الثلاثاء 29 تموز (يوليو) 2014

أمن «إسرائيل» مسؤولية عربية..!

الثلاثاء 29 تموز (يوليو) 2014 par عادل أبو هاشم

ثلاثة أسابيع مرت على العدوان الصهيوني على قطاع غزة خاض فيها العدو المباريات الدموية والعمليات العدوانية الضارية ضد أطفال ونساء وشيوخ ومساجد ومستشفيات القطاع بجدارة وامتياز لتحقيق حالتي الرعب والاحباط في الوطن العربي، ونحن نخوض - وبجدارة وامتياز ايضاً - المباريات الكلامية وبيانات الشجب والاستنكار والادانة لتثبيت حالتي الرعب والاحباط في الأمة العربية..!

رفعنا شعار أنا استنكر إذن أنا موجود..!

ورفع العدو شعار أنا اقتل إذن أنا موجود..!

لهذا كان الفشل والإخفاق هو البند السري في حروب العرب وسلامهم..!

ولأننا أمة لا تحترم إلا موتاها، فقد اراد العدو ان يسدي لنا خدمة بقتل المزيد من الفلسطينيين حتى يلتقي قادة العرب..!

صحيح اننا نعيش في عصر المستنقعات، والجهود العربية المبذولة للخروج منها تدعو إلى الرثاء وتثير الاشمئزاز إلى أقصى حد..!

وصحيح أيضاً ان الأمة العربية تتخبط بسياسات مرعبة أدخلت في عقولنا بان السياسة هي الاختيار بين السيئ والأسوأ، وادخلت مبررات للتخلي عنى واجباتنا الوطنية متكئين على مقولة تصف السياسة بفن الممكن..!!

ولكن هل يشفع ذلك بان يصبح أمن «إسرائيل» مسؤولية عربية تحت شعار الواقعية التي تعمقت وتعممت بشكل يثير اليقين بان أمن «إسرائيل» هو فعلاً مسؤولية عربية..؟!

كيف اصبحت قضية أمن «اسرائيل» محسومة وغير قابلة للنقاش..؟!

ألم يكن هدف «المبادرة المصرية» المحافظة على أمن وسلامة «إسرائيل» وتصب في مصلحة الاحتلال رغم ما أعلنه البعض من ان «المبادرة المصرية» هي للمحافظة على سلامة وأمن الفلسطينيين..؟!

ألم يقل المعلق العسكري «الإسرائيلي» (رون بن يشاي): «مصر تعمل لصالحنا»..؟!

(للتذكير فقد صرح وزير التجارة والصناعة الصهيوني بنيامين بن أليعيزر لإذاعة جيش الاحتلال في أعقاب الزيارة التي قام بها إلى مصر برفقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولقاءه بالرئيس المصري في 3 / 5 / 2010 بأن حسني مبارك بمثابة كنز استراتيجي بالنسبة لـ«إسرائيل»)..!

كيف نجحت «إسرائيل» في حملتها الدعائية، وأصبح الجميع يبارك ذبح 1.8 مليون إنسان «معظمهم أطفال ونساء محاصرون من كل الجهات»، ويتحدثون فقط عن حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها لدرجة القتل..؟!

(صحيفة أمريكية نشرت في صفحتها الأولى صورة لجنود صهاينة يقفون خافضي الرؤوس شاعرين بالقلق وهم يسمعون صفارات الإنذار، وتجاهلت أنه في اللحظة نفسها أطلقت سفينة «إسرائيلية» قذيفتها على أربعة أطفال كانوا يلعبون على شاطئ غزة قتلوا جميعاً بلا رثاء، وفصلت محطة تليفزيونية مراسلها لأنه هبط مفزوعاً يحاول تدليك قلب أحدهم، وتم أيضاً فصل مذيعة أخرى لأنها روت كيف يجلس «الإسرائيليون» في مستوطنة «سيدروت» فوق تل مرتفع ليستمتعوا بمشاهد ضرب غزة)..!

أما من لم يحسم أمره في الوطن العربي فعليه ان يواجه تهم المزايدة والحماقة والخيال والتشكيك، والخروج عن الموضوعية، وعدم القدرة على استيعاب المتغيرات الدولية، وعدم فهم النظام العالمي الجديد، وعدم الاستفادة من دروس حرب الخليج وما حصل في البوسنة وكوسوفو والصومال وافغانستان ورواندا والشيشان وما يقع في ليبيا وسوريا واليمن..! حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الشماتة بالدم الفلسطيني..!!

وإلى متى سيستمر الفلسطينيون في تعداد شهدائهم حتى يستيقظ القادة العرب..؟!

