السبت 16 آب (أغسطس) 2014

هل تسرق مصر انتصار المقاومة؟

السبت 16 آب (أغسطس) 2014 par حسين لقرع

هناك تخوّفٌ شديد ينتاب الفلسطينيين وكل محبي المقاومة من أن تؤول المفاوضات الجارية في القاهرة، إلى سرقة انتصارها والالتفاف على مطالبها العادلة وفي مقدمتها رفع الحصار وفتح المعابر وبناء ميناء ومطار...

لقد وقف النظام المصري إلى جانب الاحتلال، وأيّد عدوانه على غزة، وقدّم مبادرة مشبوهة منحازة إليه بشكل سافر، فساهم بذلك في إطالة أمد الحرب وسقوط 12 ألف ضحية بين قتيل وجريح وإحداث دمار هائل في القطاع. وبعد انطلاق المفاوضات، رفض حتى أداء دور “الوسيط المحايد” ووقف إلى جانب العدو، حتى أن عدداً من الإعلاميين الصهاينة اتهموه بتعمّد عرقلة المفاوضات للخروج باتفاق لا يلبِّي مطالب حماس، في حين يتحرّق سكانُ المستوطنات القريبة من غزة شوقا إلى نهاية الحرب للعودة إلى بيوتهم.

ومنذ أيام وصف الصحفي بجريدة “يديعوت” أليكس فيشمان، مفاوضات القاهرة بـ“السيرك” وأكد أن مدير المخابرات المصرية لا يتحدّث مع وفد حماس إطلاقاً ويكتفي بالتعامل مع عزام الأحمد، ويبرِّئ فيشمان ضمنياً الوفدَ الصهيوني من تهمة التماطل وعرقلة المفاوضات، ويؤكد أن “المصريين هم الذين ينكِّلون بحماس ويرفضون كلَّ مطالبها بشكل فظ”، وإذا استحضرنا أيضاً تصريح وزيرة العدل تسيبي ليفني، بأن هناك اتفاقاً بين حكومتها ومصر على “خنق حماس”، فإنه يمكن الاستنتاج دون عناء أن المراهنة على مفاوضات القاهرة للتوصّل إلى اتفاق يلبي مطالب المقاومة، هي في غير محلها؛ إذ لا يمكن أن ننتظر من نظام تحوّلَ إلى “حليف إستراتيجي” للكيان الصهيوني كما وصفه نتنياهو، أن يضغط على “حليفه” ليقدّم تنازلاتٍ حقيقية للفلسطينيين، وهو الذي يغلق معبر رفح للضغط عليهم عوض أن يفتحه للضغط على الصهاينة.

أسلوب “الهدنات المتواصلة” الذي تعتمده مصر لا يبشّر بالخير، ويهدف إلى تليين مواقف أصحاب الحق خلال المفاوضات ودفعْهم إلى تقديم التنازل تلو الآخر بمرور الأيام، إلى غاية الوصول إلى اتفاق لا روح فيه ولا يلبّي المطالب الرئيسة للمقاومة.

وحينما يؤكد خالد البطش، أحدُ أعضاء الوفد المفاوض، أنه لم يتمّ تحقيق أي تقدّم جدي في المفاوضات حول أيّ نقطة، فإن هذا يعني أن هذه المفاوضات، وأسلوب “الهدنات المتعاقبة”، ليست سوى مصْيدة للمقاومة للقبول باتفاق لا يستجيب لمطالبها.

وإذا انتهت الجولة الثالثة من المفاوضات ليلة الإثنين ولم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي وفق أهمّ شروط المقاومة، فالأفضل لها أن تنسحب منها نهائياً ولا تقبل بهدنة رابعة أو بتوقيع اتفاق ذليل يسرق نصرها، كما تريد مصر قبل الصهاينة.

لقد قال الصهاينة بوضوح أنه ينبغي الاستثمار جيداً في قيام “التحالف الاستراتيجي” بين كيانهم ومصر وثلاث دول عربية أخرى، لحرمان حماس من تحقيق أيّ انتصار سياسي في المفاوضات، ولذا يُرجح أن تنتهي الجولة الثالثة أيضاً من المفاوضات ليلة الإثنين دون التوصّل إلى اتفاق نهائي وفق أهمّ شروط المقاومة. وفي هذه الحال، الأفضل لها أن تنسحب من “سيرك” المفاوضات نهائياً ولا توقع اتفاقاً ذليلاً يسرق نصرها، كما تريد مصر قبل “حليفها”.

وللمقاومة بعد ذلك أن توقف القتال لإعادة بناء ما تهدّم وتضميد جراح السكان والاستعداد للحرب القادمة، أو أن تشنّ حرب استنزاف على العدوّ تدوم أشهراً أو سنوات، من خلال إطلاق أعدادٍ محدودة من الصواريخ على مستوطناته ومدنه يومياً، لإجباره على الإذعان لمطالبها وشروطها وفكّ كل القيود عن غزة وسكانها، حتى وإن كان ثمن هذا النوع من الحرب باهظاً بدوره.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 95 / 2165243

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165243 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010