والديني والفاشي عليها) جرى سن 8 قوانين عنصرية جديدة في الكنيست ضد العرب . “إسرائيل” تفتقر إلى دستور مكتوب، وتستعيض عن ذلك بسن الكنيست “قوانين أساس”، كما أنها تعاني تدخل المؤسستين الدينية والعسكرية
في الحياة السياسية “الإسرائيلية” . هناك في “إسرائيل”
أعراف فعلها فعل القوانين: يهود غربيون (ذوو امتيازات) وشرقيون يعانون التمييز، وفالاشا من اليهود السود،
لا تقبل مختبرات وزارة الصحة “الإسرائيلية”، تبرعهم بالدماء (فقط لأن لونهم أسود)، وقد جرى إتلاف الدماء التي سبق أن تبرعوا بها، بدعوى احتمال احتوائها على فيروس الإيدز ! (وكأن المختبرات “الإسرائيلية” غير قادرة على اكتشافه)! . قانون الرقابة العسكرية على النشر والمعلومات أثناء حروب “إسرائيل”، فبموجب هذه القوانين إن كل المطبوعات تخضع للرقابة كما المعلومات . هذا أيضاً يتعارض والأسس الديمقراطية .
ما نقوله هو غيض من فيض، من زيف ادعاء “إسرائيل” وقادتها “بديمقراطية وإنسانية” دولتهم! ويتناقض بشكل رئيسي مع ما كرره نتنياهو في مؤتمره الصحفي المذكور . وأخيراً، وباختصار: الدولة الديمقراطية لا ترتكب المذابح ولا الإبادة الجماعية بحق الآخرين، كما تنصاع إلى القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، وتطبق القرارات الصادرة من المنظمات والهيئات الدولية التابعة لها . . و“إسرائيل” تمارس عكس كل ذلك، فهل هي دولة ديمقراطية حقاً بعد كل هذا الذي ترتكبه!؟ سؤال برسم الإجابة عنه من كل من يعارض هذا التحليل .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165950

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165950 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010