السبت 24 تموز (يوليو) 2010

تحذير لبناني من رام الله

السبت 24 تموز (يوليو) 2010 par ساطع نور الدين

لم تفلح اجتماعات المجلس الثوري لحركة «فتح» التي اختتمت امس في رام الله، في اثارة الانتباه الى ان هناك حزباً حاكماً او تنظيماً سياسياً يمثل عمق السلطة الفلسطينية ومخزونها الاساسي ينعقد على احد مستوياته القيادية للتداول في اوضاعه الداخلية وخططه وبرامجه. كان الانطباع العام هو ان ثمة حركة اجتماعية ـ اقتصادية تعيش على ماضيها العريق، وتستمد قدرتها على الاستمرار من قوة الدفع الذاتي، ومن الحاجة الفلسطينية والرغبة العربية والمصلحة «الاسرائيلية» والدولية في وجود مفاوض فلسطيني ما، او في عدم تغييب هذا المفاوض.

عندما كان المجلس الثوري اسماً على مسمى، لم يكن انعقاده يثير هذا اللغط او الالتباس، ولم تكن الخلافات الداخلية التقليدية تحسم فقط بالانضباط وفق تعليمات القائد الراحل ياسر عرفات وتوجيهاته. صحيح ان تلك الخلافات لم تتخذ يوماً طابعاً فكرياً او ايديولوجياً، لكن مضامينها السياسية كانت جدية جداً، وكذلك كانت رسائلها الموجهة الى الآخر، سواء كان عدواً او شقيقاً او صديقاً. الآن صار النقاش حول الاموال وادارتها والوظائف ورواتبها، هو الهاجس الاكبر، ما دامت المفاوضات مع «اسرائيل»، مباشرة كانت او غير مباشرة، تنحصر في حلقة ضيقة داخل الحركة، ولا تحفز الاعضاء على المراقبة او المحاسبة، ولو الشكلية، التي يمكن ان تفيد المفاوض الفلسطيني وان تخدع العدو «الاسرائيلي»!

هي مهمة الرئيس محمود عباس ومسؤوليته وحده. وهو يعرف كيف يديرها بناء على معطيات سياسية يجمعها من التنقل والتواصل مع العواصم المعنية.. وهو يحدد موعد الانتقال من التفاوض غير المباشر الى التفاوض المباشر، وشروطه التي كررها في اجتماعات رام الله الاخيرة، ولا يتوهم احد انه يستطيع الالتزام بها طويلاً، بعد ان يأتي الطلب الاميركي الملح، الذي يكون في العادة مرفقاً بتهديد «اسرائيلي» صريح وتشجيع عربي اشد صراحة.

لن يبقى في الذاكرة من اجتماعات المجلس الثوري الاخيرة سوى المتاهات الداخلية التي تدفع حركة «فتح» نحو الهاوية، من دون ان تفككها او تنهي وجودها.. وبعض المحطات اللبنانية المفاجئة التي ادرجت فجأة على جدول اعمالها، عندما اعترف الجميع بفشل الحركة في معالجة اوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وعندما توج الرئيس عباس نفسه هذا الاعتراف بالتحذير المثير من امكان تورط او توريط فلسطينيي لبنان في الاضطرابات التي توقع حصولها في الخريف المقبل، في اعقاب صدور القرارات الظنية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

لم يكن تقدير عباس يأتي من فراغ. ثمة كلام كثير عن ان المخيمات ستكون طرفاً وشريكاً في هذه الاضطرابات، من دون ان يدري احد ما اذا كان ذلك يعني الفتنة المذهبية بالتحديد، بحسب ما يحلو لبعض اللبنانيين تصنيف الفلسطينيين.. ام انه يدخل في سياق سياسي ابعد يتصل بالصراع حول دور لبنان ومقاومته وسلاحه. والارجح ان عباس لم يكن يحذر حركة «فتح» وحدها ولا كان ينذر فلسطينيي لبنان من ان يكونوا في «بوز المدفع»، بل كان يخاطب كل من يمكن ان يستخدم المخيمات وسلاحها الذي جرده الرئيس الفلسطيني مرة اخرى من شرعيته.

التحذير الآتي من رام الله وسع دائرة القلق السائد في بيروت.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 54 / 2165450

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165450 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010