واذا كانت المذابح اليومية في فلسطين هي لتأكيد النظرية القائلة بان السلام يزهق ارواحاً أكثر من الحرب، فهل هذا يعنى بان الفلسطينيين يكرهون السلام لدرجة انه لابد من إبادتهم..؟!

وكيف وضع العرب انفسهم بين خيارين احلاهما مر:

بين سلام يفضي إلى حروب، أو حرب تفضي إلى السلام..؟!

وكم يجب ان تقتل «إسرائيل» من الفلسطينيين كي يستقر السلام وتسود الرفاهية والطمأنينة المنطقة..؟!

وهل يمكن أن ندرك العربدة «الإسرائيلية» في بلاد العرب طوال ستة عقود ونحن نتسابق بإطلاق قنوات العهر الفضائية..؟!

ان المراقب لكل الممارسات «الإسرائيلية» منذ احتلالها للأرض العربية وبعد اتفاق أوسلو وإلى هذه اللحظة يكتشف بوضوح ودون ان يكون هناك مجال لأي شك ان هذه الممارسات عملت باستمرار على اعتبار ان العرب هم الطارئون في هذه المنطقة، وان «إسرائيل» هي الأحق والأولى بأخذ كامل المكانة والهيمنة والسيطرة في «الشرق الأوسط»، وبدءاً من مذبحة دير ياسين التي ارتكبتها «إسرائيل» عند تأسيها، مروراً بمجزرة قانا التي نفذتها في الذكرى المئوية لها وانتهاء بالمجازر والمذابح التي ترتكب هذه الأيام ضد اطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة، نجد دور الثقافة التي يعتمدها حكام صهيون المتسمة بالعنف والتي سادت كل مراحل تكوين «إسرائيل» والتي تنظر إلى العرب على انهم أمة أوجدت للقتل فقط..!

تدرك «إسرائيل» أن فشلها يكمن في وجود غزة وأهلها، مجرد وجودهم فقط يمثل خطراً على مستقبلها، فهي تعلم جيداً أن وجودها لن يكون آمناً إلا إذا أبادت أهل البلاد الأصليين عن بكرة أبيهم، واستولت على فلسطين بكامل حدودها التاريخية، وقد تعلمت الدرس جيداً من تجارب الاستعمار الاستيطاني السابقة، فقد نجح البيض في أمريكا لأنهم أبادوا الهنود الحمر، ونجحوا في أستراليا لأنهم استأصلوا السكان الأصليين «الأبوريجين»، بينما فشلت فرنسا في الجزائر والبيض في جنوب إفريقيا لأن السكان الأصليين بقوا وصمدوا وواصلوا التمسك بأرضهم.

إن مطالبة «إسرائيل» بالالتزام بتعهداتها، والكف عن قتل الفلسطينيين لن تجدي نفعاً، فكم طالبنا.. وكم تحدثنا.. وكم أصدرنا بيانات مشتركة ومتفرقة في هذا الشأن دون ان تستجيب «إسرائيل» لأية مطالب أو حديث..؟!

الأمة العربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى ان يذهب القادة العرب إلى ما هو ابعد من بيانات الشجب والاستنكار، نحن بحاجة إلى ان يضع القادة العرب البوصلة في اتجاهها الصحيح أولاً، ومن ثم يبدأ العمل الجاد والمثمر لمواجهة كل التحديات وعلى كل المستويات، وان نتحرر من نظرية ان العرب ظاهرة صوتية فقط ، ولن يخسر القادة العرب شيئاً لو جربوا - مرة واحدة فقط - الاحتكام إلى ضميرهم بدل الواقعية التي اعتقدوا ان فيها طريق الخلاص من قضية العرب الأولى..!

الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي موعد تفعيلهما هو الآن، وليس في زمن آخر لا يبق فيه سوى الأطلال، وسخرية شعوب العالم من عجزنا وانبطاحنا..!

وإلا فإن دورهم آت، جماعياً أو فرادى، لتبقى «إسرائيل» على الرافعة الأمريكية هي المسيطر وهي المهيمن، هي من يقتني السلاح المدمر، وهي من يستخدمه، ولا تكتف بذلك بل تعلن أنها تمتلك من السلاح النووي وما هو أشد فتكاً وتدميراً..!

فما لدى الكيان الصهيوني من أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية لم يعد سراً، ومع ذلك فإن هذه الفضيحة لا تثير أحداً من جماعة «الشرق الأوسط الكبير»، لا سياسياً ولا عسكرياً..!

وكأن هذه الأسلحة مجرد حمامات سلام «تحلق في فضاء الجيران» والمنطقة كلها تنثر الورود والياسمين في خدمة التسوية الموعودة..!

أشك بأن أعداءنا «عباقرة».. كل ما في الأمر أننا نحن «العاجزون»..!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165528

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عادل أبو هاشم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165528 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010